محبوسٌ لأنه لم يُقتل!

لا منطق سوى التنكيل، وراء استمرار حبس حمود المخلافي، على خلفية محاولة اغتياله الفاشلة.
منطق التنكيل المقصود هذا، يمثل أداة النظام الوسخة ضد الخارجين عن سياق فلكه.
فالنظام يتخذ من التلفيقات هويةً ساميةً، بينما يتعامل مع خصومه السياسيين دونما ضمير يذكر. والمخلافي، الذي جازف باحترام ذاته في واقع بلا احترام، معروف بإرادته الوطنية لا المناطقية أو المذهبية، عبر اشتغاله الاجتماعي في أوساط الناس، بروح التوفيق والبذل، لا العنصرية أو الاستغلال.
لقد ظل الرجل هدفاً للنظام الذي يرى في شريحة المشائخ، آلية لتعزيز مساره التعسفي ليس إلا.
وإذ يحاول الآن شرعنة مخالفة حبسه التي ارتكبها بغير حياء، تمهيداً لتصفية ممارسته المشائخية المتحررة من إملاءاته المأزومة، فإن هذا التوجه يحتاج إلى وقفة جادة من كافة منظمات الحقوق.
كما يتوجب على الاحزاب الاصطفاف الفاعل بمواجهة فساد النظام المستشري؛ وحتى لا تنبئ صورتها الواضحة بلا تشويش، عن مواقف متواطئة، تجلب الكثير من الخزي، كما هو حاصل.
إنني لا أراهن كثيراً على سلطة المشائخ لخلق الوعي في الناس -وإن كنا آمنا بذلك في السابق مع نماذج مشائخية مغايرة الرؤيا والممارسة كمطيع دماج وأحمد عبدربه العواضي على سبيل المثال- فغالبيتهم همجيون مستبدون، لا تهمهم سوى مصالحهم، فيما يتعاملون مع الناس كقطيع للأسف، مستغلين علاقتهم المتحالفة مع النظام الذي ينمي ممارساتهم الراجعة إلى ما قبل الدولة، تقويةً لمركزه (ذي المزاج المذعور) من كل فعل تنويري.
غير أنني مع المخلافي أجرده من لقب الشيخ سيئ الصيت، لأنه على الأقل أعلن تحيزه لقضايا الناس كمثقف، كما تخلى عن التسبيح بحمد نظام غاشم لا يستحق، ليجعلني أؤمن الآن -ولو قليلاً- بأن القبلية في حال ما اتسمت بالروح الوطنية حقاً فإنها لن تمثل عقبة كبيرة في طريق نشر التحرر.
ويبدو واضحاً أن مشكلة المخلافي، أنه ظل يتصرف بمزيد من الجرأة والشجاعة، بحيث أظهر استقلالية متزايدة عن المحرك المشائخي في البلد.
لكن حبسه -غير القانوني- صار يمثل اختباراً للقوى غير التقليدية التي يخاصمها النظام، مستنداً إلى رعايته لأشكال الإقطاع المتخلفة للقوى التقليدية، المتحالفة معه ضد معارضيه خصوصاً.
ومن البديهي الإشارة إلى حمق إغفال هذا النظام للالتفاف الجماهيري الواسع الذي يحيط بالمخلافي، وتأثيره المستقبلي، بعدما أضحى محبوساً (هكذا) لأنه لم يُقتل فقط!.
fathi_nasrMail