3 عقود من الدعم الياباني لليمن

3 عقود من الدعم الياباني لليمن

* تركز في مجال الاحتياجات الأساسية: تطوير التعليم الأساسي والتزود بمياه الريف والصحة العامة
* تقدم المساعدات بطرق ثلاث: المنح العامة، التعاون الفني، والقروض 
* أنشأت اليابان مراكز لمكافحة السل في كل من أمانة العاصمة وتعز والحديدة وعدن
 
 ياسر المياسي:
تطفئ اليابان، هذا العام، الشمعة ال55، احتفالا بتدشين برنامج مساعداتها الإنسانية للتنمية في بلدان العالم الثالث، والذي تعود بدايته إلى عام 1954، بعد انضمامها لما كان يسمى بـ"خطة كولومبو للتنمية التعاونية".
قصة المساعدات اليابانية مازالت مستمرة إلى الآن، وتحتل المرتبة الثانية عالمياً، تعود إلى تأثر هذا البلد بالمساعدات الإنسانية التي تلقاها من المجتمع الدولي بعد الحرب العالمية الثانية التي كانت بمثابة الكارثة التي دمرت اليابان، حيث تعترف اليابان اليوم أنها صارت -بفضل تلك المساعدات- ثاني قوة اقتصادية في العالم. ومن هذا المنطلق تشعر اليابان أن من الواجب عليها أن ترد الجميل بتقديم مساعدات سخية للمجتمع الدولي.
تشير الأرقام إلى أن المساعدات اليابانية للمساهمة في عملية التنمية تقدر بحوالي 230 بليون دولار، استفاد منها حوالي 185 بلداً وإقليماً من العالم الثالث.
في منتصف الثمانينيات اتجهت اليابان إلى اتخاذ مواقف إيجابية لتوسيع مساهماتها في مساعدة العالم الثالث، وأصبحت من أكبر الدول المانحة، واحتلت خلال معظم سنوات التسعينيات المرتبة الأولى في دعم الدول النامية؛ وهي اليوم ثاني أكبر الدول المانحة، بعد الولايات المتحدة الأمريكية. وكان للمساعدات اليابانية الأثر الكبير في استقرار وتنمية البلدان الآسيوية، ومنها اليمن، والتي تغلبت على الكثير من المشاكل من خلال تلك المساعدات.
اليابان والمساعدات لليمن:
المتتبع لمسيرة المساعدات اليابانية لليمن يدرك أن اليابان من أكبر وأقدم الدول في تقديم تلك المساعدات، حيث بدأت تلك المساعدات تتدفق منذ منتصف السبعينيات، وقدمت اليابان لليمن خلال ال30 السنةً الماضيةً منحاً سخيةً وتعاوناً فنياً وقروضاً ميسرةً، باعتبار اليمن من أقل الدول نمواً في المنطقة وهي بحاجة ماسة إلى المعونات الأجنبية، لكي تحقق تطورها الاقتصادي والاجتماعي، وبلغ حجم تلك المساعدات (كمنح وتعاون فني) منذ عام 2000- 2004 حوالي 12430 مليون دولار. وتعمل تلك المساعدات في دعم جهود اليمن الهادفة إلى تحقيق التنمية وتعزيز الإصلاحات الاقتصادية والديمقراطية ومكافحة الفقر بموجب استراتيجية التخفيف من الفقر وتحقيق أهداف التنمية الألفية التي التزمت اليمن بأهدافها. ففي عام 1999 تم التفاهم بين اليمن واليابان على أن تتركز المساعدات في مجال الاحتياجات الأساسية للإنسان، مثل تطوير التعليم الأساسي والتزود بمياه الريف والصحة العامة.
وتأخذ تلك المساعدات ثلاث صور، هي: المنح العامة، التعاون الفني، والقروض.
المنح العامة:
يؤكد سكرتير أول السفارة اليابانية بصنعاء، يوجي هاتوري، أن المنح العامة عبارة عن مساعدات مالية تقدم لليمن لشراء المنتجات والخدمات اللازمة لتنفيذ مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهذه المنح يتم تقديمها لمشاريع لا تدر دخلاً وأرباحاً، بل هي متعلقة بالاحتياجات الأساسية للإنسان، مثل مشاريع الصحة ودعم التعليم الأساسي والبيئة والتزود بمياه الريف والتنمية الزراعية وتنمية المصادر البشرية.
وقد صنعت تلك المنح تحولاً كبيراً في عملية التنمية، حيث زودت معظم المناطق، خصوصاً الريفية، في معظم المحافظات، بمياه الريف، كما أصبح التعليم الأساسي من أهم مجالات التعاون الياباني، وبرز ذلك التعاون أواخر التسعينيات وهو يتسع اليوم بشكل أكبر.
وفي عام 2005 دشنت اليابان مشروعاً هاماً لتطوير تعليم الفتيات وتشجيع التحاقهن بالدراسة الابتدائية في محافظة تعز، ويسمى BRIDGE.
ولم تغفل المساعدات اليابانية الجوانب الصحية، فعلى مدى أكثر من عشرين سنة قدمت اليابان مساعدات مالية سخية في مجال الصحة العامة، وكان للمساعدات الفنية الأثر الأكبر في مكافحة السل، وكانت قد بدأت عام 1983 وانتهت عام 2005، وحققت نتائج ناجحة وتقدماً باهراً في قهر ذلك المرض الخطير. وقد أنشأت اليابان مراكز لمكافحة السل في كل من أمانة العاصمة ومحافظات تعز والحديدة وعدن.
وتعطي اليابان أهميةً كبرى للمساعدات المختلفة لليمن، مثل تصريف القمامة الصلبة في معظم المدن اليمنية، بالإضافة إلى المنح العامة لزيادة إنتاج الغذاء.
وحول أهم المشاريع يؤكد نائب السفير الياباني بصنعاء، ماتا هيرو ياماجوتشي، أن المنح المقدمة لمشاريع الأمن البشري الأهلية أهم المشاريع، حيث تتبناها المجتمعات المحلية والمنظمات غير الحكومية، وقد استفاد من هذا البرنامج، منذ تدشينه في عام 1989، العديد من المنظمات والمجالس المحلية، فميزة هذه المشاريع أنها سريعة الإنجاز، قليلة التكلفة، وذات جدوى كبيرة، كما أن السقف الأعلى لهذه المنح لا يتعدى مبلغ عشرة ملايين ين ياباني، ما يعادل 86.206 دولارات أمريكية.
وأضاف ياماجوتشي أن من أهم هذه المشاريع مشاريع دعم نزع الألغام وتشجيع الناجين من تلك الألغام، وأنه خلال شهر يوليو من عام 2008 تم تقديم منحة مالية لجمعية الناجين من الألغام، وهي منظمة غير حكومية، ويتضمن المشروع إقامة 8 ورش إنتاجية في 8 محافظات، ويستفيد منها الضحايا الذين استكملوا العلاج، لإعادة تأهيلهم وتدريبهم ودمجهم في عملية التنمية في المجتمع، حتى يحصلوا على فرص عمل توفر لهم مصادر للدخل، وبلغت تكلفة تلك الورش 73.566 دولارا.
ويعود الفضل للمساعدات اليابانية في إنجاح برامج نزع الألغام والتوعية بمخاطرها وتقديم المساعدات للضحايا الناجين من الألغام. ومنذ عام 1999 حتى عام 2004 قدمت اليابان حوالي مليوني دولار للبرنامج الوطني لنزع الألغام، في إطار برنامج المنح المقدمة لمشاريع الأمن البشري الأهلية أو بواسطة صندوق الأمم المتحدة التطوعي لنزع الألغام.
المساعدات الفنية:
وفيما يتعلق بالتعاون الفني الياباني، فقد بدأ في عام 1978، حيث تتركز الأنشطة الرئيسية لذلك التعاون في الدراسات التنموية (كإدارة الموارد المائية)، والتدريب المكثف للخبراء من قبل برامج "جايكا" في اليابان، والتعاون الفني المرتبط بمشروع مجال الرعاية الصحية والطبية، والتعليم (كمشروع تعليم الفتاة في تعز)، وإرسال الخبراء والمتطوعين.
ولا تقتصر المساعدات اليابانية لليمن على هذه المجالات فقط، وإنما اتجهت مؤخرا إلى تنمية النوع الاجتماعي، حيث بدأت أولى خطواتها بمحاضرة حول خطوات اليابان في مجال التنمية وعدالة النوع الاجتماعي، والتي ألقتها البروفيسور يوريكو بيجورو، بمركز أبحاث ودراسات النوع الاجتماعي والتنمية بجامعة صنعاء.
كما بلغ إجمالي عدد المتدربين الذين تلقوا برامج تدريبية في اليابان 412 متدرباً بنهاية عام 2004. وفي السنوات الأخيرة يتدرب ما يزيد عن 20 متدرباً يمنياً في اليابان سنوياً. وفي عام 2005 تم إنشاء الجمعية اليمنية للمنتسبين إلى "جايكا" في صنعاء من قبل الذين تلقوا برامج للتدريب نظمتها "جايكا" بموجب الروابط الإنسانية كجسر يصل بين اليابان واليمن. كما بعثت اليابان 169 خبيراً مؤهلاً، علاوة على 29 شاباً من المتطوعين اليابانيين، حتى نهاية 2003. وبالرغم من توقف إرسال الخبراء والمتطوعين اليابانيين إلى اليمن، منذ الحرب الأهلية اليمنية التي اندلعت عام 1994، فقد بدأت إعادة إرسالهم منذ صيف 2005، ليؤدوا مهامهم بكل نشاط في مجالات مختلفة، مثل: الجو دو، كرة الطاولة، الجمباز، تعليم حضانة، أنشطة شبابية، واقتصاد منزلي.
قروض الين
تم استخدام قروض الين الياباني بشكل رئيسي لتطوير البنية التحتية الاقتصادية، مثل بناء محطات الطاقة، الموانئ، مصانع الإسمنت، وشبكة التليفونات. ولكن تم تعليق تقديم القروض بسبب معايير تقليص الديون لليمن ثلاث مرات في السابق.
وتمضي اليابان في تقديم مساعداتها لليمن بلا شروط ولا قيود، مركزة على جوانب هامة ترتبط بالتنمية وتحفيز الإنتاج، حيث كان هذا التقرير جزءا من استعراض بعض تلك المساعدات والمنح المقدمة وهناك الكثير لم يتم استعراضه.