بانتظار الحرب الثانية.. الراعي يعتبر أمر النيابة تعنتاً والنواب يرون ضرورة تحريك إجراءات سحب الثقة عن وزير العدل

بانتظار الحرب الثانية..الراعي يعتبر أمر النيابة تعنتاً والنواب يرون ضرورة تحريك إجراءات سحب الثقة عن وزير العدل

عادت قضية النائب أحمد عباس البرطي إلى واجهة اهتمام البرلمان، مجدداً. كما صعد البرطي إلى أول القاعة، أيضاً. لكن عودتها، في جلسة الأحد الفائت، كانت بحضور البرطي نفسه، المتهم بقتل أحمد الشوافي، مدير مديرية خدير.
رافقها لدى العودة عدد من المخاوف: عودة النائب إلى السجن، الحكم بإعدامه في المحكمة العليا، والخوض في سجال مع السلطة القضائية, عجز البرلمان عن حمايته. في ظل تلك المخاوف رأى النائب محمد الحزمي ضرورة نقل البرطي إلى «بني ضبيان، لحمايته في حال عجز الدستور عن ذلك».
في 10 يونيو الفائت، قرر قاضي محكمة خدير الإبتدائية، حسين الحوثي، بطلان إجراءات نيابة تعز التي اتخذتها ضد النائب، ووجه بالإفراج الفوري عنه، في خامس جلسة عقدت لمحاكمته، بعد 80 يوماً من إيداعه السجن المركزي بتعز. وفي الجلسة التي عقدتها محكمة استئناف تعز صباح السبت الفائت، قرر رئيس الشعبة الجزائية، القاضي الجهلاني، بطلان الحكم الإبتدائي وإعادة ملف القضية للنيابة.
في اليوم ذاته وجه رئيس نيابة استئناف تعز إلى مدير أمن تعز يأمر بالقبض على المتهم أحمد عباس البرطي، عضو المجلس، في أي مكان يتواجد فيه، وإيداعه السجن المركزي على ذمة القضية. وصلت إلى القاعة نسخة من الأمر في اليوم نفسه، فعلق الراعي على سرعة إصدار الأمر: «أنا أقول لكم كان رئيس النيابة مراعي لهذا الحكم، وأؤكد لكم أن المحكمة ما كملت تصدر حكمها إلا وقد الأمر عندنا هانا في صنعاء». وأضاف أن المشكلة لم تعد بين الشوافي والبرطي بل أصبحت «بين رئيس النيابة والبرطي». واصفاً أمر القبض بأنه تحدٍّ وتعنت من رئيس النيابة، وأنه «يريد أن يعملوا البرطي كبش فداء».
خلق القرار حالة من الفوران لدى أعضاء المجلس، وأعادهم إلى التفكير في مواصلة إجراءات سحب الثقة من وزير العدل، التي شغلت جدول أعمال المجلس في الفترة الماضية. فيما أعطت النائب أحمد عباس دفعة قوية للحركة وحضور الجلسات في الصف الأول, مع زملائه.
واجه أعضاء البرلمان، الاثنين الماضي، طلب وزير العدل بسحب الحصانة عن النائب البرطي، بالتوتر والحماس والغضب على الوزير. طرحت هيئة الرئاسة الطلب على القاعة للموافقة عليه مبدئياً وتحويله إلى اللجنة الدستورية لدراسة قانونيته من عدمها، إلا أنه قوبل بالرفض وبدؤوا بتشريحه والسخرية منه.
ولأن موافقة هيئة الرئاسة المبدئية كانت حاضرة عند الراعي وحمير الأحمر، فقد فجّر النائب عزام صلاح (مؤتمر) الحرب بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية، مجدداً، وقال: «إذا كنّا نريد أن نمضي في إجراءات سحب الحصانة من البرطي فعلينا أن نمضي في الجانب الآخر ونسحب الثقة من وزير العدل». وافقه عبده بشر واتهم هيئة رئاسة المجلس بأنها «سبب نكسة وضعف المجلس».
رفض النائب صخر الوجيه (مستقل) طلب الوزير لأسباب قانونية صرفة. ولفت إلى أنه في طلب رفع الحصانة «يجب أن تكون هناك رسالة من النائب العام مرفقة برسالة من الوزير. ما لدينا هي رسالة من الوزير فقط، ولذا هي غير قانونية وفقاً للمادة 204 من الدستور». واستغرب من مناقشة رفع الحصانة «والبرطي ملاحق من النيابة».
وشكك النائبان عبدالكريم شيبان وعبدالرزاق الهجري (إصلاح) في نزاهة القضاء في تعز. ورأى الأول أنه «أصبح غير نزيه وغيرمحايد، يلعب به الكبار». وقال الثاني إن ضغوطاً مورست ضد «رئيس الجمهورية والقاضي الاستئنافي»، وأن «رئيس النيابة لم يعد أهلاً للقضاء».
ودعا النائب سعيد دومان (إصلاح) البرلمان إلى أن يقف موقفاً شجاعاً تجاه من يخالفون القوانين. وحثّ الأعضاء على توقيع ميثاق شرف برلماني للدفاع عن الدستور وصدّ المخالفين له.
ورداً على مقترح حمير الأحمر بإحالة الملف إلى اللجنة الدستورية لدراسته، انتقده علي عشال  على مداخلته، معتبراً أنه يحاول أن يعيد المجلس إلى المربع السابق نفسه (سجن احمد البرطي). وأمل أن يقف المجلس وأن يصدر بياناً استباقياً للدفاع عن حقه الدستوري. لكن الأحمر استغرب الاستباقية قائلاً: «فين الاستباقية بعد 20 يوماً من إطلاق البرطي، ولازم تكون الأمور واضحة. أينكم في ال20 اليوم؟ من سيحمي البرطي من الاعتقال؟ يجب أن تكون إجراءاتنا صحيحة». وأسف  بشر على تخوف الأحمر من حماية البرطي: «كنت أتمنى من حمير الأحمر، ابن أكبر شيخ في اليمن، أن يحمي البرطي، لا أن يقول: من سيحميك؟». واتفق علي العمراني مع حمير في أن المجلس تمادى خلال ال20 يوماً في البحث عن حلول للقضية، واعتبر تطوراتها الأخيرة نتاجا لصمت المجلس كل تلك الفترة. لكنه شدد على «نزع الثقة» عن وزير العدل.
وعلى ما يبدو فإن الجميع متحمس هذه المرة لعمل سياج برلماني يمنع النيابة من الوصول إلى البرطي. وخرج المجلس من نقاشه للموضوع بتكليف اللجنة الدستورية واللجنة المكونة من 4 نواب تم تشكيلها، الأحد الفائت،  لدراسة مذكرة رئيس النيابة من 4 نواب لدراسة الملف المقدم من وزير العدل والجلوس معه والنائب العام ومن يرون وتقديم تقرير للمجلس بما تم.