على خلفية اختفاء قطع أثرية.. الأمن والسلطة المحلية وهيئة الآثار تكتفي بإعفاء لجنة تقصي الحقائق من مهامها

على خلفية اختفاء قطع أثرية.. الأمن والسلطة المحلية وهيئة الآثار تكتفي بإعفاء لجنة تقصي الحقائق من مهامها

متحف عدن في قبضة اللصوص
* بشير السيد
 لعل عبدالله باوزير رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف لديه معلومات عن المخاطر الصحية التي تسببها سماعات الهاتف. لكن المؤكد أيضاً أن الرجل سيواجه مأزقاً حقيقياً لو فكر في الحديث عن حادثة اختفاء قطع أثرية من متحف عدن.
معلوم أن حادثة اختفاء القطع الأثرية من متحف عدن اكتشفت في 23 مارس الماضي من قبل لجنة الجرد التي كلفتها رجاء باطويل مدير فرع الهيئة للآثار والمتاحف في عدن. لكن لأسباب لم يتم الافصاح عنها، تأخر بلاغ حادثة الاختفاء إلى 22 أبريل الماضي، أي بعد شهر من اكتشاف الحادثة.
ربما باوزير لم يجد في الفارق الزمني ما يدعو إلى القلق، رغم أن اللجنة التي بعثها باوزير مطلع مايو إلى عدن لتقصي الحقائق أشارت في تقريرها إلى مسؤولية مدير فرع هيئة عدن واتهمها بالتقصير والتراخي إزاء حادثة اختفاء القطع الآثرية من المتحف. والراجح أن التراخي صار سمة شائعة لدى مسؤولي هيئة الآثار ولمتاحف إزاء عمليات استنزاف الثروة التاريخية للبلد.
طبقاً لتقرير لجنة تقصي الحقائق فإن لجنة الجرد اكتشفت في 23 مارس الماضي فقدان ألبوم كامل من العملات النقدية الأثرية. وقبلها بيوين اكتشفت اختفاء قطع آثرية وعملية شطب وكشط واسعة لأرقام القطع في البطاقات وفي السجلات العامة لمحتويات المتحف.
بالنسبة للعملات النقدية فقد حددتها لجنة الجرد بـ«868 قطعة ذهبية اكسومية». أما القطع الأثرية المختفية وعملية شطب وكشط الأرقام والتلاعب بالسجل العام فلم تحددها.
وقد زودت لجنة باوزير بإقرار خطي من مدير متحف عدن يعترف فيه بمسؤوليته إزاء العملات النقدية وأنه باعها لتاجر مجوهرات في كريتر.
لاحقاً تبين للجنة تقصي الحقائق أن العملات النقدية ليست 868 قطعة؛ إذ هناك 326 عملة ذهبية رومانية لم ترد في تقرير لجنة الجرد ولا في إفادة مدير فرع هيئة عدن.
طبقاً لتقرير اللجنة فإن رجاء باطويل -مدير فرع الهيئة في عدن- ظلت تتحجج بأن سجلات المتحف في مخازن المتحف وأن المفاتيح بحوزة مدير المتحف، ثم تبين لاحقاً أن السجلات كانت بحوزة باطويل، وهي سجلات عملية جرد أجريت عقب نهب المتحف حرب صيف 94.
لجنة تقصي الحقائق لم تستمر طويلاً؛ فبعد يومين من بدء أعمالها بادر مدير أمن المحافظة والمحافظ وباوزير بتولي مهام حماية الثروة الوطنية: أعفوا لجنة باوزير من مهامها واتفقوا على تشكيل لجنة جرد وحصر محتويات المتحف من هيئة الآثار ومكتب المحافظة والأمن السياسي. كان ذلك في 4 مايو الفائت. عادت لجنة باوزير إلى العاصمة واعدت تقريراً بما توصلت إليه. ونسي «حراس» الثروة التاريخية اتفاقهم. بعد 3 أسابيع على اقصاء لجنة باوزير أحيل مدير متحف عدن وتاجر المجوهرات إلى نيابة الأموال العامة.
طبقاً لاعضاء لجنة باوزير فإن إحالة ملف القضية قبل استكمال أعمال الجرد ومعرفة عدد القطع المختفية وأرقامها هو تمييع للقضية.
مصادر خاصة في لجنة باوزير لم تستعبد تورط أطراف في أجهزة الأمن وأيضاً في الهيئة في حادثة اختفاء القطع الآثرية. وقالت تلك المصادر: «الغريب أن تقرير اللجنة لم يتم التعاطي معه ونستغرب من لا مبالاة وزير الثقافة ورئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف وأجهزة أمن عدن». وألمحت إلى أن الاطراف المتورطة تعمدت إخفاء البوم صور العملات النقدية التي بموجبها يمكن استرجاعها من أي مكان في العالم، عبر شرطة الآثار الدولية. وتوقعت أن يقدم مدير متحف عدن ككبش فداء، معربة عن أسفها أن يأتي إجهاض مهام لجنة تقصي الحقائق عبر رجل الأمن الأول في عدن الذي يفترض أن يعتبر اختفاء القطع الآثرية من المتحف إخفاقا لإدارته.
مضى ثلاثة أشهر على اكتشاف اختفاء القطع الأثرية من متحف عدن. لكن يبدو أن أطرافاً عديدة تحرص على ألاَّ يعرف حجم هذه القطع وأرقامها.