الوحدة... جنوبية

الوحدة... جنوبية - سامي غالب

بدلاً من إعمال السياسة لابتداع معالجات تتدارك الاهتراء في النسيج الوطني، انحبست السلطة داخل «حالة إنكار» للحالة الجنوبية. وفي الأثناء تطورت هذه الحالة من دور الحالة المطلبية إلى دور الحالة السياسية لتتبلور الآن في دور «حالة وطنية جنوبية».
قبل عامين لاح هامش للسياسة في المركز وتشكلت لجان وصدرت تقارير وترددت أصداء تحركات ولقاءات في المركز وفي عدن وغيرها من مدن الجنوب والشرق، تشي بإمكان تبلور «سياسة جنوبية» تدفع الأخطار عن وحدة اليمنيين.
والآن تبدو «السياسة» عقيمة بينما تواصل الأدوات الأمنية تخصيب الأزمات في المحافظات الجنوبية والشرقية، محفزةً من حيث لا تريد أو لا تدري، هوية جنوبية خارج، وضداً على، الهوية اليمنية التي ظهرت في أصفى أطوارها صبيحة 22 مايو 1990.
في أقصى الشمال تتكرس حالة الدولة دخل الدولة، بصرف النظر عن أية أحكام قيمية حول الحوثيين، وفي الجنوب تتبلور هوية محلية ضداً على الهوية اليمنية، تحمل في صيرورتها وعداً بدولة خارج الدولة.
وإلى الانحباس داخل حالة الإنكار، تستكين النخبة الحاكمة داخل رؤية مثالية ورومانسية للهوية الوطنية تنطلق من أسطورة الهويات الاستاتيكية (الجامدة) العابرة للتاريخ والمجتمعات.
الجنوب يموج غضباً ويضج وجعاً، والمركز يلوذ بالصمت، وإلا فبالتهوين والإنكار وإلا فبالتحضير لاستعراض عسكري في الذكرى ال19 للوحدة!
والحاصل أن إعمال القوة لمواجهة ما يطفو على السطح الجنوبي بوهم، أو بدعوى، صون الوحدة الوطنية (اليمنية) يغذي هوية جنوبية في العمق الجنوبي.
 اليمن في خطر، والمجتمع اليمني يتمزق، والسلطة والمعارضة مدعوتان، بعد تمرير اتفاقهما حول تأجيل الانتخابات في البرلمان الأحد القادم، الى وضع القضية الجنوبية في صدارة جدول أعمالهما، وبحث السبل الكفيلة بإقناع مكونات الحراك الجنوبي بالمشاركة في حوار وطني يجنب اليمنيين مصير أشقائهم الصوماليين.