أكد قيام وتحقق المسؤولية الجزائية تجاه وزير الإعلام ووجوب دفع تعويضات للصحف

نبيل المحمدي
المستشار القانوني لنقابة الصحفيين:
* اجراءات الوزارة تعد انتهاكاً للقانون واعتداءً مادياً على الحق في الإصدار
* السلطة التقديرية بشأن محظورات النشر تنعقد للقضاء وحده.
* قانون الصحافة لم يقرِّر للوزير سلطة إيقاع حجز إداري على صحيفة مرخصة لسبب يتعلق بمحتوياتها.
 
(نص الإيضاح):
 
الأستاذ / نقيب الصحفيين اليمنيين                                الأكرم
حياكم الله
الموضوع/ إيضاح
إشارة إلى خطابكم الصادر بتاريخ 7/6/2009م، والمسلم لنا في 8/6/2009م، والمتضمن ما لفظه:" نؤد إفادتنا بالرأي القانوني حول منع ومصادرة عدد من الصحف المستقلة من قبل وزارة الإعلام، وكيفية التعامل القانوني من قبل النقابة تجاه هذه القضية". ولغرض الإحاطة بالرأي الذي انتهينا إليه بهذا الشأن، نرجو التكرم بقراءة البيان الآتي:
أ – مايتعلق بالمنع من الطباعة:
لقد جاء النص في المادة (112) من قانون الصحافة والمطبوعات النافذ مقرر حظر قانوني يُقرأ على نحو :"لا يجوز مصادرة أو وقف أي صحيفة أو مجلة أو مطبوع وما في حكمها إلا طبقاً للقانون".  ما يعني أن منع طباعة أي صحيفة مرخصة لا يمكن أن يُمثِّل إجراءً قانونياً مسوَّغاً إلا في حالة أن يكون هذا القانون قد أنتظم نصاً مقرراً للجهة الصادر عنها هذا المنع – قضائية أكانت أو إدارية – سلطة أو صلاحية القيام به. والثابت أن قانون الصحافة والمطبوعات النافذ لا ينتظم نصاً مقرراً لوزير الإعلام سلطة إدارية أو صلاحية قانونية لمنع طباعة صحيفة مرخَّصة. وبالتالي، فإن قيام وزارة الإعلام بمنع طباعة الصحف المشار إليها في خطاب الاستيضاح المتقدم ذكره يُعدَّ، والحال هذه، انتهاكاً للحظر القانوني المقرر بالنص الآنف تضمينه، واعتداءً مادياً على الحق الجاري تقريره بنص المادة (33) من قانون الصحافة والمطبوعات، وهو الحق في الإصدار. علماً بأن كافة الأضرار الناشئة عن هذا المنع هي أضرار غير مشروعة ومستحقة للإزالة؛ وذلك بدفع ما يجبرها من تعويض. هذا، فضلاً عن قيام وتحقق المسئولية الجزائية تجاه القائم بالمنع.
ب – ما يتعلق بالحجز والمصادرة:
  لم يرد في قانون الصحافة والمطبوعات النافذ تقرير سلطة أو صلاحية قانونية لوزير الإعلام لإيقاع حجز إداري على صحيفة مرخصة لسبب يتعلق بمحتوياتها. أما بالنسبة لما يقرره نص المادة (107) من هذا القانون، والجاري منطوقه على نحو:"يجوز الحجز إدارياً على المطبوع أو الصحيفة إذا تم الطبع أو الإصدار والتداول خلافاً لما نص عليه هذا القانون وذلك بقرار من الوزير أو من ينوب عنه ويعرض الأمر على القضاء للنظر في مصادرة الأشياء المحجوزة عليها"،  فهو مقتصر على شروط الإصدار والطبع والتداول.  أي أن الحجز الإداري الجاري تقريره بهذا النص ليس سوى إجراء حمائي للقرار الإداري السابق صدوره عن وزير الإعلام، بمقتضى نص المادة (35) من قانون الصحافة والمطبوعات، بالترخيص بإصدار الصحيفة على وفق البيانات  الذي يحددها النص، مقروءً مع مقرر نصوص المواد (39، 55، 76) من ذات القانون. أي أنه، إذا كان المشرِّع قد اشترط لإصدار الصحيفة قبلوية صدور قرار من وزير الإعلام بترخيص إصدارها، مستلزماً انتظام هذا القرار لبيانات محددة، وهي تلك الجاري تفصيلها بنص المادة (35) من قانون الصحافة والمطبوعات، فإن إجراء أي تغيير أو تعديل في هذه البيانات دون مراعاة الإلزام القانوني المقرر بنص المادة (39) من ذات القانون يُمثِّل إخلالاً بالأساس أو المبنى الذي أُقيم عليه القرار الإداري بالترخيص؛ وهو ما اعتدَّ به المشرع كمسوِّغ قانوني لإيقاع الحجز الإداري على الصحيفة. والحال كذلك، بالنسبة للصحيفة الصادرة غفلاً من البيانات الجاري ذكرها بنص المادة (55) من ذات القانون، وكذا بالنسبة للصحيفة التي تم طبعها لدى مطبعة غير مستوفية للترخيص المتطلب بنص المادة (76). وفي عموم الأحوال، يتعيَّن عرض الحجز على القضاء، محمولاً على طلب الحكم بمصادرة العدد المحجوز من الصحيفة؛ بحيث إذا ما تبيَّن للقضاء عدم سائغيَّة الحجز وَجَبَ عليه الحكم بالتعويض الجابر للأضرار الناجمة عنه. أما بالنسبة للمخالفات التي قد تعلق بمحتويات الصحيفة، والتي يمكن أن تمثل انتهاكاً لمحظورات النشر المقررة بنص المادة (103) من قانون الصحافة والمطبوعات، فإن السلطة التقديرية بشأنها تنعقد للقضاء وحده. كما أن الجزاء الذي يستحق مرتبطاً بأي من هذه المخالفات وكنتيجة لها، هو ذلك الجاري تقريره بنص المادة (104) من ذات القانون. علماً بأن النص في المادة (106) من قانون الصحافة والمطبوعات يقرر المصادرة كعقوبة تكميلية لعقوبة الحبس أو الغرامة التي يقررها نص المادة (104) من ذات القانون.  أي أن القضاء بمصادرة الصحيفة لقيام مخالفة نشر أو لانتهاك محظور لا يكون إلا في نطاق دعوى جزائية بتلك المخالفة أو بهذا الانتهاك؛ وهو ما يؤكد على أن المصادرة المقررة بنص المادة (107) من قانون الصحافة والمطبوعات، لا تمثل عقوبة لجرم المخالفة أو الانتهاك، ولا ترتبط بمحتويات الصحيفة، وإنما هي جزاء مدني للإخلال بالمبنى القائم عليه القرار الإداري بالترخيص للصحيفة.
 
وعليه، فإننا إذ نؤكد على عدم قانونية ما قامت به وزارة الإعلام من حجز للصحف ومنع من طباعتها، نلفت العناية إلى أن ما يتعيَّن على النقابة القيام به إزاء ذلك هو الآتي:
1- توجيه مذكرة إلى وزير الإعلام بالتأكيد على عدم قانونية المنع والحجز وعلى وجوب الكف الفوري عن منع المطابع من طباعة الصحف.
2- الاشتراك مع أصحاب الصحف المتضررة في إعداد ورفع دعوى قضائية بطلب الحكم بالتمكين من الطبع وكذا بالتعويضات الجابرة للأضرار الناجمة عن المنع والحجز.
3- إعداد وتنفيذ برنامج فعاليات نقابية لمؤازرة ومساندة أصحاب الصحف المتضررة، يستمر حتى معاودة الصدور واقتضاء التعويضات.
 
ذلكم ما تعين التقرير به، فتقبلوا بالإحاطة ولكم وافر التقدير
المحامي
نبيل إسماعيل المحمدي
9/6/2009