دعا السلطة إلى الاعتراف بالقضية الجنوبية والكف عن قمع نشطائها.. الاصلاح يحذر من عواقب إهدار الوقت المخصص لاجراء اصلاحات دستورية وقانونية

دعا السلطة إلى الاعتراف بالقضية الجنوبية والكف عن قمع نشطائها.. الاصلاح يحذر من عواقب إهدار الوقت المخصص لاجراء اصلاحات دستورية وقانونية

وصف البيان الختامي للدورة الثانية للمؤتمر العام الرابع للتجمع اليمني للاصلاح الاتفاق السياسي على تأجيل الانتخابات النيابية بأنه محاولة أخيرة لتلافي اتساع نطاق الأزمة (الوطنية).
وشدد على أهمية احترام الوقت لإنجاز اصلاحات تمكن من أجراء انتخابات حرة ونزيهة، وحذر من أن إهدار الوقت كما جرى سابقاً سيؤدي إلى عواقب وخيمة.
وانعقدت الدورة الثانية للمؤتمر في قاعة أبوللو يومي الأربعاء والخميس الماضيين، وهو الموعد المحدد في النظام الداخلي لعقد دوراته الوثائقية ما يؤكد تميز حزب الاصلاح عن غيره من الأحزاب اليمنية في الالتزام بنظامه الدخلي. وقد أقر المؤتمر تعديلات على النظام الداخلي تتضمن إعادة هيكلة وتطوير أطره المركزية والمحلية.
 وعن «القضية الجنوبية» ثمن البيان الختامي مواقف وأدوار أعضاء وأنصار الإصلاح واللقاء المشترك خلال «مشاركتهم في كافة المناشط والفعاليات السلمية التي تمت في المحافظات الجنوبية».
ورأى البيان أن القضية الجنوبية «سياسية وحقوقية ومطلبية (وهي من) أبرز مظاهر الأزمة الوطنية، ومدخل صحيح وسليم للاصلاح السياسي والوطني الشامل». وطالب السلطات بالاعتراف بها كقضية سياسية، وعدم التعالي عليها والكف عن قمع نشطائها.
وهذه هي المرة الأولى التي يشير فيها الاصلاح في بياناته صراحة إلى القضية الجنوبية، ويحدد منها موقفاً يقترب من موقف حليفه الحزب الاشتراكي.
 وفي محور الحقوق والحريات، أكد البيان الختامي على ضرورة إنشاء هيئة مستقلة تختص بحقوق الانسان بعيداً عن هيمنة السلطة. وبارك جهود المرأة الإصلاحية في مختلف المجالات رغم ضيق الفرص المتاحة بسبب سياسات السلطة ومصادرتها للحقوق والحريات، مؤكداً على حث المرأة على ممارسة حقوقها السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي كفلتها الشريعة الاسلامية وتضمنها الدستور.
وفي المحور الاجتماعي، دعا البيان الختامي السلطة إلى الاهتمام بالمرأة ثقافياً وصحياً، ومعالجة المشاكل المتعلقة بالمرأة كالتزويج بالإكراه والحرمان من الميراث والحرمان من التعليم. وتجنب الخوض في قضية تحديد سن الزواج في 17 سنة في تشريع أقره مجلس النواب مؤخراً واعترض عليه نواب وشيوخ دين من الاصلاح وتيارات أخرى.

***

 > رفض الزنداني دخول المرأة الأمانة العامة ونهض طالباً الكلمة وأخرج من جيبه سلاحه السري فشعر المشاركون بالخطر
> استخدم اليدومي سلاح الوحدة التنظيمية مذكراً بمصير البعثيين والناصريين فقبل الزنداني الاحتكام إلى القاعة.
كيف تجاوز الإصلاح عقبة الانشقاق العظيم

> علي الضبيبي

عاش التجمع اليمني للإصلاح، الخميس الفائت، ساعات عصيبة هي الأصعب في تاريخ مؤتمراته العامة على الإطلاق.
يومذاك تغلبت المؤسسة على الفتوى، وتخطت المرأة عتبة الأمانة العامة بالتصويت. واللافت أن أشياء كثيرة تغيرت في قناعات الإصلاحيين الفكرية والثقافية، وبدا مؤتمرهم العام الرابع متطوراً ومختلفاً إلى حد كبير عن دوراته ال8 السابقة. هذه المرة كان حضور المرأة يفوق بكثير عدد الشيوخ الرافضين لها. وحتى عبدالمجيد الزنداني نفسه بدا في نظر القاعة متساوٍ مع أمة السلام علي رجاء في جملة الحقوق.
افتتح الإصلاح دورة المؤتمر العام الرابع (الوثائقية) صباح الاربعاء واختتمها مساء الخميس في تمام ال10 والنصف. وفي هذه الدورة الوثائقية أدخل الاصلاح تعديلات مهمة على نظامه الداخلي، وقرر تحت ضغط التوسع التنظيمي إعادة ترتيب بنيته القيادية عند كل دورة انتخابية (داخلية) من القاعدة إلى القمة، وتأهيل6 من مكاتبه التنظيمية إلى دوائر تنفيذية في إطار الأمانة العامة.
هذه المكاتب هي: المكتب النسوي، الفني، القانوني، الطلاب، المغتربين، الانتخابات. لكن الاعتراض كان جاهزاً على واحد من هذه المكاتب: مكتب المرأة. كيف سيتحول إلى دائرة في الأمانة العامة؟ كان هذا مدخل بعض علماء الدين المتشددين لابراز اعتراضهم.
في كل مؤتمراتهم السابقة تقريباً شكلت المرأة المحور الأهم والأخطر في نقاشات الإصلاحيين ومداولاتهم. ليس ذلك فقط بل وحتى نقطة الضعف الحقيقية.
بدأت القصة تأخذ مداها في المؤتمر العام الثاني (1998) وراحت تتوسع عندما أعلنت المرأة نفسها مرشحة لمجلس شورى الاصلاح.
في ذلك الوقت، لم تكن الفكرة مستساغة عند الغالبية الساحقة من الاصلاحيين. كانت الفتوى بالمنع يومئذٍ ضارية. لكن المرأة لحسن حظها كانت مسنودة من رجال التنظيم الأقوياء. وإلاَّ كيف تمكنت 7 نساء حينها من الوصول إلى قاعة مجلس يترأسه واحد من أبرز المناوئين لها.
ومن حينها فجرت هذه الخطوة داخل تكوينات الاصلاح على كل المستويات (العليا، الوسطى، الدنيا) جدلاً واسعاً وصل حد السخط وإصدار المنشورات والكتب. بالنسبة لحزب تأسس منهجه على نظرية التدين والدعوة إلى الله فإن رفض القبول بأفكار جديدة من هذا النوع نتيجة طبيعية. خصوصاً إذا كانت مفاجئة و«العلماء» يفتون بحرمتها.
 كان الخلاف يرحّل بأساليب أنيقة وهادئة يستخدمها رجل التنظيم الأول ياسين عبدالعزيز الذي أدار كل مؤتمرات الاصلاح السابقة ودوراته المهمة. بالتأكيد عند كل فعالية كانت المرأة تحرز نصراً وبالموازاة كانت شعبية تيار «الإفتاء» تتناقص دورة تلو أخرى. وكان الرعب يطوق الجميع: رعب الانشقاق العظيم.
حرص ياسين عبدالعزيز على حضور كل الدورات السابقة محتفظاً بموقفه الشرعي من القضية، على الأقل داخل المؤتمرات العامة. في الدورة الأولى للمؤتمر الرابع (فبراير 2007) تجاسر ياسين وأفصح عن رأيه بعد 3 ساعات من الجدال بين الفقهاء المحرِّمين من جهة والنساء وأنصارهن من الفقهاء القائلين بالجواز من جهة ثانية. قال ياسين عبدالعزيز رأيه الفاصل لصالح المرأة قبل سنتين.
لم يحضر ياسين عبدالعزيز دورة المؤتمر العام هذه المرة. لكن الزنداني كان متواجداً على رأس الصف الأول من أول يوم وفي جيبه سلاح سرِّي 37 عالماً موقعين على ورقة.
الزنداني لاح متجهزاً للنزال هذه المرة. وسرت رجفة في أوصال الاصلاحيون عندما نهض صاحب القامة واللحية الطويلتين كأول مشارك يطلب الحديث بعد جلسة الافتتاح. طلب الكلام بسم العلماء الموقعين على الورقة «فيما يتعلق بالتعديلات» ليقولوا موقفهم من المرأة. قال له اليدومي: «حاضر عندما نصل إلى هذه النقطة يا أخ عبد المجيد».
استمعت القاعة إلى طلب الزنداني بانتباه وأخذوا يتساءلون: «أين الاستاذ ياسين هذه المرة»، ويدعون الله: «يا الله سترك». كانوا خائفين من حدوث مكروه داخل الاصلاح خاصة وقد رأوا وسمعوا عبدالمجيد الزنداني يطلب الكلام بسم مجموعة من الشيوخ.
اليدومي، الذي تفرد بإدارة المؤتمر لأول مرة دون الشيخ عبدالله و ياسين عبدالعزيز، بدا مستعداً هو الآخر، وكانت أعصابه في منتهى الهدوء. لم تظهر عليه أية علامات توتر أو قلق وهو ينتقل بسلاسة بالبرنامج من فقرة إلى أخرى. وقد حاول ألا يستعجل الوصول إلى المنطقة الخطرة ونقطة الخلاف الاساسية في «مشروع التعديلات». أما الزنداني فقد اضطر إلى خوض قتال ضار مع الوقت ملتزماً الصمت حتى جاءت الفرصة السانحة عصر اليوم الثاني عندما نهض مجدداً لإشهار السلاح السري.
الساعة تشير إلى الخامسة بعد العصر واليدومي يشير إلى الزنداني: «تفضل يا أخ عبدالمجيد وأعرض وجهة نظرك حول مشروع التعديلات على النظام الأساسي». توجه الزنداني إلى منصة الحديث الرسمية وحمد الله وأثنى عليه ثم صلَّى علي النبي وقال: «هذه ورقة موقعين عليها 37 عالماً وليس لديهم أي اعتراض على التعديلات سوى على قضية واحدة»، ولم يفصح عنها إلا بعد مقدمة طويلة، على الرغم من أن كل فرد كان يعرف أنها قضية المرأة الحساسة جداً.
سرد الشيخ عدداً من الأدلة والبراهين التي يعتقد أنها قاطعة في منع اختلاط الرجال بالنساء. وكان يقرأ ورقة الفتوى المقدمة من زملائه ويخرج عنها إلى بعض التفسيرات قائلاً: «هذه من عندي» يقصد ما كان رأيه هو.
ركزت الورقة على نقطتين محددتين توجبان المنع: الاختلاط والخلوة بالأجنبية. ومن كلامه هو لم يتضح للناس إنْ كان الرجل مع تحريم ممارسة المرأة للعمل السياسي أم أنه معترض فقط على انتقالها من مكتب نسائي إلى دائرة في الأمانة العامة. (الذي اتضح لليدومي أنها الأخيرة).
أمضى الزنداني قرابة ساعة يعرض رأيه ويفصَّل وجهة نظر أصحاب الورقة. لم يقاطعه أحد أو يتدخل. كان الجميع مركزين معه ويستمعون إليه بإنصات. حتى اليدومي، وهو يدير الجلسة لم يتضايق لذهاب الوقت بل العكس حرّك كرسيه الدوَّار 90 درجة إلى اليمين وأرخى أذنيه يستمع لوجهة نظره. انتهى الزنداني وقفل عائداً إلى مكانه جوار حميد الاحمر.
شكر اليدومي «الاخ عبدالمجيد والأخوة أعضاء المؤتمر الموقعين على الورقة على وجهة نظرهم هذه التي نحترمها ونقدرها». قبل أن يضيف: «هناك وجهة نظر أخرى لأكثر من واحد، وهم الآن يريدون الكلام وهم كثير. أيها الاخوة كل واحد منكم لديه رأي في هذا الموضوع سوف يتكلم حتى لو مدَّدنا الجلسة إلى بكره أو بعده». «الاخ غالب القرشي يطلب الكلمة، تفضل».
صعد غالب القرشي (فقيه التنظيم) إلى المنصة وجلس إلى جوار اليدومي مستأذناً القاعة لأن وضعه الصحي لا يسمح بالوقوف طويلاً.
كان مرهقاً على ما يبدو وكانت وجهة نظره على الضد من وجهة نظر الزنداني. ركَّز في ورقته على ضرورة التقيد بأداب الاختلاف مع الآخرين من وجهة النظر الشرعية. وتتبَّع الاخطاء التي انطوت عليها ورقة الزنداني في هذا الجانب. ثم ساق الأدلة التي «توجب» على المرأة القيام بمسؤولياتها في الشأن العام. كانت ورقته مركزه وصوته خافتاً و كانت النساء تصفّق لها بحرارة. وكان اليدومي يتدخل: «أيها الأخوة نرجو الهدوء».
نزل القرشي من المنصة وهرع إلى مقدمة القاعة الدكتور صالح الوعيل من جهة الشمال داعماً رأي الزنداني ومقترحاً «أن تُحال القضية إلى العلماء... إلى العلمااااء»، وقدَّم حيثيات تبرر هذا الحل وتوجب العمل به كضرورة شرعية.
حاول الوعيل وهو استاذ الحديث في كلية التربية في جامعة صنعاء، أن يختصر، وأعلن اليدومي عن وجهة نظر أخرى موقعين عليها 200 طالب من جامعة الإيمان تخالف رأي مجموعة ال37 وقال إن هناك أيضاً حوالي 200 امرأة فقيهة داخل الاصلاح وموجودات ولديهن وجهة نظر كذلك. «كل أخ وأخت لديه رأي سوف يقوله وسوف نسمع له» تعهد اليدومي.
وجاء دور أمة السلام علي رجاء رئيسة المكتب النسوي. لقد وقفت واستعرضت قدراتها الدفاعية مدعومة بالتصفيق النسوي الجارف وتصفيق الرجال أيضاً وقليل من التكبير. قالت أمة السلام إن المرأة مساوية للرجل في جملة الحقوق والواجبات «بعضكم من بعض». وأن المرأة في القرآن حاكمة. وأن قرابة 30 حديثاً في البخاري ومسلم تثبت هذا الحق. كانت تقرأ من الورق، مستغربة من الكلام عن الخلوة الشرعية والنظرات المحرمة وغير ذلك: «هذا لا يحصل داخل الاصلاح». وتساءلت: «متى أصلاً داخل الاصلاح يختلط الرجال بالنساء». وإذ أكدت على حقوق المرأة في الاسلام، شددت على ضرورة فهم الواقع الموضوعي للفتوى. «للأسف هذه الفتوى بعيدة عن الواقع لأن أصحابها ليسوا منشغلين بالعمل التنظيمي» وجهت ضربتها الفنية القاضية. لقد كان كلامها في الصميم كما بدا على وجوه الرجال.
محمد الصادق ثالث الموقعين مع الزنداني كان حاضراً. ومن المستحيل أن يحتدم النقاش عن المرأة كل سنتين دون أن يلقي بدلوه. جاء دوره الآن، وقد نهض ولكن حجته لم تكن متماسكة. حاول أن يقنع الناس بدليل: «سداً للذريعة». لقد كانت قناعاته وافكاره تنطلق من هذه الحجة التي لم تقنع أحداً على ما يبدو.
تتالت وجهات النظر المتصادمة الواحدة تلو الأخرى، وكانت أرواح الاصلاحيين تحلق في السماء السابعة «اللهم سلَّم سلَّم». الأوراق كانت تتدفق على اليدومي من كل جهة وعبدالوهاب الآنسي الى جواره ساكن.
في هذا الجو المتوتر والمشحون بالخلاف ذكرَّ اليدومي طالبي الحديث بأنهم ليسوا في برنامج الاتجاه المعاكس. «كونوا في غاية الهدوء» توجه إلى أعضاء المؤتمر المحتشدين في القاعة. ومن المتحدثين المهمين أيضاً عباس النهاري مقرر لجنة تقنين الشريعة الاسلامية في مجلس النواب. كانت ورقته معمقة ومركزة على نحو مهذب. وقد ذهب يدحض ما ذهبت إليه ورقة ال37. تناول حيثياتها وأسانيدها نقطة نقطة، وعضَّد من قوة ورقة القرشي وأمة السلام علي رجاء.
انتهى عباس النهاري ووقف صاحب التوقيع الأهم في ورقة الزنداني. عبدالوهاب الديلمي قال بأن بعضاً مما جاء في الورقة (يقصد ورقة الزنداني) لم يقله. «لم أقل إنه لا يجوز». وأضاف بأن القائلين بالتحريم سداً للذريعة ليست حجتهم مقنعة معدداً لهم الأسباب. هذه المداخلة القصيرة للديلمي كانت مفاجئة، وربما كان وقعها شديداً على الزنداني الذي كان يخسر واحداً من أهم حلفائه.
ربما كان حميد الامر آخر المتحدثين. لقد دفعت به الحمية لأن يحاول فض الاشتباك في هذا الموقف العصيب. وقف بينما القاعة في أقصى درجات التوتر والترقب. اقترح أن يُكتفى بالنقاش وأن تحسم القاعة الموضوع أو أن يحكِّم الطرفين: «يختار هذا الفريق 3 منهم وهذا الفريق 3 وال6 يجتمعوا ويختاروا من بينهم رئيس ويحسموا الموضوع».
وهلل وجه الزنداني لمقترح الشيخ حميد وذهب إلى المنصة يعلن موافقته عليه لكن اليدومي تدخل بقوة شاكراً الشيخ حميد ومشدداً على أن هذه القضية إدارية بحتة «ليست أكثر من ذلك». قال: «لدينا نظام أساسي سنلتزم به وسنحسم القضية بالتصويت، من مع هذا الرأي ومن مع هذا». انتفض الزنداني مقاطعاً: «التصويت هذا هو الذي يهدم الدين»، وهنا ثار غضب اليدومي وارتفع صوته: «لا يقل أحد أو يعتقد أبداً أن كلامه دين. ليس كلام أحد دين أبداً». «عندما يقول هذا العالم أو ذاك رأيه فإنه ليس ديناً وإنما فهماً للدين». وتابع: «لا تفرض عليَّ رأيك.. وليس هناك أحد وصيٌ علينا أبداً. كلنا نفهم الدين ونحتكم للنظام الاساسي ومن حق أي واحد يصوت لهذا الرأي أو ذاك».
عقَّب الزنداني قائلاً بأن هذه مسألة من شأن العلماء ولا تخضع للتصويت لأن العوام قد يصوتون بما يخالف الشرع. ردَّ اليدومي: «مرجعيتنا النظام الاساسي وهذا النظام ينبثق من الشريعة وكلنا مسلمون نتعبد الله في ضوء فهمنا لدينه» وزاد واصل: «اعتبرونا عوام»، رافعاً صوته «اعتبرونا جهَّال لا نفهم شيء». وواصل رفع نبرة صوته: «اعتبرونا نحن هنا 4000 عضو اعتبرونا عواااام مقلدين». وتساءل مغاضباً: «هل من حقنا أن نقلد هذا الرأي أو ذاك. خلاص اعتبرونا مقلدين جهَّااال، عوااام». وكان الزنداني ممسكاً بعصاه كمن يستعد للنهوض والانسحاب فقال اليدومي ونظراته تتوزع على القاعة: «لا ترغمني برأيك ولا تهددني بالإنسحاب، أنت قلت رأيك واستمعنا إليك وهذا قال رأيه وسمعنا لا تفرض على الناس رأيك».
بلغت الأمور إلى حافة الخطر. لكن اليدومي لم يكن يرى الأمر كذلك، قال: «بعض الاخوة خائفين من الانقسام ويطلبون إيقاف النقاش». وأخذ ينبههم بأن المؤتمر لن ينهي جلساته إلا وقد أنهى هذه القضية. وأقسم لهم يميناً «بالله الذي لا يُقسم إلا به أنهم يريدون أن يشقوا الاصلاح من خلال قضية المرأة». وذكرهم منبهاً: «أن هذه الحركة قدمت دماء وأرواح».
عند تلك اللحظة الحرجة استنفر اليدومي ملكاته القيادية، في مسعى منه للتخفيف من حدة السجال ولتحفيز روح الجماعة، واشار إلى أن الانقسامات داخل الاحزاب، قومية وإسلامية تمت في مؤامراتهم العامة: «البعثيون انقسموا في مؤتمرهم العام، واتحاد القوى الشعبية انشقوا في مؤتمرهم العام والناصريون انشقوا في مؤتمرهم العام». وهنا وقف الزنداني وقد اطبق الخوف كل جوانب القاعة. ماذا قال؟ أقسم لهم أن ما دفعه وأصحابه إلا الخوف من الله وأنه مسلِّم للقاعة تقول رأيها، وتعهد أن الانقسام لا يمكن أن يحصل داخل الاصلاح بسببه، فكبَّرت القاعة وصفقت النساء فرحاً.
طلب اليدومي التصويت من القاعة على الخيارين. أولاً من مع الرأي الذي يعتبر وصول المرأة إلى الأمانة العامة حرام «لا يجوز» فلم تبان الأيدي التي ارتفعت لقلتها. وقال من مع مشروع التعديلات فهاجت الأيدي دفعة واحدة.