نتائج استطلاع مركز قياس الرأي العام تكشف عن غياب المنظمات الحقوقية في المجتمع

نتائج استطلاع مركز قياس الرأي العام تكشف عن غياب المنظمات الحقوقية في المجتمع

ضجيج في العاصمة
- بشير السيد
صباح الثلاثاء الماضي، ازدحمت القاعة الكبرى في فندق موركيور بأمانة العاصمة، بقادة ومؤسسي المنظمات الحقوقية وناشطين حقوقيين، لسماع نتائج استطلاع الرأي العام حول حضور المنظمات الحقوقية في المجتمع.
كانوا متفائلين. وحين بدأ حافظ البكاري رئيس مركز قياس الرأي العام، بقراءة نتائج الاستطلاع تجهمت وجوههم، وبدا البعض مصدوماً، لكن عنصر المفاجأة لم يحضر القاعة.
لقد أظهرت النتائج مدى غياب المنظمات عن اهتمامات الناس وقضاياهم. فمن بين 1000 عينة عشوائية تم استطلاع آرائهم، قال أقل من 1% إن المنظمات أحد خياراتهم حال تعرضت حقوقهم للانتهاك.
وبرغم أن 80% من المبحوثين أقروا بأهمية وجود المنظمات، لكنها لم تكن أحد خياراتهم حال انتهكت حقوقهم؛ ف60% قالوا إنهم سيلجؤون إلى الجهات الحكومية، في حين كانت القبيلة خياراً ل40% حال لم تنصفه الحكومة.
كانت النتائج ضربة موجعة للمنظمات. إذ لم يسبق أن تعرض أداؤها لتقييم جاد وتحليل دوافع مؤسسيها والعاملين فيها.
استمر حافظ البكاري بقراءة نتائج الاستطلاع، ومعه استمرت المنظمات في حصد النقاط السود. وحين فرغ من سرد النتائج حاول بعض الحقوقيين أن يخوض المعركة الخطأ: شنوا هجوماً على وسائل الإعلام باعتبارها السبب في تغييب حضور منظماتهم في المجتمع. حاولوا تبرير النتائج لكنهم لم يغيروها.
والثابت أن نشاط المنظمات الحقوقية يحظى منذ نحو عقدين بتغطية صحفية واسعة وتحديداً في الصحافة المستقلة، وعبرها اشتهر مؤسسوها وصاروا نجوماً في المشهد اليمني.
وبالصحافة وثقوا أعمالهم، وبها سوغوا ميزانية مشاريعهم للجهات المانحة.
تفصح نتائج الاستطلاع الذي استهدف 1000 أسرة لتمثيل المجتمع المدني في الفئة العمرية 18 فأكثر، من عموم محافظات الجمهورية، أن غالبية المنظمات تتكدس في العاصمة بسبب تركز وسائل الإعلام فيها. إذ صار معيار اختيار موطن المنظمة مرتبطا بوجود الإعلام الذي سيتكفل بتغطية فعالياته، لا لحجم انتهاكات حقوق الإنسان في محيط الموطن.
ولأن مستوى الوعي بالحقوق في العاصمة هو الأعلى، فقد حصدت المرتبة الأولى بالنسبة لحجم الانتهاكات. فيما كانت المحويت المحافظة الأقل عرضة لانتهاك حقوق الإنسان، تليها صعدة، الحديدة، أبين، ذمار... خلافاً للواقع.
وبهذا الخصوص دعا حافظ البكاري رئيس مركز قياس الرأي العام، المنظمات الحقوقية إلى الخروج من العمل الفندقي، والانتقال إلى الميدان. وقال في تصريحات صحفية: المنظمات في نشاطها تسعى نحو مناطق آمنة وأشخاص آمنين، معتبراً هذه الطريقة خطأً فادحاً، وتعكس صورة غير إيجابية عنها في المجتمع أو لدى الجهات المانحة.
وإذ انتقد حصر نشاط المنظمات في العاصمة وفي مربعات صغيرة جداً، شدد على ضرورة نقل نشاطها إلى المناطق النائية في أطراف اليمن.
الراجح أن المنظمات لم تنجح في العمل الحقوقي، لكنها أثبتت قدرة عالية في ضخ مشاريع متعددة إلى الجهات المانحة لتمويل تنفيذها. وليس غريباً أن تبحث المنظمات عن أشخاص بارعين في كتابة مقترحات نموذجية للمشاريع مقابل نسبة من مبلغ التمويل.
وعلى الرغم من السباق الحثيث على المشاريع، فإن معظمها تذهب بعيداً عن الحقوق المطلوب حمايتها. إذ أجمع 95% من المبحوثين أن أهم الحقوق التي يجب على المنظمات التركيز عليها هي حق الحصول على الخدمات الأساسية، وأبدى 61% حماسهم للمشاركة في فعاليات وأنشطة المنظمات المتعلقة بالدفاع عن حقوقهم حال طلب منهم.
بالنسبة لأبرز القضايا الحقوقية والسياسية خلال الشهور الستة الماضية، حصدت حرب صعدة المرتبة الأولى بنسبة 93.5%، مقابل 6.8% لم يسمعوا عنها ( الاستطلاع نُفذ قبل اندلاع الحرب السادسة)، يليها على التوالي الانتخابات، الحراك الجنوبي، الزواج المبكر، تهريب الأطفال، السجناء المعسرون، المختفون قسرياً، وأخيراً قضية الجعاشن.
ففي حين أظهرت النتائج نسبة عالية لمن سمعوا بقضايا حقوقية وصلت إلى 49%، فقد قال هؤلاء إنهم عرفوا بهذه القضايا عبر المقايل، ثم وسائل الإعلام.
80% قالوا إن وجود المنظمات في اليمن أمر مهم، لكنهم في إجابتهم على سؤال عن سبب عدم أهمية المنظمات، قال 39% إنهم لم يلمسوا خدماتهم، فيما يعتقد 31% أنها مجرد وسيلة للحصول على أموال من الخارج، وأرجع 23% السبب لعدم فاعليتها.