بعد تبرئتها في الابتدائية قبل عامين وإدانة البحث بالتعذيب.. بسمة محمد سالم الزغير تتعذب في محاكمة رتيبة وثروة والدها يستنزفها الغرباء

> «النداء»
 قبل أكثر من عامين برأ القضاء بسمة محمد سالم الزغير من تهمة قتل والديها. وأدان الحكم الذي صدر في 4 ديسمبر 2006 البحث الجنائي بممارسة التعذيب وقرر بطلان الاعتراف الصادر من بسمة (15 عاماً) لأنه صدر تحت وطأة الإكراه والتعذيب. وفي البند الرابع من ذلك الحكم الاستثنائي غير المسبوق، قررت المحكمة إعادة المضبطات الخاصة بالمتهمة «البريئة» والمحرزة لدى النيابة العامة إليها.
بعد عامين لم تزل الشابة التي برأها الحكم الابتدائي الصادر من محكمة جنوب غرب العاصمة، تتابع وراء المضبوطات. وأكثر من ذلك فإنها رفقة شقيقها بسام (17 عاماً) يترددان منذ عام ونصف على محكمة الاستئناف، بعد أن قررت النيابة العامة استئناف الحكم الابتدائي.
كانت بسمة أُتهمت بقتل والدها رجل الاعمال محمد سالم الزغير ووالدتها نوال حسن أحمد عثمان، لكن مسار القضية في المحكمة بيَّن أن أجهزة البحث، ولاحقاً النيابة، أهملت الكثير من القرائن التي تشير إلى احتمال وجود متهمين آخرين، كما أن تقريراً طبياً أظهر تعرض القتيلين إلى كدمات وإصابات في جسديهما خلاف ما ورد في قرار الاتهام من أن المتهمة ارتكبت الجريمة بواسطة مسدسها الاسباني الذي كان في حوزتها. على أن الأمر الحاسم في القضية هو ثبوت تعرض المتهمة إلى تعذيب جسدي بغية إجبارها على الاعتراف بجريمة القتل.
خرجت بسمة من السجن، لتبدأ رحلة عذاب جديدة، فعلاوة على المضبوطات التي لم يتم إعادتها، لم تتمكن هي وشقيقها من العودة إلى منزل العائلة الذي بات تحت سيطرة رجال قبائل يقولون إنهم يتبعون عم الشقيقين. إلى المنزل المخطوف، توقفت مطبعة الجيل عن النشاط في 2005 في ظل ظروف غامضة، إذ أن صحفاً معارضة ومستقلة كانت تطبع في مطابع الجيل بتسهيلات. ما أدى إلى تعرض إدارة المطبعة لضغوط حكومية لوقف طبع الصحف ثم ما لبثت أن توقفت نهائياً عن العمل بزعم خلاف الورثة.
وإلى المنزل المحتل والمطبعة المعطلة، حُرِمت بسمة وباسم من تركة والدهما، وعوائد صحيفة الوسيط الاعلانية. وهما الآن يقيمان في شقة بالإيجار في وسط العاصمة صنعاء.
 «النداء» حضرت عدة جلسات في محكمة الاستئناف خلال الأسابيع الماضية ولاحظت درجة السأم لدى بسمة وشقيقها وهما ينتظران تشريف ممثل النيابة قاعة المحكمة.
وفي الثلاثاء قبل الماضي، انتظرت بسمة ومحاميها الاستاذ أحمد الأبيض، ومحامية أسرة والدتها المحامية شذى ناصر عدة ساعات. لكن ممثل النيابة الذي استأنف الحكم كان مشغولاً في مكان آخر بعيداً من وسط العاصمة حيث تقع محكمة الاستئناف. كان على رئيس المحكمة القاضي نجيب قادري أن يستجيب لمناشدة بسمة التي تضطر لحضور جلسات المحكمة للنظر في قضايا أخرى دون أن تسنح لها فرصة حضور جلستها هي، إذ أن ممثل النيابة مشغولاً جداً في الانتصار للعدالة خارج ساحاتها! استجاب القاضي لمناشدة بسمة، موجهاً كاتب المحكمة تقديم قضيتها في جدول المحكمة في جلسة الثلاثاء 10 مارس. ذهبت بسمة أمس إلى ساحة العدالة. وهناك استمعت إلى النغمة المكرورة لممثل النيابة الذي لم يقل جديداً، مكتفياً بإعادة عرض أدلة سبق أن أبطلها الحكم الابتدائي. واذا سار الأمر على هذه الوتيرة البطيئة فإن حكم الاستئناف الذي يرجح أن يؤيد الحكم الابتدائي، لن يصدر إلا بعد أن تكون ثروة محمد سالم الزغير الرجل الذي قتل في ظروف غامضة، ويعتقد أن تلاعباً حدث في ملف التحقيق في مقتله، ستكون قد تسربت إلى جيوب وأرصدة أشخاص آخرين لا يمتون له بصلة، فيما سيتوجب على بسمة وشقيقها الانخراط المبكر في العمل لسداد فاتورة معيشتهما.