6 ابريل و"فيس بوكـ": ثنائي يخافه المصريون فقط!

"يعني الفيس بوك ده اختراع عظيم جدا... في ناس محترمة بتستعمله للدردشة والتعرف على أصحاب جدد أو تدور على عريس ساقع أو عروسة معتبرة، وناس بتسخدمه تسلية، وناس عشان تشهر نفسها، وتضيع وقت، وده كله معلش وشرعي وقانوني. بس أن يتم استخدامه في أغراض دنيئة، فهذا ما لا يجب السكوت عليه مطلقاااا...". ما سبق قد يكون حال السلطات المصرية من عام، والتي وجدت لها عدوا جديدا، و-هذه المرة- إلكترونياً.
قد يسال أحدهم الآن: وما هو الـ"فيس بوكـ" هذا؟ للإجابة على السؤال اتبع الرابط التالي: http://www.facebook.com
فالـ"فيس بوكـ" هو موقع اجتماعي أطلق في 4 فبراير 2004 ويسمح للمستخدمين بالإنضمام إلى عدة شبكات واكتشاف المزيد من الأشخاص الذين يتواجدون في فئة الشبكة نفسها. واسم "فيس بوكـ" (Face book) يشير إلى دفتر ورقي يحمل صورا ومعلومات لأفراد في جامعة معينة أو مجموعة، ومن هنا جاءت تسمية الموقع. وتعتبر هذه الطريقة شائعة لتعريف الأشخاص، خصوصا في الجامعات الأجنبية. ومؤسس الموقع مارك زكربيرج، 24 عاما فقط، أسس الموقع حين كان طالبا في جامعة هارفارد، وهو الآن الرئيس التنفيذي لشركة "فيس بوكـ". وكان الموقع في البداية مخصصا للطلبة في جامعة هارفارد فقط، لكن تم توسعته لاحقا ليسمح لطلبة الجامعات بشكل عام بالاشتراك في الموقع، من ثم تم توسعته ليشمل أي شخص يتعدى عمره 13 سنة. الموقع يحوي 200 مليون مشترك بحسب أخر إحصائية.
ما سبق هو معلومات أخرجتها من "جوجلـ" غير مهمة على الإطلاق، ولا تحتاج لمعرفتها بتاتا لتنضم للـ"فيس بوكـ" هذا. فالـ"فيس بوكـ" فجأة يقفز في ايميلك ليقول لك: أضافك "كي. كي" كصديق في "فيس بوكـ" وعليك التأكد من أنك تعرف "كي. كي" ليكون صديقا لك في "فيس بوكـ"، وكل ما عليك معرفته هو كيف تقبل إضافة "كي. كي" وكيف تضيف "دو. دو"، وتدردش مع "سو. سو".
والـ"فيس بوكـ" أو الـ"فيس توكـ"، بحسب الاستخدام، يمكنك فيه أن تضيف "كي. كي" دون أن تعرفه ودون أن تتواصل معه إطلاقا، فتجد أن أحدهم لديه 4987 صديقا لا يعرف أحدا منهم، وفي حالة كحالة "إسراء" يمكن استخدام هذا الرقم لعمل انقلاب عسكري.
... ومن هي إسراء!!؟ إنها بنت بسيطة جدا اشتهرت بفتاة الـ"فيس بوكـ"، فهي من جماهير هذه الشبكة الاجتماعية. وفي العام الماضي في مصر حين استخدم غرض مارك زكربيرج، النبيل والإنساني، من أجل هدف سياسي بحت، خاصة أن إخواننا المصريين اليوم من أكثر المدونين، فقد وجدوا متنزها الكترونيا للتعبير عن آرائهم السياسية، ليعبروا عن أن هذا النظام خنقهم.
وإسراء عبدالفتاح واحدة من المستخدمين المحترفين للنت، وهي في الأصل منسقة موارد بشرية في شركة خاصة، وقادت حملة الـ"فيس بوكـ" لإضراب شامل العام الفائت في مصر يوم 6 ابريل استجاب له معظم المصريين، وتسبب بشلل في كثير من القطاعات، ولم تكن فتاة الـ"فيس بوكـ" نفسها تتوقع أن يستجيب 70 ألفا من جمهور هذا الموقع الالكتروني لدعوة الإضراب، "كأن الناس ما صدقت"، لتتورط "إسراء" في تهمة سياسية، جعلت قوات الأمن تحاصرها وهي في مقهى الكتروني وصلت إليه توا لتشيّك الايميل. تخيلوا المشهد واجعلوه يمر ببطء!
قوات الأمن انقضت على الفتاة "الخطيرة" التي تهدد النظام وحبستها 15 يوما على ذمة التحقيق. يعني الأمن المصري أخذ كل هذا الوقت للتحقيق في ماذا؟ يبحث عن شركائها مثلا، أو يتأكد من اسم المستخدم والرقم السري!؟".
ما حدث لـ"إسراء" سيجعلك تفضل أن تستخدم الـ"فيس بوكـ" فقط لقبول طلبات الصداقة ونشر الصور والمراسلة، والانضمام لمجموعة "كارهي تامر حسني"، بدلا من أن ينتهي بك الأمر نائما... تحت أحد الجسور.
"إسراء" هي فعلا فتاة خطيرة، إنها تنتمي لحزب "الغد" (هل سمع أحدكم يوما عن هذا الحزب!؟). والأخطر أنها لم تدخل مقر الحزب من أشهر قبل اعتقالها، ولا تحضر اجتماعات الحزب، ولا تدفع الاشتراكات. إنها عضو مهم فعلا.
ولهذا فأنا أبحث عنها منذ أشهر في الـ"فيس بوكـ"، أريد دعوتها في 6 ابريل لحفلة عيد ميلادي، وأسألها: هو حضرتكم اخترتم 6 ابريل ليه؟! هي حبكت يعني! ما كنتوا تشوفوا يوم غيره! طبعا أعرف أنها سترفض دعوتي ولن تشاركني فرحتي، لأن هذا اليوم ارتبط بذكرى سيئة، بل أتوقع ألا تقبل طلب الصداقة أصلا.
العجيبة أن عددا من المصريين الالكترونيين ما زالوا يودون إعلان يوم 6 ابريل القادم يوما للإضراب "تااااني!!!". وإن كنت ممن وصلهم إيميل بعنوان "بيان حركة 6 ابريلـ"، فستدهش أنها قد أصبحت حركة، وليس هذا هو المهم، المهم أنك ستجد فيه من يدعوك للإضراب بمنتهى الكياسة.
وقبل أن تنضم للإضراب عليك أن تعرف أن إخوان مصر الإسلاميين لن يشاركوا بشكل كلي في الإضراب، وكثير من القوى السياسية تقول إنها دعوة دون تحديد مهامها أو أهدافها.
وأما بيان "الحركة" فيقول إن يوم 6 ابريل كان يوما فارقا في حياة مصر (بكسر الميم يا جماعة) وفي التاريخ المصري! يعني 6 ابريل كان فارقا و5 أو 4 ابريل مر عاديا!!! طبعا من يوم "الحركة" إياها وموجة الإضراب منتشرة، ووصل إلى أكثر من 1000 إضراب. وبفخر يقول البيان: "ولم يُستجَب لأي من مطالب الإضرابـ". قمة التفاؤل! أما قمة التواضع أن يكون الشعب المصري العظيم مدعوا لإضراب جديد بعد أسبوع لإصلاح الوطن، واحنا أول ما نشوف ان الإخوة في مصر أصلحوا الوطن على طول سنحجز في نفس الورشة، فاليمن هي مصر الصغيرة (بضم الصاد وفتح الغين يا إخوان) فكل حاجة عندنا هي نسخة مصغرة.
بس ما عندناش إسراء عبدالفتاح، البنت الجدعة التي لم تكن تتوقع كل البهدلة دي. برأيكم من نرشح ليمسك مكانها عندنا؟ صحيح أنا على طول في الـ"فيس بوكـ" واحب يوم 6 ابريل جدا، بس ليس لدي أي نوايا بطولية ولا أميل للنضال الالكتروني، وأفضل استخدام التكنولوجيا في أغراض سلمية، بالضبط زي استخدام اليمن للطاقة النووية.
فعادةً اليمنيون لا يحبذون ذلك النوع من الاستخدام السيئ للتقنية، وأغلبيتهم لا يستخدمون التقنية أصلا، إحنا شعب مسكين وفي حالنا، ولا نميل لمثل هذا النشاط، حتى أن اعتصاماتنا هي عبارة عن وقفة احتجاج سريعة، يعني ساعتين حتى يحين وقت الغداء والقات ليس أكثر، وممكن نقضي طوال الليل في النت وهذا لا يعني أننا ضد النظام.
لكن ماذا سيحدث إن أعلن احدهم يوم 6 ابريل يوم إضراب يمني؟! طبعا أقول هذا بثقة لأني أقولها على صحيفة مطبوعة وليس على الـ"فيس بوكـ"، يعني صحيفة يقرؤها كبار السياسيين اليمنيين والنخبة والمثقفين وكل المهتمين بالشأن العام، والذين لديهم عناوين أيضا في الـ"فيس بوكـ" ويمكنك أن تضيفهم لقائمة أصدقائك، وتدردش معهم. وهذه الصحيفة لا يقرؤها السياسيون فقط، بل أيضا أجهزة الأمن والمخابرات، ورغم ذلك يمكن لإسراء عبدالفتاح الدعوة للإضراب فيها وهي مطمئنة جداااااا، بل ربما هذه هو السبب الذي يدعوها للاطمئنان.
< تحذير: لا تدع الـ"فيس بوكـ" يدمر حياتك!