فرجوا عنه لكن رجل المخابرات عجز عن استخراج جواز جديد يثبت شخصيته، وتساءل: ألا يمكنني أن أكون يمنيا إلاّ برسالة من الشيخ الذي رحلني إلى السعودية لغرض تضييعي لأن أمي قروية؟

بن معيلي: وين اروح!؟ الرئيس يقول جيب ورقة من الشيخ محسن والمحاكم تقول كذلك
لم تطلق النيابة الجزائية المتخصصة حرية أحمد علي بن معيلي، المسجون منذ مايو 2001، بل أطلقته إلى سجن بمساحة جغرافية أكثر اتساعاً: بضعة كيلومترات، حدودها صنعاء – مأرب، منذ 13 مايو 2001.
فرجل المخابرات المأربي، الذي قبع في السجن المركزي بصنعاء نحو 10 سنين دون تهمة واضحة، لم يكن أمرا قضائيا وجه بحبسه، بل أوامر رئيس جهاز الأمن السياسي. هو ما يزال بلا هوية وبلا وطن. وحسب قوله فقد نفى إخوانه أنه قريبهم، ورفضت المحاكم ورئيس الجمهورية والجهات المختصة في الدولة أن تصدر له جواز سفر أو تسلمه بطاقته وجوازه السابق المحجوز في مصلحة الهجرة والجوازات بالاسم الذي ظل يحمله طيلة 70 عاماً (أحمد عيسى بن معيلي)، «إلا بورقة يوجه بها أخوه».
نعم، أطلق سراحه من الحبس قبل 4 أشهر، بيد أن جوازات سفره وبطاقة هويته لا يزالان لدى مصلحة الهجرة والجوازات.
بعد الإفراج عنه في السابع من فبراير الفائت، طالب بن معيلي المصلحة بتسليم جوازه وبطاقته، إلا أنها لم تلتفت له. سافر إلى أهله (قبيلة عبيدة) بمحافظة مأرب وعرض عليهم مأساته راجياً مساعدته. تحرك معه نحو 20 رجلاً من أقاربه ووجاهات المنطقة صوب منزل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر في العاصمة صنعاء.
«دخلت عليه بعقير، وقبلني كربيع ودخيل لحل موضوعي مع الرئيس علي عبد الله صالح»، موضحاً عن استغاثته بالشيخ صادق الأحمر؛ قالها بلهجته الماربية بألفاظها القبلية وتعني طلب النصرة والعون في عادات القبائل. قبل الشيخ صادق «العقير» (ثور) الذي قدم به بن معيلي ومن جاءوا معه، «وطبع لنا وجهه بأن يحل موضوع جوازي وبطاقتي مع الرئيس»، قال لـ«النداء».
قابل المستعان به (الأحمر) رئيس الجمهورية بعد شهر من دخول بن معيلي على الأول «ربيعاً» (طالباً العون). بعدها تلقى «الربيع» اتصالاً هاتفياً من سكرتير الأحمر يبشّره بأن الشيخ قابل الرئيس وأن الثاني طلب منه «ورقة من الشيخ محسن بن معيلي». لكن أحمد بن معيلي قال: «لو كانت علاقتي بالشيخ محسن تمام كان ما حضرت للشيخ صادق ربيع ودخيل أولاد الشيخ عبد الله رحمه الله». وبشأن طلب الرئيس استغرب التزامه بالقبيلة وليس بالقانون: «أنا مواطن أحمل ما يثبت جنسيتي منذ عهد الإمام».
وكان أحمد علي بن معيلي قد رُحِّل إلى المملكة العربية السعودية مبكراً عندما كان عمره 14 سنة، رحله إخوانه لأسباب محض إجتماعية: «كان والدي شيخ مشايخ مأرب وتزوج بوالدتي وهي قروية أنجبت له ابناً هو أنا». قرر إخوته التخلص منه فرحّلوه إلى السعودية عام 1959 بجواز سفر يمني من المملكة المتوكلية الهاشمية باسم «أحمد عيسى بن معيلي». هذا الجواز محجوز في مصلحة الهجرة والجوازات.
ويقول إن إخوانه رفضوا أن يحمل اسم أبيهم: «نكروني خجلاً بما فعلوا معي حين رجموني في السعودية وادعى أخي محمد وأخي حمد أني متُّ في الطريق». ويتذكر أن والدته كانت تنوح وتقول: «اتبعت أبوعنقبة وعاد سعودي مالك سنع فيها»، كلمات بدوية تعني فقدان الولد. وأضاف: «لا أريد أن أضع صورة عقد الزواج حق أبي وأمي وصورتهما الفوتوغرافية».
لم يركن إلى الواسطات القبلية إلا بعد أن خذلته المحاكم. أحضر شهوداً من أقاربه، هم: الشيخ ناجي بن حسن بن معيلي، والشيخ سعود بن حسن، والشيخ عبد الله بن ناجي بن معيلي، والشيخ رائد بن سعود بن معيلي، وآخرون، من «عبيدة» إلى القاضي إبراهيم المستكة، رئيس محكمة مأرب الابتدائية، وأدلوا بشهاداتهم أمام القاضي لاستخراج حكم بتصحيح اسمه. ولفت إلى أن كاتب المحكمة كان قد سجل الشهادات، إلا أنه تراجع عن إصدار الحكم بعد أن جاء محسن بن حمد بن معيلي، أمين عام المجلس المحلي بمأرب، وصاح أمام القاضي: «مرة أحمد علي، ومرة أحمد عيسى... هذا قاتل، هذا مجرم», وأخاف القاضي من إصدار الحكم. كما رفض رئيس محكمة الاستئناف الجزائية إصدار حكم إلا بورقة من مراد بن علي بن محسن بن معيلي، «رفض تنفيذ شرع الله والقانون إلا بوجود مراد». وأشار إلى أن أولاد إخوانه يلاحقون الشهود إلى الجهات الحكومية التي يأتون إليها لغرض الإدلاء بشهاداتهم ويتهمونهم بأنهم «مخربين ويعملوا لحساب تنظيم القاعدة».
أصبح عاجزاً عن فعل شيء. ويتساءل بصوت اليائس: «وين اروح!؟ أروح المحكمة يقولوا جيب ورقة من الشيخ محسن! أروح عند الشيخ صادق والرئيس يقولوا جيب ورقة من الشيخ محسن...!». ويرى أن محنته لن تزول إلاّ بعد لقاء أولاده في مصر، الذين عجز عن ملاقاتهم بدون جواز سفره: «أولادي في مصر وبناتي ولايا. كيف يرضى الرئيس -كأب لليمنيين- على بناته  في مصر بدون أب وبدون تعليم!!؟».
وناشد رئيس الجمهورية والشيخ صادق عبد الله الأحمر وأخاه حميد أن يساعدوه في استخراج جواز سفر جديد وتعويضه عن مدة الحبس الطويل التي استمرت أكثر من 8 سنوات. وناشد الشيخ عبدالمجيد الزنداني الذي يقول إنه وقف معه عند الشيخ صادق الأحمر: «كلّم لي الرئيس يأمر بمنحي الجواز، أنا مشتاق لأولادي وزوجتي في مصر».
ويعتب على نكران الجميل الذي يواجهه من البلد الذي عمل لأجل أمنه عدة سنوات خارج اليمن وداخله، «وفي الأخير يقولوا إني مش يمني! هذا ظلم! أنا معي جواز سفر من عهد الإمام يثبت هويتي». وأشار إلى أنه لا يريد إلا أن يعامل بالقانون، لا بالقبيلة، كما يريد الرئيس والواسطات التي جاءت إلى إخوانه.
ولفت إلى الدور العادل للقبيلة ولعموديها اللذين ماتت بموتهما القبيلة في مأرب: «من موت الشيخ علي بن حسن بن فهيد بن معيلي، والشيخ علي بن حسن بن جلال، ضاعت القبْيَلة في عبيدة وفي مأرب عامة»، مستبشراً بآخرين قد يعيدون وهجها في حال عملوا بالعدل وتمسكوا به: «أتمنى أن تعود القبيلة على يد مراد بن محسن أو عبدالهادي أو ذياب أو محسن بن حمد، وأطلب أن يراجعوا أنفسهم ويرجعوا إلى الله ويكفي ظلم!».
ودعاهم إلى النظر إلى شرفهم في مصر (بناته وزوجته وأولاده، باعتبارهم «عار الجميع»): «شرفكم وبناتكم في مصر يحملون اسمكم، بنات بن معيلي شيخ مشايخ مأرب».