أبعد من مجرد تعكير مزاج المنتصر.. الخواجة يعزي في موت الوحدة!

أبعد من مجرد تعكير مزاج المنتصر.. الخواجة يعزي في موت الوحدة! - يحيى هائل سلام

ما توعد ووعد به منتصف مارس الماضي الفنان عبود زين السقاف (عبود خواجة)، في الحوار الذي أجرته معه "النداء" آنذاك، لم يتأخر كثيراً؛ إذ مطلع الشهر الجاري تكشفت أولى المفاجآت: "الجنوب الحر".
هو الثالث في سلسلة أعمال الخواجة الفنية الداعمة لما بات يعرف بالحراك الجنوبي. سبقه أوبريت "الجنوبـ"، ومن قبله أوبريت "التصالح والتسامح"، وكلاهما مثّل رجع الصدى لأحوال الحراك، قبل أن يصبحا في وقت لاحق وقوده العاطفي.
ليس من المصادفة في شيء أن يتزامن أوبريت "الجنوب الحر" مع تأهب ذاكرة اليمنيين الجمعية لاسترجاع 7/7 بتفاصيله المتوزعة بين غالب يمجد الذكرى، ومغلوب تعاوده، أو يعاودها، في ظروف مختلفة ومعنويات مغايرة؛ إذ يتملكه أمل باهض، يتجاوز مجرد تعكير مزاج المنتصر!!
بهذا المغلوب، بأمله الباهض، وتحديداً في هذا التوقيت، يحتفي أوبريت "الجنوب الحر": "هلّتْ بشاير هلا يا فجرنا المُبعدْ/ على محيّا كريتر ترجع البسمة، ها قد أفقنا يا يوليو الأسود/ وقد أفاقت عدن وامتصت اللطمة".
ومن المقطوعة المفتتح إلى ما يمكن وصفها بالمقطوعة الموقف: "أنا انفصالي رغم أني الوحدوي/ والمدعي الكذاب عبرها (جزعها) سنين/ ياخذ من الوحدة فقط خيراتها/ والشعب ياكل شحت والا يستدين/ واليوم ماتت عظم الله أجركم/ يا ذي قتلتوها ادفنوها وسط طينْ!!".
كما هي النمطية قاتلة للدهشة، فكذلك هو حال الموقف المستعاد. إنما ما يفاجأ به الخواجة على الدوام هو تلك الجاذبية المنتشرة في تفاصيل الصوت، كما واللحن الجميل الذي ينبئ بدراية غنائية فائقة، وحرفية غنائية عالية ترى ما تريد.
على أنه إذا كان ينطبق ذلك على المقطوعة الغنائية الأولى، فإنه ليس كذلك بالنسبة لباقي مقطوعات الأوبريت؛ ذلك أن الغنائي سرعان ما يتراجع لمصلحة الواقعي، لتبدو الموسيقى كما لو أنها عضو في خلية تنظيمية، أو قائد ميداني أنيطت به مهمة ما.
على الأقل هذا ما يفهم من انشغال جزءٍ كبير من الأوبريت بهموم هي من صميم الشؤون التنظيمية للحراك، أو بما يمكن وصفها بأزماته على أرض الواقع، في مقدمتها الحاجة إلى استقطاب أكثر لتنوع الجنوب الجغرافي، في ظل بقاع على الخريطة، حراك سكانها يصنف في خانة الضعيف.
مهام الناطق الرسمي الرتيبة، هي الأخرى وظيفة أنيطت بالفعل الغنائي في أوبريت "الجنوب الحر"، ما من شك أنها قللت من قيمته الفنية إلى حد كبير، لكنها، وبكل تأكيد، لا تقلل من القيمة الإبداعية للفنان عبود خواجة، الذي مهما اتفقنا أو اختلفنا معه تظل إبداعيته مثار دهشة واهتمام، كما واستماتته في الدفاع عن يقينه الخاص، يعوزها الترشيد!!