على خلفية احداث الشغب في المكلا.. الأمن يعتقل 80 شخصاً بينهم 3 اشقاء اصغرهم لا يتجاوز ال13 عاماً

على خلفية احداث الشغب في المكلا.. الأمن يعتقل 80 شخصاً بينهم 3 اشقاء اصغرهم لا يتجاوز ال13 عاماً

خرج ناصر من منزله مساء الاثنين الماضي لشراء خبز العشاء. بعد مضي قرابة 15 دقيقة لم يعد ناصر، بل خبر سيئ عن مصيره: «الشرطة أخذته فوق الطقم».
ساعتذاك كانت موجة غضب المتظاهرين في مدينة المكلا قد بدأت بالانحسار، لتبدأ قوات الأمن حملة اعتقالات لمن وصفتهم بمثيري أعمال الشغب. لكن أم ناصر لم يخطر ببالها أن اعتقال ابنها سيكون على خلفية أحداث الشغب، التي قام بها أنصار الحراك الجنوبي؛ إذ إن ناصر عبدالله بستم لا يتجاوز ال13 عاماً.
«ما حناش داريين ليش شلوا ناصر... ما دخله بالحراك هو بصف رابع ابتدائي، يروحوا يشلوا قادة الحراك»، قالت الأم بغصة.
يقيم ناصر وأسرته في منطقة الشرج بمديرية المكلا. عقب تلقي الأسرة الخبر المشؤوم، توجه شقيقاه: صبري، 25 عاماً، شكري، 20 عاماً، إلى نيابة المكلا للاستفسار عن شقيقهما الأصغر. لكن رجال النيابة لم يكن لديهم ادنى فكرة عن عملية الاعتقال.
توجه الشقيقان إلى ادارة أمن المكلا عرفا بنفسيهما وسألا عن شقيقهما ناصر. لم يطول انتظار الشقيقان اذ قام 4 جنود بأخذهم إلى ناصر.
باتت الأم الهلعة ترقب النافذة اطلالة صبري وشكري من طرف الحي وتأمل أن يكون ناصر معهما.
أشرقت شمس الثلاثاء، لكن المرتقبين لم يطلا من طرف الحي. توجهت الأم إلى ادارة أمن المديرية للبحث عن أبنائها الثلاثة. إلى أم ناصر كانت أربع أمهات أيضاً يبحثن عن أبنائهن.
إحداهن شقيقة أم ناصر، وكان ابنها محمد أحمد باهيج، 25 عاماً، لم يعد مساء الاثنين إلى المنزل، وصباح الثلاثاء علمت أن الأمن اخذه من منطقة الكود، المكان الذي قصده لحضور عرس أحد أصدقائه. «سألنا الشرطة: فين أولادي فين ناصر؟ ليش أخذتوهم؟» قالت أم ناصر مستذكرة كلامها لأمن المكلا.
لم يتفضل أحد من الأشاوس بتطمين الأم القلقة على أولادها. وحين طال انتظارها في مبنى ادارة أمن المكلا، جاءها أحد الضباط وأبلغها أن تعود صباح اليوم التالي (الاربعاء) لرؤية ناصر فقط.
عادت الأم صباح الاربعاء رفقة الأمهات الباحثات عن أبنائهن المفقودين، لكن الضابط يف بوعده.
ظلت الأمهات ينحن في باحة مبنى ادارة الأمن، إلى ما قبل مغرب الاربعاء دون فائدة.
عادت أم ناصر إلى المنزل وقالت في اتصال هاتفي لـ«النداء»: «أني خائفة على ناصر كيف يدخلوا طفل الحبس؟ فين اللي يقولوا إنهم مهتمين بالأطفال؟ ليش ما يجوا يخرجوا ناصر من الحبس؟».
البكاء هو كل ما تملكه أم ناصر فالأجهزة الأمنية رفضت تفسير سبب اعتقال أبنائها بمن فيهم ناصر ذي ال13 عاماً. لكن لأن أمن المكلا قام بحملة اعتقالات على خلفية الشغب الذي شهدته المدينة مساء الاثنين، فإن أم ناصر تستغرب: «ما يفكروا كيف يشلوا ناصر؟ ايش علاقته بالحراك؟».
هي أفادت بأن صبري يعمل في البناء، وشكري في محلات بن مخاشن، نافية أن يكون لهم علاقة بالحراك.
إلى صبري وشكري والطفل ناصر، فقد بلغ عدد المعتقلين حتى مساء اليوم 80 شخصاً خلفية أحداث الشغب التي قام بها المشاركون في المهرجان الذي نظمه المجلس الوطني وحركة «نجاح» في ساحة الشهداء بالمكلا.
وكان آلاف المتظاهرين قاموا عقب انتهاء المهرجان بمسيرات غاضبة احرقوا فيها الإطارات في الشوارع واحد المحلات التجارية التابعة لشخص خارج المحافظة، فضلاً عن إحراق بسطات الخضار وتحطيم اللوحات الاعلانية المنتشرة في أرصفة الشوارع.

ماسورة ستائر ترسل جوبان وطفله إلى السجن
لم تسقط الوحدة بل ماسورة ستارة جديدة، كان عمر رجب جوبان يحاول تثبيتها في نافذة منزله.
ظل عمر في النافذة وارسل محمد لاعادتها. هو الابن الثاني لجوبان، ويبلغ من العمر 13 عاماً.
التقط محمد ماسورة الستارة من الرصيف، لكن رجال الأمن تعاملوا مع ماسورة الستائر كسلاح كيماوي يهدد الوحدة الوطنية، فقرروا ضبطه متلبساً. قبضوا على محمد وحمله أحد الجنود ووضعه على الطقم رفقة ماسورة الستائر. كان ذلك مساء الاثنين الماضي في منطقة الشرج بمديرية المكلا.
كانت اللجنة الامنية في المحافظة أصدرت في ذلك المساء قراراً باعتقال كل من ثبت تورطه في احداث الشغب التي شهدتها المديرية عقب مهرجان لأنصار الحراك.
سارع الأب إلى دورية الأمن وابلغهم أن محمد ابنه وأنه يقيم هناك، واشار إلى منزله، ربما اعتقد جوبان أن الأمن فكر أن ابنه كان ضالاً عن أهله لكنه ادرك أن الأمر ليس كذلك.
لقد اعتقل طفله بسبب احداث الشغب التي حدثت مساء ذلك اليوم.
رفض رجال الأمن التحدث إلى جوبان، وحين حاول استجداءهم اعتقلوه ووضعوه بجوار ابنه وقادوهما رفقة الماسورة إلى السجن.
الراجح أن أجهزة الامن في مديرية المكلا تلقت توجهيات باعتقال كل من يصادفونه في طريقهم.
 يعمل عمر جوبان نجاراً في تعاونية الشريط الساحلي بحضرموت، فيما طفله محمد يدرس في الصف السادس الأساسي.
توجه أحمد جوبان إلى ادارة أمن المديرية لمعرفة سبب اعتقال شقيقه عمر وابنه محمد، هناك ابلغ انهما متورطان في اعمال الشغب التي شهدتها المديرية.
 معلوم أن أنصار الحراك الذين حضروا المهرجان في ساحة الشهداء تجاوزوا العشرة آلاف.
لكن قيادة أمن المديرية رفضت اطلاع احمد جوبان على أي تفاصيل أخرى، وابلغته أن الزيارة ممنوعة بتوجيهات عليا.
لم ييأس أحمد وعاود زيارة مبنى أمن المديرية صباح اليوم التالي وتمكن من زيارة شقيقه وابنه محمد، ولكن الزيارة حددت ب5 دقائق «كان محمد شاحب الوجه وقال لي: روحني عند أمي». قال أحمد جوبان لـ«النداء» خلال الزيارة كان الهم الأكبر ل عمر هو تطمين أسرته الهلعة: زوجة وخمسة أطفال. محمد المعتقل معه في زنزانة أمن المديرية وولدان وبنتان قدر لهم ان يضلوا داخل المنزل فأفلتوا من شراك الاعتقالات.