قبيلة الرياضة

قبيلة الرياضة-محمد الغباري

حالة الصمت التي التزمها اتحاد كرة القدم تجاه ما حدث في مباراة أهلي صنعاء وهلال الحديدة تثير الريبة, وتكشف عجز الاتحاد عن تطبيق اللوائح والأنظمة، حتى وإن كان ابن الشيخ رئيسا للنادي الأهلي، وعلى اعتبار أن الشيخ الآخر ليس من المشايخ الأعفاط ولا يجيد النخيط...
صحيح أن الحالة المأساوية التي وصلت إليها أوضاع الرياضة اليمنية لن تتأثر كثيرا بالحذاء الذي رفعه الرئيس الفخري للنادي الصنعاني داخل المنصة الرئيسية لاستاد المريسي احتجاجا على تقدم نادي الهلال الساحلي؛ ولكن أن تعجز كل مواقع القرار ويصمت جميع القائمون على شؤون الرياضة أمام مثل هذه الفضيحة واقتحام الملعب وضرب لاعبي الفريق الهلالي، لأنه تجرأ وتقدم على منافسه؛ فذاك مدعاة لأن نطالب وبأعلى الأصوات بنقل بطولة كأس الخليج في نسختها العشرين من اليمن, وإغلاق الأندية الرياضية إلى حين إعادة تنظيمها وإعدادها وفقا للمعايير غير القبلية.
مازلت أتذكر الموقف المتميز للأستاذ عبدالرحمن الاكوع، وزير الشباب والرياضة السابق، عندما عمل بجد من أجل إبعاد شيوخ القبائل عن رئاسة الاتحادات والأندية، لأن الأعراف القبلية والتعالي على القوانين لا يتناسبان والمعاني الأخلاقية للرياضة. وأتذكر أنه بذل جهدا رائعا في سبيل  إلغاء الحصانات عن رؤساء الاتحادات، حتى لا نجدها في يوم من الأيام وقد تحولت إلى كتائب عسكرية أو فرق للزوامل والرقص الشعبي. وحين أقارن بين الحالين أشفق على القائمين على أمر اتحاد الكرة ووزارة الرياضة، لأنهم أعجز من أن ينتصروا لقيمة واحدة من قيم الرياضة.
حين كنت أعاتب صديقي على جرأة النادي الساحلي على الفوز بالدوري للسنة الثانية على التوالي، فيما منافسه هو النادي الأهلي الذي لا بد أن يكون في المقدمة، لعدة اعتبارات، أهمها أنه من صنعاء؛ عرض عليَّ فكرة تغيير تسمية نادي الهلال أو نقل موطنه، أسوة بالموطن الانتخابي، حتى لا تثار حماسة الشيوخ الذين باتوا يمسكون اليوم بمفاصل الرياضة، بعد أن أطبقوا أيديهم على المواقع السياسية والشركات التجارية والمقاولات.
أخيرا، سمعت أن أحد القيادات البارزة في وزارة الشباب هدد بإقصاء رئيس اتحاد كرة القدم من منصبه إذا ما ذهب الاتحاد نحو تطبيق لائحة العقوبات في حق النادي الأهلي, وأن المشايخ الكرام يقترحون الحل قبلياً أو على طريقة الحوادث المرورية؛ أي إعادة المباراة من جديد, وعفا الله عما سلف!
وأظن أن ذلك سيكفر عن خطيئة النادي «الحُدَيْدي» الذي فعل ما لا ينبغي عليه فعله.
اليوم، والبلاد تعج بالشكوى من غياب العدل في كل مناحي الحياة ومن الإقصاء والتهميش والسيطرة, تتلقى الرياضة طعنات قاتلة, ويدفع جيل الشباب نحو التمترس الجهوي؛ وهو معذور في ذلك، مادام هناك من يرى أنه من مواطني الدرجة الأولى، وما سواه مجرد رعية!
فيا هؤلاء لقد أفسدتم بالقبيلة كل شيء: الأحزاب وإدارة الدولة والتعليم... وبقيت الرياضة، فهل ترحمونها!!؟
malghobariMail