الإرهاب وزواج الصغيرات

الإرهاب وزواج الصغيرات - محمد الغباري

 فيما الإرهاب يضرب في كل مكان، مستندا إلى فتوى التكفير والإباحة، يبذل عبدالمجيد الزنداني، ومعه آخرون، جهودا جبارة من أجل خفض سن زواج الفتيات (لا الفتيان) إلى 15 سنة بدلا من 17 سنة كما كان البرلمان قد صوت على ذلك قبل نحو شهر.
باستماتة غير معهودة في أي قضية من قضايا البلاد، يحشد الزنداني زملاءه من المحافظات، ويواظبون، بالتعاون مع النائب محمد الحزمي واحمد الكحلاني وزير الدولة وآخرين، على الحضور إلى مجلس النواب، ويمارسون الضغوط ويصدرون الفتوى التي تجرم تحديد سن زواج الفتيات؛ وكأن الهدف من الزواج هو الممارسة الجنسية لا غير، لأن هذه الجهود أثمرت اتفاقا مع لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية على تعديل نص المادة المصوَّت عليها بصيغة تمنع زواج الفتيات عند سن 15 إذا كانت مؤهلة للوطء!!
أنا على يقين من أن هؤلاء لو بذلوا ربع هذا الجهد في مواجهة الفكر المتطرف والعناصر الإرهابية لكان حالنا أفضل مما هو عليه الآن، ولما وجدنا فتى يفجر نفسه على مسافة بسيطة من منزل الزنداني اعتقادا منه أن ذلك هو الجهاد في سبيل الله ومفتاح الجنة، كما فهم ذلك من مشايخ الدين. لم نسمع عن هذه الاستماتة في كل التحديات التي تواجهها البلاد، ولم يصدر عن هؤلاء فتوى تحرم قتل السياح واستهداف المصالح والشركات والأجانب لمجرد أنهم يعتنقون دينا غير ديننا!
لم يصدر عن هؤلاء، الذين لم يجدوا ما يغارون عليه غير السماح بالزواج من الصغيرات، أي موقف جاد وواضح من الإرهاب واستباحة الدماء وضرب المصالح الاقتصادية للبلاد وتكفير المجتمع! وكل جهدهم ينصب على هدف لا صلة له بقدرة الفتاة القاصرة على تحمل مسؤولية بناء أسرة أو الحمل والولادة؛ فالغاية العظمى هي قدرتها على ممارسة الجنس، وكأنَّ مشاكل الأرض والسموات ستحل إذا ما تمت الاستجابة لرؤيتهم هذه!!
 اليوم هناك جيل من الانتحاريين الذين تشبعوا بالتكفير، واقتنعوا بأن قتل الناس هو أسهل الطرق لدخول الجنة، كما ورد في وصية الانتحاري الذي استهدف الفوج السياحي الكوري. وقد ساهم عدد كبير من مشايخ الدين في هذه التعبئة أو تواطؤوا بعدم إصدار إدانات صريحة لمثل هذه الأفعال، فتحولت اليمن إلى معقل حقيقي للإرهاب الذي دمر أفغانستان تحت راية الإمارة الإسلامية ولم يجد بعدها الشعب الأفغاني دولته المصادرة، ولا الدين الذي زعم هؤلاء أنه يسعون لتطبيقه.
فقراء اليمن لا يعنيهم أن يرغب هذا الشخص أو غيره بالزواج من صغيرة. وأطفال البلاد بأمسّ الحاجة لتعليم حقيقي ورعاية صحية ومستقبل يضمنون فيه فرص عمل وبناء أسر لا تدمر بنيانها حالة الإحباط التي تدفع بالمراهقين إلى محرقة البحث عن النجاح في عالم آخر...!
malghobariMail