في مناقشة دراسة تكشف عن تناقض مواد الدستور مع بعضها ومع المواثيق الدولي

في مناقشة دراسة تكشف عن تناقض مواد الدستور مع بعضها ومع المواثيق الدولي

> صنعاء
استغرب الدكتور محمد نعمان وجود 7 مواد في قانون الصحافة والمطبوعات تقضي بعقوبات على كافة العاملين في الصحافة ومؤسسات والنشر والتوزيع والترجمة. وقال: "هذه المواد لم تستثنِ إلا القراء من العقابـ".
وأكّد أستاذ القانون الدولي المساعد بجامعة صنعاء أن عدداً من مواد الدستور اليمني تتناقض مع بعضها البعض، مشيراً في هذا الصدد إلى المادة السادسة منه التي تلزم الدولة بكافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية، وتتناقض مع المادة التي تقضي بكون الشريعة الإسلامية مصدر كافة التشريعات القائمة في البلد.
واستعرض نعمان دراسته عن مدى توافق القوانين والتشريعات اليمنية مع المواثيق الدولية والقانون الدولي العام، في ندوة لمنظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات بالتعاون مع الحكومة الألمانية وسفارتها في صنعاء، وخصصتها لمناقشة الدراسة وإثرائها تمهيداً لإصدارها في كتاب.
وأوضحت الدراسة عدداً من العيوب والاختلالات المقيدة للحريات في قانون الصحافة الذي عدّته تسويغاً لمحاكمة الصحف الورقية فقط، وأوضحت أن عدم ورود وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في مواده يهدف إلى تقييد الصحف الورقية التي لا تملكها الدولة، وبالتالي فهو يمنع امتلاك وسائل إعلام غير ورقية.
وكشف نعمان في سياق الدراسة عن تناقض قانون الصحافة مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مشيراً إلى إفراد 11 مادة في قانون الجرائم والعقوبات لمعاقبة الصحفيين، بالإضافة إلى مواد قانون الصحافة، والتي قال إنها في مجملها تتفق على انتهاك حرية الرأي والتعبير، وحرية الصحافة خصوصاً، ممثلة خروجاً صريحا على الدستور، ومخالفة لمواثيق الدولية.
وذكر الباحث أن مفهوم حرية الرأي والتعبير يقضي بضرورة منح المختلفين الحق في أن يعبروا عن آرائهم أياً كانت خارجة عن المألوف أو شديدة النقد أو تفتح أبوابا وموضوعات قد تعد شائكة وصعبة في مجتمع ما أو في وقت ما من الأوقات، مستغرباً أن تكون الرؤى العقابية في القانون قائمة على تجريم الآراء والأفكار.
ونوه إلى أن الأسوأ مما في القانون أن هناك ممارسات حالية تتم خارج نطاقه، وتتم بناء على أوامر إدارية أو توجيهات أمنية عليا من اعتقال للصحفيين ومصادرة للصحف وكذا إخفاء قسري، تعد بالأساس مخالفة للمادتين 47، و48 من القانون.
وعن مدى التزام اليمن بالاتفاقيات الدولية عن حرية الرأي والمعتقد قال نعمان: "كان من الواجب على الجمهورية اليمنية أن تضمّن دستورها، وبما يتوافق مع المادة السادسة منه، نصاً صريحاً يعترف ويؤسس لحماية دستورية للحريات والحقوق الدينية وحرية المعتقد، وبما يؤكد التزامها بتعهداتها الدولية، ويبرهن صدقها وعزمها على تنفيذ ما توقع عليه من اتفاقات دولية، لكنها لم تفعل، وبدلاً من ذلك تضمن الدستور نصاً عاماً لا يوحي بالشمول بقدر ما يوحي بالابتسار، فقد تضمنت المادة 42 من الدستور القول بأن: "لكل مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حدود القانون".
وذكر أن المعايير الدولية لا تقضي بفصل الدين عن الدولة، لكنها تطالب بعدم انتهاك حقوق الأقليات، وهي ما تم إغفالها في الدستور اليمني بمواده الجديدة، التي تعمدت إلغاء نص دستوري قديم بأن المواطنين جميعا متساوون أمام القانون، واستبدالها بأن جميع المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات. وهو ما اعتبره الباحث تراجعاً خطيراً ويتناقض مع المادة السادسة من الدستور اليمني. كما عده سبباً في تناقض الكثير من المواد الدستورية، منتقداً تعنت الدستور في منع وصول شخص من الأقليات الدينية إلى منصب رئاسة الدولة باشتراطه العقيدة الإسلامية في رئيس الجمهورية.
وحمَّل الباحث في تناوله لقضية البرلمان، مجلس النواب مسؤولية حماية الحقوق والحريات، بصفته التشريعية والرقابية على أداء السلطة التنفيذية، مطالباً إياه برفع سقف الحريات.
وذكر باسم الحاج أن الثقافة العربية والإسلامية تتنافى مع المواثيق الدولية، كونها لا تحمل تصريحات حقيقية بمعنى حرية الرأي والتعبير، بل إنها تحمل إرثاً استبدادياً وتجريمياً بشأن تلك الحقوق والحريات.
وانتقد الحاج عدم تحليل الدراسة موضوع النقاش للبيئة السياسية الاجتماعية التي أنتجت مجلس النواب الذي يقوم بالتشريع وسن القوانين المنتهكة للحريات.
وطالب بإلغاء وزارة الإعلام التي عدّها أحد معيقات التحول الديمقراطي، مشدداً على ضرورة قيام الدراسة بفرز طبيعة الممارسات السياسية والاجتماعية التي أنتجت المواقف السلبية للبرلمان تجاه حرية التعبير.
وكان رئيس منظمة التغيير البرلماني أحمد سيف حاشد انتقد تعرض حرية الدين والاعتقاد في اليمن للخنق والتضييق.
واتهم حاشد السلطة بانتهاك حرية الصحافة بصورة بشعة وفاجعة، واستخدام القضاء لاغتيالها والقضاء عليها بقرارات وأحكام جور.
وقال: "الحريات في اليمن تُنتعل وتداس بشكل يومي وتستباح على نحو صارخ لا يشفع لها إعلان أو دستور أو قانون".