الخيوانية.. طريقة جديدة في العمل الاعلامي الحقوقي

يتعرف المجتمع الحقوقي في اليمن كل يوم على طرق جديدة لتوثيق الانتهاك. هذه الطرق تأخذ وقتا للتدريب عليها. بينما الانتهاك ذاته لا يحتاج لأي خبرات أو تطوير مهارات. هذه المفارقة تجعل المجتمع الحقوقي لا يعمل بعيدا عن النشاط الإعلامي، فأصبح الارتباط بينهما يتجاوز مستوى العلاقة التقليدية، لشراكة حقيقة غير معلنة.
بإطلاق الجزء الأول للفيلم التسجيلي القصير "الخيوانية: طريق الحرية"، بدأ فعليا تدشين طريقة جديدة للتعامل مع القضايا الحقوقية. استند الجزء الأول إلى حديث الطفلة "إباء الخيواني" لإثارة تعاطف أكبر حول القضية التي تمتاز منذ البداية بردود أفعال غاضبة، جراء ما تعرض له الصحفي عبد الكريم الخيواني من تعسف قانوني قضى بحبسه؛ تكون طرق الضغوط الإعلامية الحقوقية قد أخذت طريقة جديدة، تعتمد على تأثير الصورة.
حديث "إباء" في فيلم قصير بما يكفي، خلال ثلاث دقائق، لزيادة التعاطف مع قضية تأخذ مساحتها الإنسانية قبل صوتها السياسي، هدف إلى إحداث تضامن دولي بالفيديو، منضما بذلك لوسائل الضغط الأخرى التي بدأت فعليا بالتواجد منذ حبس الخيواني.
الفيلم بجزأين. واعتمد جزؤه الأول على الصوت الإنساني للقضية، من خلال حدث عاشته طفلة، قبل سماع الصوت السياسي، الذي يقول بالتعسف القانوني والتراجع في مجال الحريات الصحفية، وهو مضمون الجزء الثاني الذي يستعد فريق الفيلم لرفعه على الموقع الأسبوع القادم.
الفيلم يعرض حاليا على موقع HUB التابع لمنظمة "وتنس" http://hub.witness.org، سردت فيه ابنة الخيواني الصغيرة: تفاصيل اعتقال والدها العام الماضي، مدى تأثرها بالحادث، وما يتعرض له والدها حاليا. زاد ردود الفعل المتعاطفة معها ما يصل عبر التعليق على الفيلم في الموقع.
الطريقة الجديدة غير معمول بها في مجال الحقوق في اليمن، الذي يأخذ نشاطه المتحمس صوتا مسموعا في الخارج، مستجيبة له المنظمات الحقوقية الدولية. منظمة "وتنس" (الشهود) واحدة من أهم المنظمات الحقوقية ومقرها الولايات المتحدة، الفرق في تعاطيها مع القضايا الحقوقية أنها توثقها بالفيديو، وتؤثر في مسار قضاياها بالصورة. إنها تستخدم الصورة كدليل مادي على الانتهاك؛ هذه هي طريقة "وتنس".
وبشراكتها -في الشرق الأوسط- مع منتدى الشقائق العربي لحقوق الإنسان، قدمت تدريبا خاصا لمتطوعين في المنتدى لإنجاز مشروع فيلمين خلال ثلاثة أعوام. فيلم "الخيواني" ليس جزءا من هذا المشروع؛ ولكنه جاء بعد حماس أعضاء الفريق المتطوعين لعمل فيلم يرفع سريعا على موقع المنظمة.
عمل بسيط، ويأخذ وقته، ليقدم شهادات تحقق هدفا واحدا، وهو تكثيف نجاح مشروع التضامن مع قضية الخيواني. ولأنه عبر الفيديو، فهو الأول من نوعه في المجال الحقوقي في اليمن، وكباكورة الشراكة بين منتدى الشقائق ومنظمة "وتنس" الدولية.
حرص "وتنس" على شراكة عملية مع "الشقائق" يأتي بعد نجاح الأخير في طريقته مع القضايا الحقوقية التي اهتم بها، ليكون الشريك الأول في المنطقة، الذي عليه أن يستوعب مضمون النشاط الجديد للطريقة التي تفرضها هذه الشراكة.
طريقة فيها الكثير من فرص الابتكار والتأثير؛ طريقة ترى وتصدق، والأهم أنها يمكن استخدامها لاحقا كدليل مادي، لاحتوائها على شهادات حية وقرائن. عادة تستخدم الأفلام الوثائقية والتسجيلية لقضايا حقوقية كأدلة في المحاكم في قضاء يعترف بها. وإن كان هناك قضاء لا يجد في هذه الطريقة المبتكرة ما يصلح كدليل يستخدم في محكمة تقليدية، فإن هذا لا يمنعها من البقاء محاصرة في دائرة الضغط، كوسيلة تأثير تنطق قضايا تحتاج أن توثق.
الشريك اليمني معني بتقديم قضيتين -على الأقل- في مشروع فيلمين تسجيليين، أحدهما في الغالب سيكون عن الحقوق المهدورة للنساء، والتعسف القانوني. المهمة الصعبة هي اختيار أهم قضيتين من مجمل مواضيع تصلح جميعها لتكون فيلما قصيرا يعرض في نصف ساعة على الأكثر. هذا هو الجديد الذي يضيفه "الشقائق" خلال الأشهر القادمة للمجتمع الحقوقي.
monasafwanMail