بعد أن تكفلت مؤسسة المياه والمجلس المحلي بتوفير فرص عمل لها

بعد أن تكفلت مؤسسة المياه والمجلس المحلي بتوفير فرص عمل لها

حركة نشطة للحمير في شوارع عدن!
* عدن- وائل القباطي
أثبتت مؤسسة المياه في محافظة عدن والمجلس المحلي للمحافظة أنهما أكثر رأفة بالحمير، فخلال الثلاثة الأشهر الماضية عملت المؤسسة والمجلس على رسم سياسات وخطط لتوفير فرص عمل للحمير. حتى وإن تعمدت إبقاء أزمة المياه في المحافظة طالما كان هدفها نبيلا.
ومنذ شهر تقريبا شهدت شوارع العاصمة الاقتصادية والتجارية حركة نشطة للحمير الجوالة، تلك المحملة بقنينات الماء الفارغة.
الاثنين الماضي وعلى بعد 10 أمتار فقط من شارع مدرم، في مديرية المعلا، لم يكن المنظر مألوفاً لكنه أصبح كذلك وتحديداً لدى قاطني المناطق المرتفعة في المعلا وصيرة، لقد اضطروا لشراء الحمير والذهاب بحثاً عن المياه التي لا تزور منازلهم إلا فيما ندر.
كان "أحمد" وحماره الذي تتدلى عليه أربع "دبات" ماء بلاستيكية، أول الواصلين إلى جوار مسجد هائل، القريب من الشارع الرئيسي في المعلا. بدا مرحاً؛ ربما اعتقد أنه سيحصل على حاجته من المياه دون مضايقات. سرعان ما وصل حماران آخران؛ ولكن ما حز في نفس أحمد أن المياه لحظتها كانت مغلقة ولن تفتح إلا وقت صلاة العصر، بالإضافة إلى وجود شخص يحمل كاميرا صغيرة بالجوار، وعلى ما يبدو أنه قد يسبب بعض المتاعب. هممت بالتقاط الصور، لكن أحمد أدار وجهه الفاحم بعيداً عن عدسة الكاميرا قبل أن يعدل عن قراره ويسمح لي بتصويره بعد حديث قصير مر عن شظف العيش وقسوة الحياة، وعن رحلة المعاناة التي تتكرر عدة مرات في اليوم لجلب المياه على ظهر الحمار.
ل أحمد (12 سنة) سبعة أشقاء، بينهم فتاة واحدة، لم يلتحق أحدهم بالمدرسة؛ لقد غادر والدهم الحياة قبل أعوام لا يتذكرها أحمد على الدقة. تقطن أسرة احمد في منطقة ردفان في المعلا منذ أكثر من عشر سنوات. قبل عامين فقط قررت الأسرة شراء حمار لنقل المياه من المسجد الذي يستغرق الوصول إليه عشر دقائق، بعد إن أغلق القائمون على المسجد المجاور حنفيات المياه في وجههم.
أسرة أحمد فقيرة، حيث أنها تعتمد على مساعدة بعض الأقارب لها، بالإضافة إلى الفُتات الذي يجمعه الأولاد بين الحين والآخر. ومع ذلك فهي تنفق على الحمار مبلغا باهظا، حيث يصل ثمن حزمة "القصبـ" (العلف) إلى مائة ريال وأكثر. بينما يأكل الحمار حزمتين في اليوم أحياناً وبمبلغ يصل إلى ستة آلاف ريال شهرياً. ما يقارب عشرين أسرة أخرى في منطقة ردفان فقط اضطرت إلى شراء الحمير، حيث أن المياه تصل مرة واحدة فقط كل ثلاثة أيام إلى المنازل. مناطق أخرى كثيرة في محافظة عدن، اضطرت -تحت ضغط الحاجة الشديدة إلى المياه- لاستجلاب الحمير واستحداث أماكن خاصة لها (إسطبلات) أمام المنازل، لكنها عادةً ما تُقتطع من مساحة الشوارع والأزقة المخنوقة أصلاً.
مضت قرابة خمسين عاما على تسيُّد الكساد أسواق الحمير في محافظة عدن؛ لكن ما لبثت أن استعادت حيويتها مؤخرا، فمنذ بداية أزمة المياه في المحافظة شهدت أسواق الحمير حركة نشطة، وغدت تجارة مربحة جراء شراء قاطني المحافظة لها للتزود بالماء.
صباح الاثنين والأربعاء من كل أسبوع تصل شاحنات حاملة الحمير على متنها إلى سوق الماشية في منطقة اللحوم في دار سعد قادمة من منطقة الصبيحة بمحافظة لحج. أسعارها تتراوح بين 10000 و15000 ريال فقط، وأصبحت تجارة مربحة للبعض، وخصوصاً مع ازدياد الطلب عليها مؤخراً نتيجة لأزمة المياه الخانقة التي تعيشها بعض مناطق محافظة عدن.