فكري قاسم.. قُربان للثور!

د. تيسير محمد
رشيق هذا الفكري قاسم ومشاكس كحمل صغير.. حروفه خبز بلدي حار نلتهمها وبعد لم تبرد، وبات لخبزه شعبية عريضة. أظهر استطلاع لعينة من الاصدقاء المهتمين بالشأن الثقافي أن فكري قاسم أفضل خباز في الجمهورية!
لفكري نكهة خاصة وخلطة توابل مفتاح سرها ملقى في قعر جمجمة تمور بدم ومداد!!
وحده فكري يكتب بحبر منفوث بوقود دم حار غير مرعوش أو مستهيب بندق القبيلة و«نصلة» العشيرة.
ولفكري أجندته ينفذها على مراحل، لقد قاتل الفساد في شوارع وأزقة معشوقته تعز، واقتحم مكاتب تنفيذية الحاكم واجترح مآثر، وفي لج معركته لا ينسى أرومته التعزية وسمات اللكنة ودحرجة وفصل و«مط» الحروف «زنقلة» الباب الكبير وباب موسى والاشرفية والجحملية.. ية..ية..ية... وعذراً لفكري للمسخ الشيطاني لمخلوقاته السوية الرائعة وفداحة السطو على «جعنان» عسل الحدناني.. هي ماركة خاصة لفكري من السماجة محاكاته وتقليده ومن اللياقة الابتعاد عن قاطرته مائة قدم.
«طاهش الحوبان» رواية للمرحوم الاستاذ زيد مطيع دماج روى فيها دراماتيكية مصرع طاهش الحوبان على يد عكفي «من حق طالع». وفكري يستلهم الواقعة بإلحاح واخراج مغاير؛ لكم بحاجة «الناس» لطاهش حوبان من طراز جديد يجفل القبيلة لا يلتهمها ويحمي عربته وثقافته وتنوعه ومرعاه ويغمس رأس القبيلي في حوض من برد وثلج!
ومن على صهوة «حديث المدينة» - (الصحيفة الأمل) يخوض فكري الآن أشرس المعارك في مربع القبيلة ودار اللوزي للنشر!
وبحق الدولة والقبيلة لا تطلقوا الصحيفة فلم نر فكري مثل هكذا ألق ونوراً وحروفاً تتفرقع عناقيد قنابل في وجه القبيلة والعكسر والحاكم.. ففي المدرجات يا فكري فيالق قراء تلتقط شظايا حروفك بنهم مناقير الدجاج!.. وسيشد عضدك الله والعولمة ومدنية أوروبا.. واذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون!
يمضي فكري في مشروع إستئناس القبيلة وإذابتها في كيان مدني لا تعلم كم دهراً يحتاجه وذريته الصالحة لإنجاح مشروعه الخرافي!؟
شخصياً يعنيني في فكري عبقري حروف وعصار أدمنت نبيذه من أول رشفة.. ومزين كلمات يجيد ألوان القصات وإذا استشاط يحلق الرؤوس بالموس! وهو الكاتب الذي يحبسني في غرفتي وأوصد الباب دون الأولاد أقرأ له.. أقهقه.. أجهش بالبكاء.. وأخاف لأجله وأصلي.
ليس من السهولة اقتحام مخدع القبيلة بصلف وجرأة فكري وإشهار القلم في وجه كبيرها وإفراغ مجازين الحروف في رؤوسها ومناهضة مشروعها ونصها المقدس: «ثور القبيلة بمهدعش، وشعرة القبيلي بألف لغلغي»، والتشنيع بالقبيلة كفر يتوغل به فكري دون هوادة.
فكري «لغلغي» متمرد غير مدجن، وقلمه خاتم سليمان يستحضر ملايين تجيد القراءة، وأمية في الرماية فقد تمدنت من غابر سنين وجنت على نفسها براقش! وثور القبيلة حقود كالجمل وكما البنزين وقود للآلة فالدم وقود القبيلي الخفاش وهنا مصدر الرعب لفكري وقبيلته المدنية العريضة وعلى تمددها تظل رقماً هامشياً مستهدفاً وفي الطليعة فكري ورهطه المؤمنون.. وهو لهم بمثابة موسى عليه السلام وفرعون هنا القبيلة!
ولعي بفكري استكتبته بخوف مسكون في حناياي من أن يمسسه سوء.. فذات مساء كنت شاهداً على واقعة اختطاف فكري وذبحه قرباناً لثور القبيلة على إيقاع زامل يتوعد ذات المال للرديكالين المناهضين للقبيلة المشنعين.. وكان حقاً علينا الاحتفاء بسلامة الحبيب فكري فجعني به كابوس تداعياته سطوراً حررت بمداد بارد ودم جبان.