الجزائية تحجز قضية الخيواني للنطق بالحكم

الجزائية تحجز قضية الخيواني للنطق بالحكم

حجزت المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا أمن الدولة قضية الصحفي عبدالكريم الخيواني للنطق بالحكم في جلسة تعقد في ال21 من مايو المقبل.
واستمعت المحكمة في جلسة عقدتها صباح أمس الثلاثاء إلى المرافعات الختامية في القضية التي يتهم فيها الخيواني، رئيس تحرير "الشورى" المصادرة، ضمن قضية المتهمين في ما يسمى بخلية صنعاء الحوثية الثانية، التي حضرها جمع من المتضامنين مع الخيواني في مقدمتهم قيادات نقابة الصحفيين اليمنيين.
مرافعة هيئة الدفاع عن الخيواني أكدت براءته، مستندة إلى أن التهم الموجهة إليه تتعلق بعمله الصحفي، ومثبتة البطلان القانوني لإجراءات التفتيش والتنصت الهاتفي التي بنت النيابة على أساسها التهم الموجهة إليه.
نص المرافعة الختامية لهيئة الدفاع عن الخيواني لدى المحكمة الجزائية

لدى المحكمة الجزائية المتخصصة بالأمانة
في القضية رقم (36 / 2007م ح. ج)
 الموضوع: مرافعة ختامية، مقدمة من المتهم العاشر في القضية/ عبد الكريم محمد الخيواني:
فضيلة/ رئيس المحكمة الأكرم
حياكم الله.
تود هيئة الدفاع عن المتهم العاشر في القضية المشار إليها أعلاه، أن تعرض على عدالة المحكمة الموقرة بياناً ختامياً بأوجه الدفاع المسقط للاتهام القائم تجاه موكلها، ووفقاً للإيجاز الآتي:
- تؤكد هيئة الدفاع على تمسكها بما سبق تقديمه من دفاع داحض للاتهام القائم تجاه موكلها الأستاذ/ عبد الكريم محمد يحيى الخيواني؛ وهو الدفاع المثبت في محضر جلسة يوم الثلاثاء.......... الموافق25/3/2008. وفي مقام الإيضاح الختامي هذا، تود الهيئة أن تلفت عناية عدالة المحكمة الموقرة إلى أن ما جاء في مذكرة النيابة المقدمة في جلسة يوم الثلاثاء الموافق 8/4/2008، لا يقوى على النيل من سلامة وإنتاجية ذلكم الدفاع، بل هو يمثل شاهداً إضافياً على قانونية الأساس القائم عليه، وهو ما يتجلى بالبيان الآتي:
1 - ما يتعلق بالدفع ببطلان المبنى الإجرائي للاتهام:
 لئن كان الدفع ببطلان المبنى الإجرائي للاتهام، والقائم تجاه المتهم العاشر في القضية، الأستاذ/ عبد الكريم الخيواني، وهو الدفع المبدى كدفاع أصيل في مواجهة هذا الاتهام، قد أقيم على أساس من الاحتجاج بالبطلان الحائق بإجراء المراقبة الهاتفية والتفتيش اللذين مثلا أساساً لهذا الاتهام، على النحو الوارد تفصيله في محضر الجلسة المتقدم ذكرها؛ فإن ما جاء في مذكرة النيابة، المشار إليها قبلاً، لا يعدو كونه تسليماً بوجاهة هذا الدفع وتأكيداً على وجوب الاعتداد بمقتضاه.
- فبالنسبة للمراقبة الهاتفية: نجد أن مذكرة النيابة تلك تتضمن في خصوصها ما لفضه: "ففيما يتعلق بمراقبة الاتصالات الهاتفية وتسجيل المكالمات، لقد قام مأمورو الضبط في مرحلة جمع الاستدلالات بالقيام بأداء واجبهم في حماية المجتمع وأمنه وسلامته من الخطر، وعندما توصلوا إلى قناعة بضرورة اتخاذ ذلك الإجراء سلكوا الطريق المرسومة لذلك الإجراء قانوناً بأن وجهوا خطاباً إلى النيابة العامة برقم 1019، بتاريخ 2/6/2007، طلبوا فيه الموافقة على اتخاذ ذلك الإجراء، وقامت النيابة العامة بدورها بتحرير ذلك الإذن بمراقبة وتسجيل المكالمات الهاتفية، ولمدة ثلاثين يوماً عملاً بنص المواد 12/2، 146،،148 وقد أسفر ذلك الإجراء عن تسجيل المحادثة المرفق تفريغ نصها، بملف القضية...".
ما يؤكد أن تسجيل المحادثة الهاتفية المحتج بها كأساس للاتهام تجاه موكلنا لم يتم من قبل النيابة نفسها، وكإجراء وقائي بشأن واقعة جرمية توافرت تحريات جدية على احتمالية وقوعها، بل هو تم من قبل الإدارة العامة للأمن الداخلي في جهاز الأمن السياسي، فيما اقتصر دور النيابة على مجرد الموافقة على طلب تلك الجهة بالقيام بالمراقبة. والثابت أن النصوص القانونية الوارد ذكرها في مذكرة النيابة، بالموافقة على ذلك الطلب وكذا في المدونات الآنف تضمينها من مذكرة النيابة، محل التعليق، وهي نصوص المواد 12/2، 146، 148 (إ. ج)، لا تسوغ إجراء مراقبة هاتفية على نحو كهذا، بل هي لا تجيز إجراء مثل هذه المراقبة إلا من قبل النيابة نفسها. حيث نجد أن النص في المادة 12/2، يجري على نحو: "حرية وسرية المراسلات البريدية والسلكية واللاسلكية وكافة وسائل الاتصال مكفولة وفقاً للدستور. ولا يجوز مراقبتها أو تفتيشها أو إفشاء سريتها أو تأخيرها أو مصادرتها إلا في الحالات التي يبينها القانون وبأمر من النيابة العامة أو من المحكمة المختصة".
كما نجد أن النص في المادة 146 يقرر ما لفظه: "ويجوز بأمر من رئيس النيابة تكليف أحد رجال إدارة الهاتف، بعد تحليفه اليمين القانونية، بالاستماع إلى المحادثات الهاتفية وتسجيلها لنقل مضمونها إليه، ويجب أن يتضمن الأمر تحديداً واضحاً ودقيقاً للمكالمة المطلوب تسجيلها في خلال مدة 30 يوماً من تاريخ صدور الأمر". أما نص المادة 148 فيقرأ على نحو: "للنيابة العامة أن تأمر بضبط جميع الخطابات والرسائل والصحف والمطبوعات لدى مكاتب البرق، وأن تأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية أو إجراء تسجيل لأحاديث تجري في مكان خاص متى كان ذلك لازماً لكشف الجريمة وفي جميع الأحوال يكون الأمر مسبباً ولمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً". وبمقتضى المدلول المتساند لمنطوق ومفهوم النصوص القانونية هذه، يتجلى أن المفترضات القانونية الواجب توافرها لسلامة مراقبة الاتصالات الهاتفية، كإجراء متصل بصلاحية النيابة، بما هي سلطة تحقيق واتهام، تتمثل في الآتي:
1 - أن تقوم الضرورة لإجراء المراقبة، كتدبير وقائي في مواجهة واقعة جرمية قامت بشأنها تحريات جدية، من قبل جهات الضبط القضائي، المكلفة قانوناً بالقيام بهذه التحريات، وأن يتضمن الأمر بالمراقبة بياناً إيضاحياً لهذه التحريات بحسبانها أسباباً قانونية مسوغة لإجراء المراقبة.
2 - أن يكون هناك أمر صادر من رئيس النيابة المختصة بإجراء هذه المراقبة، وأن تتم المراقبة هذه بمعرفة النيابة نفسها، وبواسطة أحد موظفي مصلحة الهاتف، بعد تحليفه اليمين القانونية.
5 - أن يكون الأمر بالمراقبة قد تضمن تحديداً واضحاً ودقيقاً للمكالمة أو المكالمات المأمور بتسجيلها.
8 - أن تتم المراقبة في أمد زمني قوامه ثلاثون يوماً من تاريخ الأمر بها.
أي أن دور جهات الضبط القضائي، القائمة بالتحريات المسوغة لإجراء المراقبة، يقتصر على إبلاغ النيابة بهذه التحريات، لتقرير ما تراه ملائماً من إجراءات مكملة لهذه التحريات في الكشف عن الواقعة الجرمية المتحرى عنها، وبما في ذلك القيام بالمراقبة الهاتفية. فالنصوص القانونية، آنفة الإيراد، واضحة في ما تقرره من أن النيابة العامة تعد بالنسبة للمراقبة الهاتفية جهة فعل لا جهة إذن فحسب، ذلك أن عبارة: "ويجوز بأمر من رئيس النيابة تكليف أحد رجال إدارة الهاتف..." الواردة ضمن منطوق نص المادة 146، تتكامل مع العبارة الواردة في نص المادة 148، وقوامها: "وأن تأمر بمراقبة المحادثات السلكية واللاسلكية..." في القطع بأن النيابة هي جهة أمر، بإجراء المراقبة، لا جهة إذن للغير للقيام بتلك المراقبة. علماً بأن إجراء المراقبة عن طريق أحد رجال الهاتف هو أمر وجوبي بالنسبة للسلامة القانونية للمراقبة. أي أن الجواز الذي يقرره نص المادة 146 لا يتعلق بتكليف أحد رجال الهاتف، وإنما هو يرتبط بالمراقبة نفسها، من حيث هي إجراء استثنائي اقتضته ضرورة الكشف عن جريمة. بمعنى أن النيابة لا تملك أي سلطة أو صلاحية قانونية في تحديد الجهة التي تكلفها بإجراء المراقبة الهاتفية، وأن السلطة التقديرية المقررة لها بموجب النص القانوني هذا، هي سلطة التقرير بإجراء المراقبة من عدمه، بحيث إذا قدّرت أن هناك ضرورة للقيام بهذه المراقبة، بناءً على ما عُرض عليها من تحريات جدية، تحتم عليها، إن هي أمرت بالقيام بهذا الإجراء، تكليف أحد رجال إدارة الهاتف بتنفيذ أمرها بالتسجيل، بعد تحليفه اليمين القانونية، وتحديد المكالمات المراد تسجيلها. ولئن كانت النصوص القانونية الآنف ذكرها لا تحتاج إلى شواهد خارجية على تحديد مؤداها، فإن المقام لا يمنع من التنويه إلى أن المواد التي تضمنت هذه النصوص: 12/2، 146، 148، وردت ضمن الفصل الثالث، في قانون الإجراءات الجزائية النافذ، وهو الفصل الخاص بالتفتيش كإجراء من إجراءات التحقيق، والمقرر ضمن الباب الثالث، المنظم لإجراءات النيابة، كسلطة تحقيق. فيما أن الصلاحيات التي يقررها القانون لمأموري الضبط القضائي بشأن التحري وجمع الاستدلالات، ينتظمها الباب الثاني من هذا القانون، ولم يرد في نطاق نصوص هذا الباب ثمة تقرير بصلاحية قانونية لمأموري الضبط القضائي بشأن إجراء مراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية. على أن ما يتعين التأكيد عليه هنا، هو أن مراقبة الاتصالات، سلكية أكانت أم لا سلكية، هي بمثابة إجراء مناهض لمقتضيات الحرية القانونية للحياة الخاصة، وهي الحرية التي يقررها نص المادة 53 دستور، ويؤكدها نص المادة 14 من قانون الإجراءات الجزائية النافذ؛ علماً بأن النص الدستوري هذا، لا يجيز إخضاع الاتصالات للمراقبة إلا إذا ما قامت ضرورة ملجئة لذلك، وبأمر قضائي صادر من قاضٍ مختص.
وعليه، ولما أن تسجيل المحادثة الهاتفية، المحتج بها في القضية الماثلة، قد تم من جهة غير مخولة قانوناً بإجرائ،ه وعلى خلاف الكيفية التي رسمها القانون، وعلى النحو الذي ينحل معه إلى إجراء مطلق البطلان، طبق نص المادة 396 (إ. ج) وحيث أن النص في المادة 402 من ذات القانون، يقرر أن بطلان أي إجراء يرتب بطلان كافة الآثار الناجمة عنه، فإن هيئة الدفاع إذ تؤكد تمسكها واحتجاجها ببطلان إجراء المراقبة الهاتفية المعتد بها من جهة النيابة كأساسٍ للاتهام القائم تجاه المتهم العاشر الأستاذ/ عبد الكريم الخيواني؛ تلفت عناية عدالة المحكمة الموقرة إلى أن التقرير ببطلان هذا الاتهام هو المتعين القانوني الوحيد، في مقام وضوح مقرر النص القانوني هذا.
أما ما يخص بطلان التفتيش، المقول بأنه أسفر عن أدلة مسوغة لإقامة الاتهام تجاه المتهم العاشر في القضية الأستاذ/ عبد الكريم الخيواني، فحسب هيئة الدفاع، إيضاحاً بشأنه، أن تشير إلى أن مذكرة النيابة المتقدم ذكرها، تتضمن تسليماً صريحاً بالبطلان الحائق به، حيث جاء تسليم النيابة بهذا البطلان على نحو: "ومعلوم لعدالة المحكمة أنه لا يجوز لأحد الخصوم التمسك بأوجه البطلان إذا كانت الغاية من الإجراء قد تحققت وفقاً لما قررته المادة 399 (إ. ج)". على أن ما يتعين التقرير به هنا، هو أن النيابة العامة لم تكن موفقة في ما ذهبت إليه من تفسير اعتباطي، رغبوي، لنص المادة 399 (إ.ج)؛ إذ كيف يمكن التسليم بسلامة ما قالت به، من أن مقرر هذا النص يوجب الاعتداد بالتفتيش المعيب بالبطلان متى ما كان هذا التفتيش قد أسفر عن الحصول على ما توهمت بأنه يمثل دليلاً مسوغاً لإقامة الإتهام؟
ذلك أن الإجراء الذي اشترط القانون لزومية توافره لصحة التفتيش، كإجراء من إجراءات التحقيق، وهو الإجراء المتمثل في حضور المتهم بشخصه، أو من ينيبه، وكذا في حضور شاهدين من أقارب المتهم أو جيرانه، فضلاً عن لزوم أن يتم هذا التفتيش من قبل عضو النيابة المختص، إنما يرتبط بغاية فحواها تحصين إجراءات التحقيق، بما هي إجراءات عدالة وانتصاف، لا إجراءات انتقامٍ واعتساف، من مظنة التجاوز وشبهة التلفيق. وليس من المعقول في شيء أن تكون الغاية التشريعية هذه قد تحققت، بحصول النيابة على ما تراءى لها أنه يمثل أدلة مسوغة للاتهام. ثم أن هناك فارقا كبيرا فيما بين عيب عالق بإجراءٍ ما وبطلان ماحق لقوامه. ذلك أن البطلان الحائق بالتفتيش، القائم عليه الاتهام المنسوب للأستاذ/ عبد الكريم الخيواني، لم يكن مجرد عيب علق بقوام قانوني صحيح لإجراء التفتيش، بل هو من الجوهرية بحيث لم يعد معه ثمة إمكان للقول بتحقق الغاية المقصودة بنص المادة 399 (إ. ج).
فإذا كان النص في المواد: 134، 138، 150 (إ. ج)، يقرر بأن المفترضات التي يتكون منها القوام القانوني للتفتيش، المعتد به قانوناً، كإجراء من إجراءات التحقيق هي:
1 - أن يكون هناك تحقيق قائم لدى النيابة بشأن واقعة يجرمها القانون.
2 - أن يكون هناك أمر صادر عن النيابة القائمة بهذا التحقيق، لتفتيش مسكن شخص المحقق معه، أي: شخص من وجه إليه الاتهام بمقارفة الواقعة محل التحقيق.
3 - أن يكون الأمر بالتفتيش قد حدد الأشياء المأمور بالتفتيش عنها، وأن تكون هذه الأشياء قد استعملت في ارتكاب الواقعة الجرمية الجاري التحقيق بشأنها أو تحصلت عن مقارفة هذه الواقعة.
4 - أن يتم التفتيش بمعرفة عضو النيابة القائم بالتحقيق أو أي عضو نيابة آخر انتدب لهذا الغرض.
5 - أن يتم التفتيش بحضور المتهم أو من ينيبه، وكذا في حضور شاهدين من أقاربه أو جيرانه.
إذا كان ذلك، وكان الثابت أن النيابة لا تنازع في حقيقة عدم توافر المفترضات القانونية هذه، في خصوص التفتيش الذي تحتج به هنا، فأنى يسوغ لها، والحال هذه، الاحتجاج بأن ما لحق بهذا التفتيش لا يعدو مجرد عيب مغتفر، وبأن هناك غاية قد تحققت وتعين الاعتداد بها؟! علماً بأن مسايرة قول النيابة المعيب هذا ليست سوى إهدار كلي لمبادئ وضمانات العدالة الجنائية برمتها، بحيث لن يعود هناك محل لإعمال مقرر النصوص القانونية، في المواد: 322، 396، 397، 411، 412، 435 (إ. ج). فالمعلوم أن القانون لم يقرر البطلان إلا باعتباره موجباً قانونياً لإهدار النتيجة المتأتية من الإجراء الحائق به هذا البطلان، في حين أن النيابة تعتبر أن تحقق هذه النتيجة يسوغ الالتفات عن هذا البطلان!! أي أن الاحتجاج ببطلان الإجراء لا يكون إلا في مواجهة النتيجة التي أسفر عنها هذا الإجراء، أما في حالة عدم تحقق هذه النتيجة فلن تقوم ثمة حاجة للاحتجاج بالبطلان. والبيِّن أن النيابة لا تدرك الفرق بين الإجراء المصدري الذي يمثل مبنى أساسيا وأصيلا للدعوى القضائية برمتها، والإجراء الفرعي المتولد عن هذا الإجراء المصدري نفسه. إذ نجد، مثلاً، أن التفتيش هو إجراء مصدري أصيل تقوم عليه الدعوى، في حين أن تكليف المتهم بالحضور لا يعدو عن كونه إجراءً فرعياً في نطاق هذه الدعوى. أي أنه إذا شاب التكليف بالحضور ثمة عيب، فليس من شأن هذا العيب أن يمثل وجه بطلان جدير بالاعتداد، في حال حضور من كلف بذلك، اعتباراً بأن هذا الحضور هو وحده المتغيا تحقيقه بالتكليف المعيب، وما دام أن هذه الغاية قد تحققت فلم يعد ثمة وجه للاحتجاج بعيب انعدم أثره. بيد أن هذا النظر لا ينطبق على التفتيش الباطل، بما هو إجراء مصدري أصيل، تقوم عليه الدعوى نفسها، إذ ما دام أن هذه الدعوى ما كانت لتقام لولا النتائج التي أسفر عنها هذا التفتيش، وما دام أن المشرع قد أوجب على النيابة مراعاة ما قرره من ضمانات قانونية لسلامة التفتيش، فإن إهمال أو إغفال الضمانات القانونية هذه يحتم إهدار كافة النتائج التي أسفر عنها هذا التفتيش، حؤولاً دون إقامة الدعوى أصلاً. وهو الأمر الذي تتجلى الشواهد التأكيدية عليه في العديد من النصوص التي ينتظمها قانون الإجراءات الجزائية النافذ، ومنها النصوص الجاري تقريرها في المواد: 322، 396، 397، 411، 412، 435.
وعليه، ولما أن النيابة قد سلمت صراحةً ببطلان التفتيش مبنى الاتهام القائم تجاه الأستاذ/ الخيواني، على نحو ما جاء في مذكرتها المشار إليها قبلاً، فإن هيئة الدفاع إذ تؤكد احتجاجها بهذا البطلان كدفاع أصيل قائم في مواجهة الدعوى، تنوه إلى أن التقرير ببراءة موكلها إزاء واقعة هذه الدعوى، هو المؤدى الحتمي لمقرر نص المادة 402 (إ. ج).
2 - ما يتعلق بالدفع بعدم صحة وثبوت الاتهام:
لئن كان الدفع بعدم صحة وثبوت الاتهام القائم تجاه موكلنا الأستاذ/ عبد الكريم الخيواني، قد قدم كدفاع احتياطي على النحو الوارد في محضر الجلسة المتقدم ذكرها، بحيث لا يتحقق الاتصال الصحيح له بولاية عدالة المحكمة الموقرة إلا في حال إعمال النظر ابتداءً، في الدفع ببطلان المبنى الإجرائي للاتهام، بما هو دفاع أصيل قائم في مواجهة الدعوى، والانتهاء إلى التقرير برفض الدفاع الأصيل هذا، فإن هيئة الدفاع، إذ تؤكد تمسكها بالدفع ببطلان المبنى الإجرائي للاتهام، تعرض هنا أوجه بيانها الختامي للدفع الاحتياطي هذا، وعلى النحو الآتي:
- يقرر النص، في المادة 221 (إ. ج)، ما لفظه: "إذا تبين للنيابة العامة بعد التحقيق أن الواقعة تكون جريمة وأن الأدلة ضد المتهم ترجح إدانته، ترفع الدعوى الجزائية إلى المحكمة المختصة بنظرها". وجاء في المادة 222 من هذا القانون نفسه، ما يقرأ على نحو: "يشتمل القرار الذي تصدره النيابة العامة بإحالة المتهم إلى المحكمة على اسمه ولقبه وسنه ومحل ميلاده وموطنه ومهنته، وعلى بيان موجز للواقعة المنسوبة إليه ووضعها القانوني وكافة الظروف المشددة أو المخففة للعقوبة ومواد القانون المراد تطبيقها". ما يعني أن المتطلب القانوني لسلامة الاتهام هو أن يكون القرار القائم به متضمناً تحديداً دقيقاً وواضحاً، للواقعة الجرمية المنسوبة للمتهم، وكذا للوضع القانوني لهذه الواقعة. فضلاً عن النص القانوني المقرر للتجريم، والمراد تطبيقه في مواجهة المتهم. وفي عموم الأحوال، يتعين أن تكون النيابة العامة قد أجرت تحقيقاً ابتدائياً، لواقعة الاتهام على وفق الأصول المحددة قانوناً، (م 110 إ. ج) وتحصلت قبل المتهم أدلة ترجح إدانته بمقارفة تلك الواقعة، ومتأتية (أي الأدلة) عن إجراءات تمت وفق الكيفية التي حددها القانون.
ولما كان الأمر كذلك، وكان الثابت أن قرار الاتهام الماثل قد حدد نص المادة 133 من قانون الجرائم والعقوبات النافذ، بحسبانه نص التجريم المطلوب إعماله في مواجهة موكلنا الأستاذ/ عبد الكريم الخيواني، وحيث أن مقرر هذا النص قد جرى على نحو: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على عشر سنوات: 1- كل من اشترك في عصابة مسلحة بقصد اغتصاب الأراضي أو نهب الأموال المملوكة للدولة أو لجماعة من الناس أو لمقاومة القوة العسكرية المكلفة بمطاردة مرتكبي هذه الجرائم. 2- كل من اشترك في عصابة مسلحة هاجمت جماعة من الناس أو قاومت بالسلاح رجال السلطة العامة المكلفين بتنفيذ القوانين. وإذا نتج عن أي أفعال الجناة المذكورة في المفقرتين السابقتين موت إنسان تكون العقوبة الإعدام حداً ولا يخل ذلك بحق ولي الدم في الدية إذا كان المجني عليه من غير المقصودين بالجريمة"؛ فإن الواقعة الجرمية التي يتطلب نص المادة 222 (إ. ج)، آنف الإيراد، قيام الاتهام بها، هي الواقعة نفسها التي يقررها نص التجريم هذا، والتي يتمثل بنيانها المادي في فعلٍ قوامه: الاشتراك في عصابة مسلحة بقصد اغتصاب الأراضي أو نهب الأموال المملوكة للدولة أو لجماعة من الناس أو لمقاومة القوة العسكرية المكلفة بمطاردة مرتكبي هذه الجرائم. كما أن ما يتطلبه نص المادة 221 (إ. ج)، كمفترض حتمي التوافر لإقامة الاتهام بشأن هذه الواقعة، على نحو سائغ قانوناً، هو أن تكون النيابة قد أجرت، على وفق الأصول المحددة قانوناً، تحقيقاً ابتدائياً بشأن هذه الواقعة، وتحصلت لديها أدلة مرجحة لتحقق وثبوت المفترضات الآتية:
1 - أن يكون موكلنا الأستاذ/ عبد الكريم الخيواني قد اتفق مع سائر المتهمين في القضية على تشكيل عصابة مسلحة فيما بينهم، أو انضم إلى عصابة مسلحة سبق تشكيلها فيما بين سائر المتهمين.
2 - أن يكون الغرض من تشكيل هذه العصابة هو اغتصاب الأراضي أو نهب الأموال المملوكة للدولة أو لجماعة من الناس أو مقاومة قوة عسكرية مكلفة بمطاردة أشخاص آخرين قاموا باغتصاب أراض أو نهب أموال مملوكة للدولة أو لجماعة من الناس.
5- أن يكون موكلنا الأستاذ/ الخيواني قد حاز وحمل سلاحاً معداً لاستعماله في تحقيق هذا الغرض، سواءً أكان حمل هذا السلاح هو حملا فعليا أم حكميا، إعتباراً بأن حمل أحد أفراد العصابة للسلاح المشترك هو بمثابة حمل فعلي لشخص الحامل وحكمي بالنسبة لغيره من أفراد العصابة، ما دام أنه قد جرى الاتفاق على إعداد وتخصيص هذا السلاح لتحقيق الغرض المشترك للعصابة.
 والثابت أن أوراق الاتهام لا تنتظم ثمة قولا أو أي تقرير بتوافر المفترضات القانونية هذه، بل إن قرار الاتهام يحدد الواقعة المنسوبة لموكلنا بأنها الاشتراك في عصابة مسلحة بقصد القتل والتخريب والإتلاف وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر. ولما أن واقعة الاتهام هذه لا تتوافر على ثمة أصل في مقرر نص التجريم والإسناد الآنف إيراد منطوقه، ولم يرد بشأنها نص تجريم آخر في نطاق المدونة العقابية النافذة، وحيث أن النص في المادة 47 من الدستور يقرر بأن لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وهو ما يؤكد عليه نص المادة 2 (عقوبات)، فإن الواقعة الجرمية المسوغة للاتهام والعقاب، تكون، والحال هذه، قد تخلفت عن التوافر بالنسبة للاتهام القائم تجاه موكلنا، وعلى النحو الذي ينحتم معه التقرير بالبراءة. بخاصة وأن النيابة، قد عجزت تماماً عن مناهضة ما أبدي من دفاع في هذا الخصوص، حيث نجد أن مذكرتها المشار إليها قبلاً، جاءت خلواً من أي بيان مناهض للأساس القانوني القائم عليه هذا الدفاع، وهو ما يمثل تسليماً من جهة النيابة بسلامة وقانونية الدفع بعدم صحة وثبوت الاتهام. وإذا كانت النيابة قد عمدت، عسفاً وتضليلاً، إلى إشاعة الاتهام فيما ذهبت إليه من قول، بما لفظه: "..وتوزعوا الأدوار فيما بينهم لاستهداف المعسكرات والوحدات الأمنية بوضع السموم في خزانات مياه الشرب واستهداف المنشآت الحيوية ووسائل النقل العسكرية باستخدام عبوات ناسفة معدة من البارود والأحماض الكيميائية لتفجيرها عن بعد بواسطة أجهزة الاتصالات واستعمال الحبر السري في كتابة الرسائل والأموال للدعم وشراء متطلبات ووسائل التنفيذ، والمطبوعات والتسجيلات لنشر أخبار وبيانات مغرضة لإثارة الفزع وإضعاف الروح المعنوية بين الناس وإلحاق الضرر في صفوف القوات المسلحة والأمن ومقاومة رجال الضبط المكلفين بمتابعة مرتكبي هذه الجرائم مما نتج عنه قتل المقدم/ يحيى محمد قائد راوع، والمقدم/ عبد الغني حسين المعمري، وعلى النحو المبين تفصيلاً في الأوراق"، وذلك بغية الإيهام بأن واقعة القتل المنسوبة للمتهم الأول/ جعفر المرهبي، هي واقعة جرمية مقارفة من قبل عصابة مسلحة تنتظم ضمن أفرادها موكلنا الأستاذ/ عبد الكريم الخيواني؛ فإن الأوراق التي يحيل إليها قرار الاتهام هذا نفسه، تكفي بذاتها لمداحضة وتكذيب ذلك. إذ فضلاً عن كون أن واقعة القتل تلك هي جريمة مستقلة بذاتها، لا دوراً في الواقعة القائم بها الاتهام، وبما كان يتعين معه حصر الاتهام بهذه الواقعة نفسها، وفي مواجهة الشخص الذي قام بمقارفتها وحده، نجد أن الأوراق التي أحال إليها قرار الاتهام –ومنها ما أسمي بقائمة أدلة الإثبات– واضحة فيما تقطع به من أن المتهم الأول/ جعفر المرهبي، اعترف بأنه قام بإطلاق أعيرة نارية تجاه الأشخاص الذين كانوا حينها يحاصرون المنزل الذي كان متواجداً فيه، وهو المنزل العائد لأخيه/ أحمد المرهبي، (المتهم الرابع عشر في القضية الماثلة) وأن قيامه بإطلاق الأعيرة النارية تم كفعل فردي من جهته، ولغرض الإفلات من الحصار الذي بوغت به. أي أنه إذا كان ما أطلقه المتهم الأول من أعيرة نارية قد أدى إلى وفاة كل من المقدم/ عبد الغني حسين المعمري، والمقدم/ يحيى محمد قائد راوع، فإن ما كان يتعين على النيابة القيام به، في هذه الحالة، هو إقامة الاتهام بواقعة القتل هذه، قبل من قام بارتكابها نفسه. أما أن تعمد إلى استغلال واقعة القتل تلك، فتجعل منها نتيجة لواقعة جرمية أخرى اختلقها خيالها المهجوس بما يسمى بالحوثية، وهي الواقعة الجاري توصيفها بقرار الاتهام، والتي لم يعثر لها على ثمة أصل، إن في صحيح النص أو في حقيقة الواقع، فإنها بذلك تكون قد وفرت إمكانية قانونية، حقيقية، لإفلات من قارف واقعة القتل تلك من العقاب المستحق قانوناً. لا سيما وأن النص في المادة 365 (إ. ج) لا يجيز للمحكمة الحكم بعقوبة إلا عن الواقعة الجرمية المحددة بقرار الاتهام، وليس هناك اتهام قائم، على نحو صحيح، بشأن واقعة القتل، المقول بمقارفتها من قبل المتهم الأول. علماً بأن النص في المادة 3 (إ. ج)، يجري على نحو: "المسؤولية الجزائية شخصية، فلا يجوز إحضار شخص للمساءلة الجزائية إلا عما ارتكبه هو من أفعال يعاقب عليها القانون"، أي أنه أياً كان الرأي بشأن ما ورد في أوراق الاتهام من تقريرات اتهامية تجاه سائر المتهمين في القضية، وأياً كانت الوقائع الجرمية التي تعلقت بها هذه التقريرات، فليس من شأن ذلك تسويغ إقامة الاتهام تجاه موكلنا الأستاذ/ عبد الكريم الخيواني؛ ذلك أن ما يقرره النص القانوني هذا لا يترك ثمة إمكان لإقامة الاتهام تجاه من لم يقم –فاعلاً أصلياً أكان أم مساهماً تبعياً– بارتكاب الجرم محل الاتهام. ولا يغير من ذلك شيئاً ما جاء في مذكرة النيابة، المتقدم ذكرها، من قول بما لفظه: "وقد اضطلع المتهم، عبد الكريم الخيواني، بتقديم العون والمساعدة بالارتباط والتواصل والترويج والنشر عبر الوسائل الإعلامية لما يتم إيصاله إليه من منشورات من أفراد العصابة". إذ أن قول النيابة هذا لا يتعلق بالعصابة المقول بتشكيلها فيما بين المتهمين في القضية الماثلة، بل هو يتعلق بـ"عبد الملك الحوثي وتابعيه" بحسبان أنهم يمثلون معاً عصابة مسلحة. وفضلاً عن عدم قيام أي اتهام في مواجهة هؤلاء، حتى يتسنى القول بأن موكلنا الأستاذ/ عبد الكريم الخيواني، قام بتقديم عون ومساعدة بشأن واقعة جرمية منسوبة لهم، فإن أوراق الاتهام الماثل لم تبين الأشياء المقول بأن موكلنا هذا قام بنشرها عبر الوسائل الإعلامية قصد تحقيق المساعدة المتهم بتقديمها. ثم أن إقامة اتهام كهذا يتطلب بالضرورة، أن يكون هناك تحديد للوسيلة الإعلامية التي تم النشر عبرها، وأن يكون ما نشر مندرجاً ضمن محظورات النشر المحددة قانوناً، وأن يقوم الدليل القاطع على أن النشر قد تم لغرض ترويج إعلامي لمناصرة ما يسمى بجماعة الحوثي، وكمساعدة لهذه الجماعة، بشأن أعمال مجرمة قانوناً وقائم بها اتهام لدى عدالة هذه المحكمة، وعلى أن يتم كل ذلك تنفيذاً لاتفاق تقدم حصوله فيما بين موكلنا والشخص القائم بقيادة هذه الجماعة.
وعليه، ولما أن القول بأن موكلنا قام بتقديم عون ومساعدة لما يسمى بجماعة الحوثي لم يتوافر على أصل صحيح في أوراق الاتهام الماثل، بل ولم يرتبط باتهام قائم تجاه هذه الجماعة، وحيث أن حيازة موكلنا للسيديهات والأوراق التي تحتج بها النيابة، لا تمثل واقعة جرمية موجبة للمساءلة والعقاب، بخاصة وأن أوراق الاتهام تؤكد أن توافره على هذه السيديهات والأوراق، تأتّى من كونه صحفيا، يكتب الحقيقة، طبق ما قرر به المتهم الثاني/ باسم عبد الكريم حميدان، وبما يعززه نص المادة 14 من قانون الصحافة والمطبوعات النافذ، لا من كونه عضواً في عصابة مسلحة يقودها عبد الملك الحوثي حسبما تحاول النيابة الإيهام به، فإن احتجاج النيابة بهذه السيديهات والأوراق لا يسوغ لها البتة إقامة الاتهام المدفوع بعدم صحته. أما بالنسبة للرسائل الهاتفية المقول بأنها تمت فيما بين موكلنا ويحيى الحوثي، فنؤكد أن الاحتجاج بها من جهة النيابة إنما يعكس افتقار هذه الأخيرة للدليل القانوني المسوغ للاتهام، وعوزها للواقعة الجرمية المسوغة للمساءلة. إذ ليس هناك نص قانوني يجرم التواصل الشخصي مع يحيى الحوثي، أو مع غيره من آحاد الناس!!
عدالة المحكمة الموقرة:
إذا كانت هيئة الدفاع قد أوضحت جوانب البطلان الحائق بالاتهام القائم تجاه موكلها على النحو الوارد في الفقرة 1 أعلاه من عريضة الدفاع الختامية هذه، وأبانت عدم صحة وثبوت هذا الاتهام في ما أوردته قرين الفقرة 2 من هذه العريضة نفسها، فإن داعيها لكل ذلك لم يتأتَّ من شبهة قائمة تجاه موكلها، وإنما من التعسف الذي داخل هذا الاتهام، وكذا مما أجهدت النيابة في محاولة الإيهام بحصوله خلافاً لحقائق الواقع، واستغلالاً لواقعة جرمية لا علاقة لهذا الموكل بها من أي وجه.
ولئن كانت عدالة التجريم والعقاب تقتضي إنزال العقوبة المقررة قانوناً بمقارف الواقعة الجرمية المستغلة هذه، واقعة القتل، فإن مقتضيات هذه العدالة ذاتها، تمنع، وبالمطلق، معاقبة من لم تتأثم يده بمقارفة الواقعة الجرمية تلك. ولذلك كله، تلتمس هيئة الدفاع تكرم عدالة المحكمة الموقرة بالتقرير بالآتي:
- بطلان الاتهام القائم تجاه المتهم العاشر في القضية.
- واحتياطياً:
براءة المتهم العاشر في القضية مما نسب إليه بقرار الاتهام.
 وفقكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة،،،
هيئة الدفاع عن المتهم العاشر:
الأستاذ/ عبد الكريم محمد الخواني
المحامون:
هائل سلام
نبيل المحمدي
محمد المداني