صفقات مريبة

صفقات مريبة - محسن العمودي

في زيارة سريعة وخاطفة إلى العاصمة التاريخية «صنعاء» مرورا بطريق صافر -سيئون، لحين الوصول إلى المبتغى، فاحت رائحة نتنة لصفقة مريبة وصلت رائحتها إلى مقر مجلس الوزراء في اجتماعه الدوري الأسبوعي، محتوى ومضمون الصفقة يتحدث عن موقع مطار «البديع» أقصى شمال حدود محافظة حضرموت، وهو الموقع الذي تم استعادته بموجب اتفاقية معاهدة جدة العام 2000م، والحديث يدور عن أن مجموعة من المتنفذين في بلادنا بالطبع، قد عرضوا على الشقيقة وعبر وسطاء لديها أن يتم إعادة موقع المطار إلى ملكيتها! وبالطبع مقابل الحصول على مبالغ مالية كبيرة تؤول إلى جيوب وأرصدة البعض ممن قد لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة، وللإبداع والتفنن في إخراج الصفقة (الصفعة)، ولدرء الشبهات يسعى الفاسدون للقيام بخطوة أولى تسبق عملية إتمام البيع، بإدارة المطار عبر شركة ليست بيمنية أو سعودية لفترة من الزمن والى حين إتمام الصفقة، قيل أيضا إن مسئولا كبيرا في وزارة سيادية هامة قد طرح الموضوع للنقاش في اجتماع على مستوى عال من الأهمية والحضور، إلا أن مهندس الصفقة وراعيها الأول قد اجل النقاش في الموضوع بحجج واهية وكما هي عادته.
الأخ الرئيس وفي المؤتمر الاستثنائي لحزبه الحاكم، صرح مرارا وتكرارا انه ليس على استعداد ليصبح مظلة للفاسدين، وتأكيدا لتوجهه هذا فقد امتلأت شوارع صنعاء بالكثير من الملصقات الزاهية الألوان والبديعة الإخراج مؤكدة مضمون ما قاله فخامته، ولكنها تبقي ملصقات وشعارات لا تغني ولا تشبع من جوع، وورقة انتخابية أشار بها مطبخه الفاسد الذي لم يعد يعنيه سوى استمراره ملاصقا وديمومة مصالحه، بل إن الحديث يدور هنا عن أن المجموعة استطاعت عزل الرئيس وإبقائه مقصيا عن أي شخص أو معلومة قد تصله، قيل أيضا إن المطبخ إياه جله من خريجي الجامعات والمعاهد الاميريكية التي لا تجيد التعامل إلا بالأسلوب الأميركي -البراجماتي- أو المقولة الميكافللية «الغاية تبرر الوسيلة»، وهو أسلوب ابتدعه الايطالي ليستخدم ضد الخصوم والأعداء وليس بين أبناء الكيان الواحد، إلا أنهم -أي مجموعة الشباب المتأمرك- ممن اقتدوا بسنة ونهج بوش الصغير ووزيرة خارجيته السمراء.
نعود إلى الصفقة المريبة، فقد أصبحت حضرموت وأبناؤها، رغم أهميتها وأهميتهم، غير المدركة من قبل البعض منهم، مسرحا للفيد والإثراء السريع والاستخدام الساذج لها ولهم، وهو أسلوب استخدمته وتستخدمه كل المنظومة السياسية «سلطة ومعارضة»، فالحاكم حريص على وجود الحضارم حتى قيل إن منصب رئيس الوزراء قد أصبح حكرا عليهم، فالباء والبن الحضرمية أصبحتا تعنيان الكثير ولكن لأهداف آنية وظرفية، والمعارضة أيضا لم تبتعد كثيرا عن أسلوب ونهج الحاكم فكلاهما نتاج مدرسة واحدة، وما حرص المشترك على «بن شملان» إلا امتداد لاستخدام حضرموت والحضارم. عموما وكما قالت العرب:
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيلام
وليدفع أبناء حضرموت ثمن انهزاميتهم وثمن عدم قدرتهم على قراءة الواقع، فاليوم مطار البديع وغدا مطار المكلا اوسيئون.
تبقى كلمة ختامية نوجهها لفخامة الأخ الرئيس: لم تعد الشعارات والمسرحيات السيئة الإنتاج والإخراج، ولا الملصقات الكبيرة في شوارع عواصم المدن اليمنية الكبرى، لتنطلي على احد منا، ولم تعد آليتك الحالية ولا مطبخك الفاسد والمفسد بقادر على إدارة وطن ولا النهوض به. وآخر دعوانا: «اللهم لا نسألك رد القضاء ولكن نسألك اللطف فيه».
angalhMail