قال إن 10 آلاف نازح يقيمون في حوش مكتبه.. المهندس خالد الجبري - مدير الزراعة في صعدة: حجم الضرر كبير ونحتاج سنوات كي يستعيد القطاع الزراعي عافيته

قال إن 10 آلاف نازح يقيمون في حوش مكتبه.. المهندس خالد الجبري - مدير الزراعة في صعدة: حجم الضرر كبير ونحتاج سنوات كي يستعيد القطاع الزراعي عافيته

* أشجار التفاح التي تعرضت للعطش أنتهت وصارت أخشاباً
* مزارع دمرت بالقصف وأخرى أقتلعت الدبابات أشجارها والحوثيون حرموا البقية من الماء

الفواكه لم تعد مفخرة صعدة. والدمار  يتسيد المشهد هناك بعد 5 جولات من الحرب.
شهرة الرمان الصعدي توارت مع دخان المعارك، والتفاح والأعناب تلفت بفعل المجنزرات، أو بفعل العطش، جراء حرمان المحافظة من مادة الديزل.
المهندس خالد عبدالله الجبري، مدير مكتب الزراعة في صعدة يستعرض في هذا الحديث الذي أجرته «النداء» معه، الأضرار الكارثية للحرب على القطاع الزراعي.
 
حوار: بشير السيد
balsaeed
 
* إلى أي مدى تأثر القطاع الزراعي في صعدة جراء المواجهات المسلحة بين الجيش والحوثيين؟
- القطاع الزراعي تأثر بشكل كبير جداً. هناك عدد من المزارعين قاموا بجني المحصول خلال فترة الحرب، وبسبب قطع الطريق تعذر عليهم نقله وتسويقه، وتكدست المحاصيل في المحافظة واضطر المزارعون إلى توزيع محاصيلهم على النازحين في المخيمات، مثلاً وصل سعر سلة التفاح إلى 100 ريال وفي أحسن الأحول وصل سعرها إلى 150 أو 200 ريال، وكان سعرها في السابق 3 آلاف ريال، وأعلى سعر وصل إليه كيس الخيار 150 ريالاً وكان ب3 آلاف ريال. ولكن في أول يوم فتح الطريق ارتفع سعر سلة التفاح إلى 2500 ريال.
*ماذا عن المزارع التي تأثرت بالحرب؟
- غالبية المزارع تعرضت لأضرار بالغة وتم تدميرها وقلع أشجارها من قبل طرفي القتال. لكن المشكلة التي زادت من تردي الوضع هي اختفاء مادة الديزل لأكثر من شهرين خلال الحرب الأخيرة وهي فترة حرجة صادفت المراحل الأخيرة لنضوج وإنتاج المحاصيل الزراعية مما عرض هذه المحاصيل للعطش وتدني الانتاج. فيما المناطق التي شهدت معارك، نزح المزارعون منها، ومزارعهم تعرضت للجفاف أو للقصف أو التدمير، وفي بعض المناطق لم يتمكن المزارعون من الوصول إلى مزارعهم بسبب عنف الحرب. وكل هذا خلف خسائر فادحة على المزارعين، ولابد من أخذها بعين الاعتبار أثناء الشروع بالمعالجات.
*هل لديكم مؤشرات أولية عن حجم الأضرار التي لحقت بالمزارع والمزارعين؟
- لا توجد إجابة دقيقة، لكن مثلاً نحن في مكتب الزراعة في صعدة، لدينا مزرعتان في منطقة الضمين ومنطقة المقاش. كانت الضمين مسرحاً للمواجهات واعتدى الحوثيون على مزرعتنا ونهبوها وتمترسوا داخلها، والدولة دخلت وتم تدميرها، وحتى الآن لم نستطيع زيارتها وحصر الاضرار مؤخراً طالبنا من المحافظ تشكيل لجنة للنزول إلى المزرعة وحصر الاضرار فيها.
يعني أنا كشخص تأثرت مزرعتي. ولم أعرف حجم الضرر. إذا سألت أي مزارع في صعدة عن كيف تضرر من الحرب، سيخبرك أن مزرعته دمرت أو تعرضت للجفاف والعطش أو لم يستطع الوصول إليها بسبب الحرب ولا يعرف حجم الضرر.
تخيل مناطق تحولت إلى مسرح للمواجهات وهي مناطق أغلب مساحتها زراعية وهي في مرحلة الإزهار والانتاج، وتشهد سقوط قذائف وصواريخ.. الخ. ماذا ستكون *أنتم في مكتب الزراعة في صعدة كجهة معنية ومحايدة، لماذا لم تطلبوا من طرفي القتال أخذ الحذر وتجنب استهداف الأراضي الزراعية؟
- أؤكد ان أستهداف المزارع لم يكن متعمداً. لكن الحوثيين هم من قطعوا الطريق وتمترسوا في المزارع، والدولة لابد أن تواجههم، ولم يكن ببالها أن الدمار سيكون بهذا الحجم. وعملية التوعية غير مجدية أثناء الحروب.
*هل لديكم توصيف للأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي؟
- تختلف الاضرار بحسب حجم المواجهات، فالمناطق التي شهدت عمليات عسكرية خاطفة، لم تتأثر بشكل كبير خلافاً للمناطق التي طالت فيها فترة المواجهات، ويختلف الضرر في المزارع التي تعرضت للقصف عن المزارع التي تعرضت للجفاف وأشجارها للعطش بسبب قطع الطريق واختفاء مادة الديزل.
*مزارع دمرت وأخرى أشجارها قلعت والجفاف أصاب العديد منها. كم من الوقت يحتاج القطاع الزراعي لاستعادة عافيته؟
- الوضع في صعدة يحتاج لسنوات كي يستعيد عافيته، وكل شيء انتهى يحتاج إلى تجديد، الاشجار التي انتهت نهائياً بسبب مرور المدرعات والدبابات عليها أو تعرضت للكسر أو القصف مثل هذا يحتاج لفترة طويلة من 5-6 سنوات لتجديد المزرعة باستبدال الاشجار بأشجار أخرى والاعتناء بها حتى تعود إلى ما كانت عليه.
أما بالنسبة للمزارع التي حرمت من الري وتعرضت أشجارها للعطش يختلف الضرر باختلاف الاشجار، فهناك أشجار تتحمل العطش مثل الرمان، والاضرار تتمثل بضياع المحصول فقط وخلال سنة أو سنتين، تستأنف عملية انتاج محاصيلها.
بينما الاشجار متساقطة الأوراق مثل الفرسك والتفاح فإن تعرضها للعطش لفترة طويلة يؤدي إلى تخشبها وانتهاء الشجرة ويتطلب اقتلاعها وغرس بدلاً عنها.
وأؤكد أن القطاع الزراعي سيستعيد عافيته في أقرب وقت والدولة لديها توجه كبير في إزالة آثار الحرب ودعم المزارعين بكل المستلزمات الزراعية.
*علمت الصحيفة أن مكتب الزراعة شارك في لجان حصر الاضرار في المناطق التي شهدت مواجهات وسلم تقريراً بذلك إلى المحافظ واللجنة الرئاسية قبل تجدد المواجهات الأخيرة. ما هي نتائج الحصر المضمنة في التقرير؟ وما هي المعايير التي اعتمدت في حصر الاضرار؟
- شكلت عدد من اللجان في المناطق المتضررة بالمحافظة وفي مديرية سحار شكلت لجنتان لمساحتها الواسعة ومشكلة من مهندسين زراعيين ومعماريين ومدنيين وجهات أخرى لحصر الاضرار بشكل عام.
بالنسبة للقطاع الزراعي فإن متوسط نسبة الاضرار التي لحقت به بلغت 60 ٪_. منها المزارع التي انتهت إما بسبب القصف أو مرور الدبابات عليها ومنها تضررت بضياع محصولها بسبب العطش. ومنها ما تخشبت أشجارها.
هذه اللجان رفعت تقريرها للمحافظ وكانوا على وشك دراسة حجم التعويضات، مع العلم أنه في الحرب الأولى تم تعويض المزارعين في جبال مران عبر البنك المركزي.
*ألم يكن للجنة الوساطة القطرية دور أثناء حصر الأضرار؟
- اللجنة القطرية زارت مكتب الزراعة هي والهلال الأحمر، واشتركا مع اللجان في دراسة التقارير الخاصة بتقييم الاضرار، لكن تجدد الحرب أعاق استكمال اجراءات التعويض.
*أغلب مناطق محافظة صعدة تضررت غير أن مديرية سحار أكبر المناطق زراعة للفواكة شهدت مؤخراً معارك ضارية. هل لديكم معلومات حول الاضرار التي لحقت بمزارع الرمان والعنب والتفاح؟
- محافظة صعدة هي سلة الفاكهة اليمنية و تعتمد أغلب مناطق اليمن على محصولها من الفاكهة. لكن ليس لدينا معلومات عن حجم الضرر، وإجمالاً في حال حصر الاضرار فإننا نقيس المساحات الزراعية المتضررة لا نوعية المزارع. والمناطق الأكثر تضرراً في سحار هي آل الصيفي والطلح وبني معاذ والضمين والحاربة، وآل حميدان، ومحظة. تقرير لجان حصر الأضرار أشار إلى أن بعض المناطق تضررت بنسبة 80٪_ وبعضها 50٪_ وهكذا، لكن المتوسط هو 60٪_ من إجمالي الاراضي الزراعية في المحافظة.
*إلى أي مدى قد تتأثر جودة المحاصيل الزراعية الصعدية جراء الاسلحة المستخدمة في الحرب؟
- لاشك أن جودة المحاصيل ستتأثر وتتراجع بسبب الحرب والاساءة للأشجار، وستبذل المزيد من الجهود لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
*هل أفهم أن المنتج الصعدي لن ينافس في الأسواق الخارجية؟
- باعتقادي حال تكثيف الجهود في العمليات الزراعية سوف نتمكن من إعادته إلى صدارة المنافسة، فكلما خدمنا المحصول كلما حافظنا على الجودة، والعكس إذا أهمل.
*ماذا عن المنظمات المحلية أو الدولية المتواجدة في صعدة هل منها من اهتم بالقطاع الزراعي أثناء الحرب وتقديم المساعدات؟
- قبل احتدام المعارك كان يوجد برنامج الدعم الزراعي التابع لوكالة التنمية الامريكية وعمل خلال فترة الصلح لكنه توقف عقب تجدد المواجهات.
* ماذا عن المزارعين النازحين؟
- معظم النازحين في صعدة هم من المزارعين ويوجد في باحة مبنى مكتب الزراعة 10آلاف نازح من ساقين وحيدان، وهؤلاء أغلبهم من المزارعين وأول ما تدخل حوش مكتب الزراعة ستشاهد مئات الخيام. نحن ساهمنا بشكل فاعل مع الهلال الاحمر لمساعدة النازحين ومدهم بالمياه وتنفيذ برنامج توعية للنازحين.
وأتمنى أن ينظر للمتضررين من المزارعين بحرص وتقديم يد العون لهم بشكل استثنائي لتخفيف معاناتهم ودعمهم في تسويق منتجاتهم وتصديرها من خلال إقامة مركز للصادرات تابع للدولة ومزود بكافة الامكانيات وتزويد المحافظة بالعديد من البرادات الخاصة بالخضار.
 
***
 
 
الخوف يمنع الزربطان من العودة إلى الديار
الحرب سلبته محصول 500 لبنة
 
يمضي ضيف الله الزربطان شهره الثالث في إحدى خيام النازحين بمحافظة صعدة رفقة زوجته وطفليه.
هو واحد من 10 آلاف نازح تركوا ديارهم في مديرية سحار وساقين ونزحوا إلى مدينة صعدة ونصبوا خيامهم في حوش مكتب الزراعة.
ورغم إعلان الرئيس انتهاء المعارك في صعدة الأسبوع الماضي، إلا أن النازحين ما يزالون يرابطون في خيامهم. «نحن جالسين في المخيمات، الخوف موجود وإن شاء الله سنعود قريباً»، قال الزربطان عبر الهاتف لـ«النداء» ظهر الاثنين الماضي.
المنكوب لم يعد ذلك المزارع الشهير. لقد أجهزت المعارك على مزرعته الكبيرة واتلفت رمانه وعنبه وتفاحه فضلاً على الفرسك ومحميات الخيار.
«معي مزرعة، 500 لبنه عمت بالعطش وما قدرنا نعمل لها شيء وهربت بأسرتي من شدة القصف». قال بصوت حزين. وزاد: «الحمد لله لم يتضرر أحد من أسرتي».
عندما اندلعت الجولة الخامسة من الحرب في صعدة مطلع مايو الفائت كانت أشجار التفاح في مزرعة الزربطان ومزارع آخرين في ذروة موسمها، موسم النضوج والحصاد، لكن الحرب وقفت لها بالمرصاد وعرضتها للعطش حتى صارت أخشاباً ميتة، هو يحمد الله أن مزرعته لم تتعرض للقصف.
الزربطان لم يشكك في أمر التعويضات التي أعلنتها الحكومة، غير أنه بفطرة المزارع البسيط الذي عايش الحرب لأربع سنوات قال: «المعوض الله، وإذا جاء التعويض سوف يتأخر».
لكنه شدد على إبلاغ شكره للرئيس علي عبدالله صالح لإيقافه للحرب: «أرجو منه التعاون مع المزارعين والمواطنين النازحين».
 
***
 
سباق لتهريب الفاكهة الصعدية عبر الجوف والبُقْع
آمنة العمراني: وصل التفاح خائس

 لم تختفِ فاكهة التفاح الصعدي من الأسواق اليمنية رغم الحصار .
خلال الشهرين الماضيين شهد هنجر آمنة العمراني بسوق ذهبان شمال غرب العاصمة، تدافعاً ملفتاً لناقلات التفاح الصعدي. لكن حد آمنة (ملكة البرتقال) «التفاح تأثر بالتهريب من صعدة إلى الجوف والبقع وبعدها إلى صنعاء ونقله بدون سلال عرضه للدلكمة وخاس».
لقد تنافس خبراء التهريب في الظفر بالفاكهة الصعدية الشهيرة. وأخفقوا في الحفاظ على شهرتها.
الخبيرة بتجارة الفواكه توقعت أن تشهد الأسواق ارتفاعاً في أسعار الفاكهة الصعدية لقلة المحصول: «الأشجار والمزارع تخربت وعطشت، والمحصول سيكون قليل، وأسعاره باترتفع»، قالت آمنة لـ«النداء».
رغم أن التفاح يصل إلى العاصمة وقد فسد، إلا أن سعره ارتفع من 700 إلى ألفي ريال.
 وبحسب إدريس محمد العماري الذي يعمل «دلال» في بيع الفواكه بهنجر «آمنة» فإن التفاح الصعدي كان يباع بأرخص الأسعار، إذ يضطر المزارع للقبول بأي سعر يعرض عليه من قبل المهربين. «باعوا التفاح سكبة بدون سلال فوق بوابير كبيرة ويهربوها ليومين وما توصل إلا وهي تالفة». العماري قال إنهم يسمعون أن العنب الصعدي يهرَّب إلى السعودية.
لم تعد «صعدة» سلة الفاكهة اليمنية. لقد أتقن المتقاتلون، من الجيش والحوثيين، لعب دور المحارب الشرس. وكانت أشجار ومزارع صعدة هي الضحية.
خلال أربع سنوات من الحرب كانت: حيدان، سحار، الصفراء، وكتاف -وهي المديريات الأكثر خصوبة في صعدة- مسرحاً للمعارك.
طبقاً لتقرير لجان حصر الأضرار في صعدة قبل اندلاع الجولة الخامسة من الحرب، بلغ متوسط الأضرار في القطاع الزراعي 60٪_. لكن هذه النسبة حتماً أخذت في الصعود مع الحرب الأخيرة التي وصفت بالأعنف.