على خلفية قضية ضابط كويتي يحاكم في صنعاء، ويحظى باهتمام رفيع المستوى

على خلفية قضية ضابط كويتي يحاكم في صنعاء، ويحظى باهتمام رفيع المستوى

تلويح برلماني بمحاسبة الحكومة، ونائب سابق يربط بين القضية
وموقف الكويت من انضمام اليمن للخليج
حازت قضية مواطن كويتي يحاكم في اليمن على اهتمام الحكومة والإعلام وأعضاء في البرلمان. وفيما حظيت القضية بمتابعة رفيعة المستوى من قبل عدد من الوزراء وكبار المسؤولين، تُتهم الحكومة الكويتية ممثلة بوزارة خارجيتها وسفارتها في صنعاء، من قبل بعض النواب والناشطين السياسيين والحقوقيين، بالتقصير في أداء واجبها، ومتابعة قضية المواطن الكويتي. ووعد نائب برلماني كويتي بتحريك القضية في مجلس الأمة. وتزامنا مع ذلك كانت هذه المناسبة فرصة لبعض المتعاطفين للنيل من الحكومة الكويتية بسبب انفتاحها على اليمن المصنفة كإحدى دول الضد منذ حرب الخليج عام 90، في حين بدت الحكومة مهتمة ومتابعة للقضية، وفي ذات الوقت مقدرة للتجاوب الرسمي اليمني، ومثمنة للتعاون الذي أبداه المسؤولون مع مساعي سفارة الكويت في صنعاء في إطلاق سراح الضابط.
وتظاهر الأربعاء الماضي أهالي الضابط الكويتي الحميدي العجل الشمري، أمام مبنى السفارة اليمنية في الكويت، مطالبين بإعادته، مشيرين إلى أن استمرار بقائه في اليمن يشكل خطراً على حياته. فيما تحدث محامي الضابط الكويتي عن رفع دعوى قضائية ضد وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح وسفير الكويت في صنعاء سالم الزمانان، مطالبا بالتحقيق معهما في أسباب «حجز حريته»، باحتجاز جواز سفر موكله بالمخالفة للدستور والقانون.
وقد أعادت السلطات الأمنية في صنعاء اعتقال الضابط بتهمة إزعاج السلطات وتقديم بلاغ كاذب وتشويه سمعة اليمن إعلاميا، وذلك بعد أن تقدم الجمعة قبل الماضية ببلاغ يفيد بتعرضه لمحاولة اغتيال، من قبل مسلح ترجل من سيارة وباشر إطلاق 6 طلقات نارية عليه أخطأته جميعها وأصابته واحدة في فخذه حسب زعمه، غير أن التحقيقات اليمنية، التي عُرضت أولاً بأول على وفد أمني كويتي، خلصت إلى أن القصة مفبركة وهدفت إلى الضغط على سفير الكويت وإحراجه من أجل السماح للضابط الكويتي بمغادرة اليمن، حيث ينتظر محاكمة استئنافية على ذمة قضية مخدرات، بُرّئ منها في المحكمة الابتدائية، وأفرج عنه بضمان سفارة بلاده بعدم تمكينه من مغادرة البلاد.
وحسب مصدر يمني فإن المتهم يخشى أن تكون حظوظه في الاستئناف مختلفة تماماً عن المحكمة الابتدائية، لذا فهو يسعى لمغادرة اليمن والهرب كما فعل من قبل أخوه الذي حوكم غيابيا في ذات القضية، وحكم عليه بالسجن 25 عاماً.
وشغلت القضية حيزاً كبيراً في اهتمام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في الكويت لبضعة أيام، وتصدر الخبر تلك الوسائل منذ أبلغ الحميدي عن القضية، وتعرضت وزارة الخارجية الكويتية لانتقادات حادة من قبل وسائل الإعلام، وبرلمانيين ومنظمات حقوقية، متهمة إياها بالتقصير في متابعة القضية، وتجاهلها. وطال النقد سفير الكويت في صنعاء سالم الزمانان الذي اتُّهم بحجز حرية مواطن كويتي برأه القضاء اليمني، والتقصير في متابعة القضية.
وأخذت القضية تصعيداً متواتراً إلى نهاية الأسبوع الماضي، حيث بدأت تتشكل قناعة لدى الإعلام والرأي العام في الكويت أن محاولة الاغتيال قصة مفبركة هدفت في المقام الأول لإحراج السفارة الكويتية والضغط عليها لإعادة الضابط الكويتي الحميدي العجل الذي يحاكم في صنعاء على ذمة قضية مخدرات، وقد صدر الحكم الابتدائي من المحكمة الجزائية المتخصصة ببراءته، لعدم كفاية الأدلة، فيما قضى الحكم بسجن أخيه غيابيا 25 عاماً، بعد أن تمكن من الفرار من اليمن إلى السعودية.
وتحولت تبعات هذه القضية إلى مناسبة جديدة للنبش في العلاقات اليمنية الكويتية من قبل بعض النواب الكويتيين، رغم أن وزارة الخارجية الكويتية أثنت على تعاون السلطات اليمنية. وفي مهرجان خطابي لنقابة المحامين الكويتيين التي تتبنى حملة وطنية "لإنقاذ المواطن الحميدي الشمري"، قال مسلم البراك النائب الكويتي المعارض، الذي يعد من أبرز الوجوه البرلمانية الناقدة للحكومة الكويتية في سياساتها التي يأتي منها انفتاحها على اليمن المصنفة من دول الضد، ويطلق من وقت لآخر تصريحات حادة ضد النظام اليمني، "إن قضية الشمري نموذج واضح يفضح ضعف الخارجية الكويتية تجاه الآخرين"، مؤكدا أن وزارة الخارجية تتبع سياسة خجولة، واصفا دور وزير الخارجية بـ"الغائبـ"، متسائلا: "هل أصبح المواطن الكويتي لا يمثل قيمة لوزير الخارجية، أم أن الخارجية الكويتية أصبحت تزن المواطنين حسب نفوذهم؟".
وتابع البراك: "الشيء الغريب في هذه القضية أن القضاء اليمني أصدر حكمه ببراءة الشمري وأثبت أن القضايا التي سجن بسببها كانت ملفقة من ضابط يمني طمع في الأموال التي كانت بحوزته، وفي مقابل ذلك تحجز سفارة دولتنا جواز مواطنها، وبمعنى أدق إن سفارة دولتنا قامت بما عجزت عنه السلطات اليمنية، وفي النهاية يقولون لنا إن السفارة بذلت جهوداً كبيرة للإفراج عن الشمري، وهنا أقول له: من العيب أن يخرج وزير الخارجية مدافعا عن تقاعس سفرائه بدلا من محاسبتهم".
وزاد: "لو سجن أي مواطن لدولة أخرى في الكويت وقام سفير تلك الدولة بالاتصال بوزير الخارجية يستفسر عن أسباب سجنه لا يرقد لوزيرنا "المبجلـ" جفن حتى يتم الإفراج عنه، لماذا لم يقم وزيرنا بالاتصال بوزير خارجية اليمن التي تمنحها الكويت أموالا في الليل والنهار للاستفسار عن سجن المواطن الشمري؟".
وبيّن البراك أن "البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية يجب أن يحاسب عليه وزير الخارجية"، واعدا بالتحرك في قاعة عبدالله السالم (قاعة مجلس الأمة) وإصدار بيان لأعضاء مجلس الأمة ومتابعة هذه القضية مع لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية حتى يتم حل هذا الموضوع.
وربط النائب السابق محمد الخليفة بين سجن الشمري وبين عدم موافقة الكويت على انضمام اليمن لعضوية مجلس التعاون الخليجي، وقال إن "السلطات اليمنية وجدت في الشمري "صيدة" من أجل لي ذراع الكويت للحصول على موافقتها بدخول اليمن عضوية مجلس التعاون الخليجي"، مؤكدا أن "المواطن الشمري أصبح ضحية لعبة سياسية".
ونفى مصدر في سفارة الكويت بصنعاء أن يكون للقضية أية تبعات على العلاقات بين البلدين، وقال إن ما يدور في الكويت هو نقاش ديمقراطي طبيعي والجميع يتحدثون بصوت مسموع ونحن معتادون على ذلك في كل قضايانا، مشيراً إلى أن الوفد الكويتي زار اليمن واطلع على نتائج التحقيقات التي أجرتها الأجهزة الأمنية اليمنية حول القضية واطلع على ملابساتها، وكما قلنا منذ البداية فنحن على ثقة بالسلطات اليمنية، وهناك تعاون وتنسيق بين البلدين في شتى المجالات، ومنها المجال الأمني.
وقلل المصدر من شأن الحديث عن تأثر العلاقات الكويتية اليمنية بهذه القضية، مؤكداً أن العلاقات تاريخية ومتميزة، وهذه القضية منظورة أمام القضاء اليمني وقد صدر حكم ابتدائي قضى ببراءة المواطن الكويتي، ونحن ننتظر الاستئناف، ونثق أيضاً بالقضاء اليمني، مشيرا إلى أن العلاقات تتطور بوتيرة جيدة وأنها قائمة على الاحترام المتبادل، ولا يوجد ما يعكر صفوها.
وكانت وزارة الخارجية الكويتية نفت الاتهامات التي وُجهت لسفارتها في صنعاء بالتقصير في القضية، وأكدت أنها تابعتها منذ البداية، واستمر مسؤولوها بحضور جلسات المحاكمة وتسهيل لقاءات الحميدي بأسرته في السجن لأوقات طويلة، وأنها قامت بإسعاف الحميدي فور إبلاغه بتعرضه لإطلاق نار، وحجزت له في فندق شيراتون. مشيرة إلى أن عدم السماح للمواطن بمغادرة اليمن كان بناء على التزام قطعته السفارة للسلطات اليمنية بعدم السماح له بذلك، مقابل الإفراج عنه، كونه مرتبطا بمحاكمة من ا