على النيابات التفكير من منظور اقتصادي بشأن المعسرين

على النيابات التفكير من منظور اقتصادي بشأن المعسرين - هلال الجمرة

صارت مطالبة النائب العام بإعمال القانون إزاء المحتجزين على ذمة حقوق خاصة، تثير السأم.
لندع القانون جانباً ولنسأل النيابات العامة وأصحاب الحق من جانب تجاري ومصلحي: ماذا استفدتم من استمرار احتجاز السجناء المعسرين رغم انتهاء فترات العقوبة المحكوم بها عليهم منذ سنوات؟!
هل بإمكان هؤلاء السجناء سداد ما عليهم وهم في سجونهم؟! وكيف؟! وما النتيجة التي ستجنيها النيابات العامة وأصحاب الحقوق الخاصة؟!
مثلاً يحتجز السجن المركزي في تعز علي صالح زياد منذ 15 عاماً، والذي يسمونه «عميد المعسرين» على ذمة أموال عامة تبلغ 4 مليوناً و118 ألف ريال. في حالة زياد لو تجاهلنا المدة المحكوم بها عليه (سنتين)، وافترضنا أنه (لا قدرت النيابة) غادر السجن قبل 13 سنة، فإن النتيجة ستكون مبشِّرة: أكمل تسديد ما عليه قبل أشهر بقسط يومي بمعدل 850 ريالاً.
لم يحدث هذا، بل كان مجرد حلم. فعلي صالح زياد ما يزال سجيناً، والقسط الذي افترضناه ينخفض يوماً بعد آخر. وفي المسائل الرياضية يقال: كلما طالت فترة احتجازه داخل السجن انخفض القسط إلى أقل من 850.
وفي قوانين الاحتمالات لو استطاع زياد أن يحسِّن من دخله اليومي لكان القسط أكثر، ولتمَّ التسديد خلال فترة أقل. لكنه الآن لم يسدد ريالاً واحداً لصاحب الحق (الدولة)، بل يشكو أن خسارته داخل السجن وصلت إلى ضعف المبلغ. لا تقتصر الخسارة على السجين فقط، بل تعتمد الدولة مبلغ 700 رياب يومياً للسجين الواحد «بدل تغذية» وفقاً لاعتمادات الدولة.
حتى من المنظور التجاري اتضح أن كلا الجانبين السجين، وصاحب الحق، غير مستفيدين وكذلك الدولة فهي تتكبد خسائر طائلة في تغذية السجناء وتخترق القانون وتدفع من رصيدها الأخلاقي أمام الدول والمنظمات العالمية المهتمة بحقوق الانسان.
إلى علي صالح زياد يحتضن مركزي تعز ومركزي صنعاء عشرات السجناء المعسرين.
محمد علي يحيى محسن، عصفت به 40 ألف ريال (ديوناً) إلى مركزي تعز قبل سنة ونصف، وحكم عليه بالسجن «18 شهر»، ودفع ما عليه.
بعد انتهاء فترة العقوبة المحددة في السجن فشل محمد في سداد ما عليه واعلن عجزه، فقررت النيابة إبقاءه في السجن.
منذ فترة سجنه الزائدة على الحكم وصل القسط اليومي له إلى 77 ريالا. وبعد أشهر فقط سيكون القسط 10 ريالات» فقط.
أين الدائن ليحسب بهذه الطريقة؟ أين النيابة لتفكر بهذا الخطأ؟ قُيِّدتْ حريته وصار السجن كأنه نافذ مبتز يؤجِّر عماله ب77ريالاً ويستعبدهم بها.
أيعقل أن يعجز محمد علي محسن عن سداد40 ألف ريال لو كان حراً هذه الفترة!؟ الآن وهو سجين -مؤكد ذلك- يقول: «أنا سأخرج من السجن وأنا مديون لآخرين في السجن»، هكذا ستكون النتيجة! ويضيف: «على النيابة أن تراجع نفسها وتصحح أخطاءها قبل أن تساوي قيمة سجني واحد شاهي».
تباهي الدولة باعتماد مبلغ 700 ريال لكل سجين بدل تغذية. وفي ذلك كان محمد سيوفر على الدولة مبلغ 319 ألفاً و900 ريال بدل التغذية المحسوب عليه من الدولة منذ فترة الزيادة التي قضاها في السجن، لو أنه غادر السجن عقب إنتهاء فترة العقوبة المحددة في الحكم إلى جانب سداد المبلغ الذي عليه (40 ألف ريال).
وحيد محمد ناجي، فهمي العزي، وجدي عبدالجبار دائل، ووسيل محمد عبده قاسم، جميعهم محكومون على ذمة أموال عامة، وجميعهم أكملوا فترات العقوبة المحكوم بها عليهم وزادوا عليها سنتين لكل حالة.
فوحيد، 34 عاماً، وفهمي العزي، 33 عاماً، مشتركان في قضية واحدة ومحكوم عليهما ب4 ملايين و127 ألف ريال للدولة وسجن سنتين. الآن يمضيان عامهما الرابع في السجن. كانتا جرين كبيرين، وكان باستطاعتهما سداد مبلغ 2500 ريال يومياً لمدة سنتين، إلا انهما سجنا حتى الآن ولم تطلق النيابة سراحهما حتى بعد انقضاء فترة العقوبة.
كذلك كان مصير الصديقين وجدي ووسيل، اللذين حوكما بتهمة الاستيلاء على أموال عامة وأصدرت محكمة الاموال العامة بتعز حكماً قضى بسجنهما سنة و8 أشهر ودفع مبلغ 400 ألف ريال. كان ذلك في عام 2005.
لم يتم اطلاقهما بانتهاء فترة العقوبة بل استمرت نيابة الاموال العامة بتعز في احتجازه حتى اللحظة. ويشكو وجدي من تكالب الوضع: «أنا الآن مديون داخل السجن آلاف.. ولو أفرجوا عني قبل سنتين كنت شاشتغل وشاسدد الفلوس اللي». فلو افرجت عنه النيابة مع التزامه بدفع المبلغ على أقساط من تلك الفترة لأصبح الآن خالياً من الديون بدفع قسط يومي بمعدل 285 ريالاً و8550 شهرياً.
لا يوجد لدى الحكومة حس تجاري، وNلا لاستثمرت مثل هذه الحالات، ولتكفلت بسداد ما عليهم، ووفرت على نفسها عناء «تغذيتهم»، ووفرت الأموال الزائدة من هذا الاعتماد لصالح العناية بالسجون واصلاحها وتسوية أوضاعها.

***

الشرطة النسائية تستخدم الهراوات لضربالسجينات في تعز
 
وصلت “النداء” شكوى مقدمة من نزيلات السجن المركزي بتعز، تشكون من أساليب الانتهاكات التي يتعرضن لها من قبل أفراد الحراسة النسائية هناك.
وأفدن بأن العسكريات قمن بالاعتداء عليهن في الأسبوع قبل الماضي بالضرب “بالهراوات” وأمطرنهن بالشتائم والسب والألفاظ البذيئة. وقالت السجينات إن الشرطة النسائية التي تم تكليفها مؤخراً، تتعامل معهن بأساليب قمعية ومستفزة، وأنها تقوم بإيقاظهن في أوقات متأخرة ومتكررة من الليل بحجة البحث عن التلفونات المحمولة التي تقول إنها بحوزة السجينات. مشيرات إلى واقعة الاعتداء التي تعرضت لها إحدى النزيلات، 20 فبراير الفائت، إذ قامت الشرطيات بتقييدها منذ فجر الجمعة الماضية حتى نهار السبت، ومنعن عنها الأكل والشرب، ما أدى إلى تورم يدي السجينة.
وأوضحت الشكوى أن الشرطيات المكلفات حديثاً: سمر، أحلام، عبير، وفائزة، يقمن بوضع أية نزيلة لا تنصاع لأوامرهن في زنزانة مترين × متر ونصف. وطالبت النزيلات عبر “النداء” وزيرة حقوق الإنسان ووزير الداخلية ورئيس مجلس القضاء الأعلى بتشكيل لجنة محايدة تضم الجهات المعنية ومنظمات حقوق الإنسان وممثلين من وسائل الإعلام، للنزول إلى السجن لاستقصاء الحقائق وأخذ أقوالهن في ما يتعرضن له من انتهاكات.
وفي تقرير سابق أعدته المحامية معين العبيدي منسقة المرصد اليمني لحقوق الإنسان بتعز، في أغسطس الفائت، عن الانتهاكات التي تتعرضن لها السجينات في مركزي تعز، قالت فيه إن أوضاع النزيلات يرثى لها، وإن السجينة لا تجد صابون لتنظيف ملابسها أو أطفالها أو جسدها، وإن إدارة السجن لا تصرف شيئا، وينتظرن منظمة لايعرفن اسمها تأتي رأس كل شهر توزع لهن كيسي صابون للسجينة و4 لمن لديها طفل.
وأضاف التقرير أن غرفة العيادة الطبية غير مفعلة، وأن السجينة قد تموت قبل أن يأتي طبيب لمعالجتها.
وفي ما يخص الوجبات التي يقدمها السجن أكدت السجينات للعبيدي أنه يقدم لهن وجبات سيئة جداً ف”فطور: فاصوليا غير ناضجة وشاهي وكدمة، وغداء: رز وحبة دجاج غير نظيفة وغير ناضجة والدماء مازالت فيها”. فيما يشربن من ماء المشروع، وتنقطع المياه في القسم لأيام وأحياناً لأسابيع.
وشكت السجينات من معاملة العسكري صباح صالح عوضة لهن حينذاك بأنها كانت تفتعل المشاكل معهن وتسبهن. وقبل فترة تم تغيير طاقم الحراسة التي كانت ترفق بالسجينات بطاقم يقوم بانتهاكهن.
 
***

تنازل له طفله أحمد عن قيمة ملابس العيد لقاء الإفراج عنه ومشاركتهم بهجة العيد
سلطان محاصر ب4 ملايين ونصف

يحاول سلطان سيف عبده، 35 عاماً، الخلاص من قبضة السجن التي تحتجزه منذ عام 2005، لكن مبلغ 4 ملايين و879 ألف ريال مازال يحاصره ويمنعه من مغادرة عنبره.
لسلطان 4 أبناء هم: زائد (13 سنة)، يزيد (12 سنة)، أحمد (8 سنوات ) وبشرى (5 سنوات). في شهر رمضان الفائت استقبل سلطان، في شبابيك السجن المركزي بتعز، زيارة مفاجئة ومؤلمة قامت بها زوجته و3 من أولاده. شرح لهم حالته داخل السجن مجمّلا لهم الوضع الذي يعيشه، وطمأنهم بدنو موعد الإفراج. كان يتصنّع الابتسامة مع أطفاله معبراً لهم عن فرحه واهتمامه بهم بالسؤال عن أوضاعهم الدراسية.
وأفاد سلطان «النداء» بأن ابنه أحمد يتمتع بذكاء فطري خارق فقد شعر بأن محنة والده مستمرة، وأنه لا أمل من انتظار والدهم لمشاركتهم احتفالهم بعيد الفطر المبارك. وقال إن ذا ال8 سنوات عرض على والده التنازل عن بدلة العيد لقاء مشاركتهم في الفرحة: «جاب لي 2000 ريال حق بدلته حق العيد، وقال يا اباه شاسدد عليك بهذه وروّح عيّد معنا، ما اشتيش بدلة...». قبل أن يكمل الأب القصة بكى بشدّة وابتعد جانباً، واعتذر له رفاقه في السجن: «عفواً سلطان لما يتذكر هذه الحكاية والله ما عد يعرف يتكلم».
خلال الأيام الرغيدة التي عاشها قبل سجنه لم يخطر في بال أشهر تجّار الجملة للمواد الغذائية على خط التربة -المسراخ -تعز، أنه سيجد نفسه مفلساً يوماً ما وسجيناً تخلى عنه أقرب الناس إليه (أشقاؤه). هذا هو حال سلطان سيف عبده الذي انهارت حصيلته ل20 سنة قضاها في التجارة، منذ 7 يوليو 2004 يوم دخل السجن بتهمة «شيكات بدون رصيد»، وحوكم في محكمة غرب تعز، التي أصدرت ضده حكماً قضى بـ«الاكتفاء بالمدة وسداد ما عليه من ديون مبلغ 4 ملايبن و879 ألف ريال». ووفقاً للقانون كان على النيابة أن تطلق سراحه يومها أو تحيله على قاضي التنفيذ، لكنها أعادته الى السجن وواصلت احتجازه حتى اللحظة.
في السابق كان سلطان يدير أموره بطريقته: «كنت أسحب منهم بضاعة وأدي لهم شيكات ثم أدفع لهم قيمة الشيكات قبل التاريخ أو أؤجل يوم يومين وأحياناً أبيع بنقص على أساس أوفي بالتزاماتي للناس». ظل يعتمد تلك الطريقة حتى «ارتفعت أسعار البضائع وزادت رواتب العمال الذين يشتغلون معي»، وتراكمت عليه الديون، ففاجأه أحد الدائنين وطلب منه أن يسدد ما عليه. يقول سلطان: «جيت الى عنده وأديت له 600 ألف من أصل مليونين و860 ألف ريال»، مترجياً إياه أن يمهله لفترة حتى يفيه بالباقي. رفض الدائن إمهاله فحاول سلطان إعطاءه ضميناً. وبعد أيام قليلة دعا الدائن عبر النيابة سلطان والضمين. وسجن الرجل وكثرت المطالبات، وقام أحد «العمال بسرقة المحلات وهرب السعودية». هكذا تداعت الأزمة وسدد بما تبقى معه ثم أعلن إفلاسه.
أثناء محاكمته تنازل 3 من الدائنين عن المبالغ التي عليه، وبقي 2 يطالبانه ب4 ملايين و879 ألف ريال. وبسبب عجزه عن دفع المبلغ المذكور أبقته نيابة غرب تعز مدة 4 سنوات زيادة على منطوق الحكم بمخالفة واضحة للقانون.
“النداء” اتصلت بأسرة سلطان وتحدثت الى أولاده. رفع زائد سماعة الهاتف ورحب بالاتصال وحمد الله في وضعهم. وقال: «أبي محبوس ونحنا مثل الأيتام ولا أحد يشوفنا.. قد إحنا فاقدين لأبي». متوسلاً رئيس الجمهورية لإخراجه «الرئيس معه فلوس ويقدر يسدد عن أبي». مستدركاً: أبي ما معوش فلوس والا قد كان خرج من زمان».
أحمد بدا جريئاً وذكياً كما قال والده، وسأل في البداية عما إذا كنا سنطلق أباه من السجن أم لا. وقال: «ما عانصدقش لأنهم قد قالوا لنا كثير إنه شيخرج السنه ذي اللي بعده ولا يخرجوه ويقولوا إنه شيروح في رمضان وهم يكذبوا علينا». وزاد: «أخذوا أبي السجن وعمري 3 سنوات، والآن قد عمري 8 سنوات ولا قد جلستو معه إلا 5 مرات في السجن». مؤكداً أنه كان يسمع والده وهو يحث إخوانه على فعل الخير ويحذرهم من الصفات السيئة وإن أباه لم يكن «شريراً» قط.
ولمست “النداء” المحنة التي تعيشها الأسرة في غياب عائلهم والحالة المادية والنفسية السيئة التي يمر بها أطفاله. يقول أحمد: «أعمامي، إخوان أبي، ما يشوفوناش ولا يدوا لنا شي، ولا نجد من يقوم علينا خاصة بعدما توفي جدي وأبي في السجن وجدتي مريضة وتاعبة تجلس تدعي لأبي إن الله يخارجه».
وناشد الأطفال رئيس الجمهورية إنقاذ والدهم من مرارة السجن. وقالوا: «ننتظر ظهوره كما ينتظرك أولادك كل يوم».

***

بشارة انتهت بمحاولة انتحار..
 
عقب العيد الكبير أيقن فؤاد عبدالمجيد القاضي، 32 عاماً، أنه أصبح على بعد خطوات من تحقيق حلم ينتظره منذ 7سنوات: بعد دقائق معدودة سيحتضن أحب البشر الى قلبه: طفليه محمد ومحمود وأخاه محمد. وبحسب زملائه في السجن فإنه تخلص من التزامات كانت عليه في السجن وحضّر ملابسه وعفا عن سجناء مدينين له بمال.
قبل أسبوع من ذلك اليوم أبلغ فؤاد، من موظفين في إدارة السجن، أن اسمه نزل ضمن كشف السجناء، التي أصدر النائب العام قراراً بالافراج عنهم خلال الأسبوع (بعد عيد الأضحى) القادم، وما عليه إلا أن يعد نفسه للخروج. حينها بعث برسالة مكتوبة الى أسرته في قرية النشمة بمحافظة تعز، يبشرهم أنه سيغادر السجن يوم الخميس. في الموعد المحدد كان أخوه الأصغر محمد وطفلاه محمد، 8 سنوات، ومحمود، 11 سنة،-دخل والدهما السجن وعمر أكبرهما لم يتجاوز 4 سنوات- منذ الصباح الباكر في بوابة السجن متلهفين لرؤية والدهما بعيداً عن الشباك الحديدي الذي يمنعهما من ملامسته. انتظروا حتى العصر ثم طلبوا الزيارة فصدموا بالحقيقة: شقيقه وأباهما ليس من ضمن المفرج عنهم كما أخبروا.
إشكالية إسقاط اسمه من كشف النائب العام أحدث لفؤاد صدمة عنيفة غيرت روتين حياته اليومي الذي اعتاد عليه مذ اعتقل، وخلقت منه شخصاً انعزالياً يكره الشغل، حد قول أصدقائه، مفيدين أنه كان «يشتغل في كواية الملابس للسجناء بسعر رمزي» يقتات منه مصاريف السجن.
مدة السجن التي قضاها فؤاد القاضي في السجن لاتستند على حكم قضائي، إلا أن النيابة واصلت احتجازه بصورة غير قانونية حتى يقوم بدفع ما عليه: «4 ملايين و450 ألف ريال». وقد صدر الحكم من المحكمة العليا يقضي بالاكتفاء بالمدة التي قضاها في السجن وتسليم مبلغ 4 ملايين و450 ألف ريال لأسرة المجني عليه. بعد ذلك عمل فؤاد بكافة الطرق لسداد ما عليه والتخلص من مرارة السجن، فباع قطعة الأرض التي يمتلكها بمليون ريال سلمها إلى الشخص المحكوم له، وعجز في استيفاء المبلغ: «3 ملايين و450 ألف ريال»، فقررت النيابة احتجازه حتى يسدد آخر ريال محكوم به.
بعد 4 سنوات قضاها في السجن كشفت «النداء» مأساة هؤلاء (المحتجزون على ذمة حقوق خاصة) فتنبه فؤاد وغيره من المعسرين إلى أن سجنهم غير قانوني، وأن هناك أملا الى رؤية الدنيا ثانية. يقول: «كنت أقول إن احنا بانموت ونتعفن داخل السجن». ثم تغيرت نظرته من تشاؤميه الى تفاؤل. ومع مرور الوقت واعتماد النيابة على انتقاء السجناء للافراج عنهم، تضاعفت حالة اليأس لديه، ويوضح: «بعدما قالوا لي إنهم عيفرجوا عني وما نزلش اسمي في الكشف، رجعت ما عاد أشتي الحياة. والله إني ذاك اليوم حسيتو أنهم حكموا عليا بالإعدام». مشيراً إلى أنهم وعدوه إلى شهر رمضان القادم. «ويجي رمضان يخرجوا اللي ما قد لهم في السجن إلا فترة بسيطة وينسوا البقية». وتذمر من موعد رمضان: «كأن الإفراج في غير رمضان حرام».
وأكد أصدقاؤه أنه بعد أن أبلغ بعدم وجود اسمه بين الذين سيتم الافراج عنهم بحث عن شيء حاد أو سكين للانتحار بها.
في 1 نوفمبر 2001 بدأت القصة: اختلف فؤاد مع أحد الاشخاص على موضوع ما تطور إلى عراك في سقف يرتفع من الأرض حوالي «6 متر وبعدين فلتنا (سقطنا) أنا وهو من السطح واكتسر عموده الفقري»، بينما لم يصب فؤاد بأذى. أجريت لخصمه عدة عمليات جراحية، إلا أنه فارق الحياة بعد 3 سنوات. عقبها أصدرت المحاكم أحكامها وقضت بأن يدفع فؤاد مبلغ «4 ملايين ونصف» سدد منها مليوناً وعجز عن سداد الباقي.
فؤاد القاضي أحد أبناء منطقة النشمة -محافظة تعز. عائل لأسرة قوامها 10 أشخاص: «أب مريض وأم مسنة وأخوات وأولاد». وهو أحد نزلاء السجن المركزي في تعز منذ 7 سنوات على ذمة حقوق مالية، ومسجون من نيابة المواسط.
ويحظى فؤاد بزيارة عيدية من والدته العجوز «تزورنا العجوز من العيد الى العيد لأنه نحنا من منطقة جبلية السيارة تصل الى هونا ب3 ألف ريال». واصفاً حالة أمه أثناء الزيارة: «تجي تبكي بكاء... وهي تعبانة أكثر مني».

***

قاضي الإعسار في تعز.. معسر
 
لا يجد قاضي الإعسار المكلف بإصدار أحكام إعسار للسجناء في مركزي تعز، مبرراً مقنعاً وقوياً يوقف به تذمر السجناء من عدم التزامه بعمله، سوى الرد بأنه «لا يجد مكتبا خاصا به، عدم وجود كاتب لمساعدته، ليس لديه اعتماد».
وأفاد السجناء بأن القاضي المكلف بإثبات إعساهم «أثبت لنا أيضاً بأنه معسر» وليس بإمكانه إصدار أحكام إعسار كما هو مقرر له.
في الواقع لا يمثل قاضي الإعسار أية أهمية، وإنما ابتكرته السلطة لإطالة فترة السجن، ولعدم تعامله مع القضية بجدية ومسؤولية. وبحسب قانونيين فإن القانون واضح ولا يستدعي ذلك تكليف قاضي إعسار لإثبات حالتهم.
وقال السجناء المعسرون في مناشدتهم لمجلس القضاء الأعلى والنائب العام: «نحن نتحدى أن يكون قاضي الإعسار في مركزي تعز قد أصدر أكثر من 3 أحكام منذ توليه منصبه».
وأضاف السجناء على ذمة أموال عامة أن القاضي «يقول لنا إن هناك توجيهات عليا تمنع إصدار أحكام إعسار لسجناء الأموال العامة»، مستفسرين منهم هل هذا صحيح؟ وما السبب إن صح ذلك؟
 
***

نافذ في عدن يرفض أحكاماً قضائية بإعادة منزل لورثة علي مهيوب
 
يناشد ورثة علي مهيوب صالح الجهات المسؤولة في الدولة تنفيذ الحكم الصادر من محكمة الشيخ عثمان الابتدائية بشأن إعادة منزلهم الواقع في دار سعد بمحافظة عدن، والمغتصب من قبل محسن حسن باشعيب والمؤسسة العامة للحفر.
فمنذ صدور الحكم في 17 ابريل 2004 والورثة يترددون على الجهات التنفيذية ومكاتب عليا في الدولة يتوددونهم تنفيذ الحكم على أرض الواقع.
وبحسب شهادة إعادة الملكية في تنفيذ قانون الإسكان رقم 32 لعام 72 وقرار مجلس الوزراء رقم 199 لعام 91 بشأن إعادة الملكية؛ فإن ملكية الأرض تعود لورثة علي مهيوب.
وبحسب المعلومات فإن متنفذا «يفرض قانون الغاب الذي يملكه على قانون الدولة» يرفض تنفيذ الحكم القضائي والتوجيهات الصادرة من نائب رئيس الوزراء ومحافظ محافظة عدن غير آبهٍ للقانون.