مجلس محلي سباح يقرر سحب الثقة من رئيسه.. ارتفاع عدد المستقيلين في مجلس خنفر إلى 16 وفشل الدولة في أبين يعجِّل بقيام إدارة ذاتية من زعماء محليين

مجلس محلي سباح يقرر سحب الثقة من رئيسه.. ارتفاع عدد المستقيلين في مجلس خنفر إلى 16 وفشل الدولة في أبين يعجِّل بقيام إدارة ذاتية من زعماء محليين

- أبين- «النداء»:
النقطة الواقعة على الطريق العام الذي يربط محافظة عدن بمحافظتي شبوة وحضرموت، والمواجهة لمبنى محافظة أبين في زنجبار، باتت الساحة المثلى التي يتجمع فيها محتجون من كل صنف للتعبير عن استيائهم من انهيار الخدمات. والمبنى ذاته صار آخر معاقل الحكم بعد انحسار نفوذه في مختلف المديريات والمناطق.
انكماش الدولة داخل مباني وأسوار الهيئات الحكومية في العاصمة زنجبار، جعل من التمرد الذي يقوده سعيد شحتور في مديرية المحفد شرقي المحافظة، مجرد عمل اعتيادي لا يثير الاهتمام. وللتخلص من الإحساس بالملل والشعور بعدم الأهمية، قد يندفع شحتور إلى توسيع نطاق عملياته إلى مناطق جديدة أكثر سخونة، لينازل الدولة عليها.
تتنامى مشاعر السخط على الدولة في أبين، وتأخذ أحياناً تعبيرات حادة تنذر بقدوم مرحلة جديدة تتسم بالمواجهات الدامية. هذا ما دللت عليه الأحداث التي رافقت آخر اعتصام لعمال النظافة بالمحافظة نهار السبت الماضي. الاعتصام هو الرابع من نوعه خلال شهر. ويطالب المعتصمون برواتبهم واعتمادهم كموظفين رسميين، علماً بأن أغلبهم متعاقدون، ومضى على بعضهم سنوات عديدة دون أن يتم توظيفهم رسمياً، في الوقت الذي يتم فيه توظيف عمال من خارج قائمة المتعاقدين. وشكا بعض هؤلاء من الاجراءات العقابية القاسية التي تتخذها الإدارة ضدهم، حيث أبلغ محتجون «النداء» بأن الذين تغيبوا عن العمل نهار يوم عيد الأضحى عوقبوا بخصم راتب شهر كامل من مستحقاتهم.
صباح السبت حرص عمال النظافة المحتجون على لفت الانتباه إليهم، فحاولوا الدخول عبر بوابة مبنى المحافظة، لكن قوى الأمن تدخلت بصرامة لصدهم. وحسب شهود عيان فإن الأمن تعامل بقسوة مع المحتجين، وبطريقة تنتقص من إنسانيتهم، ونعتهم بصفات مشينة تنم عن نظرة عنصرية تجاههم. وكادت المواجهة أن تنزلق نحو «هاوية المناطقية» عندما حاول المحتجون الغاضبون، كرد فعل على إهانتهم، الاعتداء على بقالات مجاورة يملكها مواطنون من محافظات شمالية. وقد اضطر رجال الأمن إلى التدخل لحماية البقالات.
الشلل في وظائف الدولة وعجز المسؤولين عن الاستجابة لاحتياجات السكان ومطالبهم، يغذي الشعور بالإقصاء واليأس بينهم. والوظيفة الوحيدة التي يؤديها القابعون داخل أسوار مبنى المحافظة هي تحفيز المشاكل وإلهاب الأزمات المتوطنة في غير مكان.
على سبيل المثال، فإن تردي الخدمات لم يمنع قيادة المحافظة من الاستمرار في جباية الأموال من السكان. وعلى الرغم من فتوى قانونية صدرت من مكتب الشؤون القانونية بالمحافظة تشدِّد على عدم قانونية نقاط جباية عند مداخل المحافظة، لصالح صندوق تحسينها(!)، فإن هذه النقاط ما تزال تعمل في استفزاز صارخ للتجار.
الغرفة التجارية بأبين استطاعت الشهر الماضي أن تنتزع قراراً من المحافظة بإلغاء تلك النقاط، لكن الإلغاء لم يتم.
وبحسب مصدر في الغرفة التجارية، فإن الجباية في هذه النقاط غير القانونية تتم بأساليب استفزازية، وأحياناً يتم استخدام الرصاص الحي على أصحاب الأعمال لإجبارهم على دفع المال.
وعلمت «النداء» أن التجار الذين نفد صبرهم أقروا الدعوة إلى اعتصام لا يطالبون فيه بإلغاء النقاط فقط، وإنما أيضاً رد المبالغ التي أجبروا على تسليمها، خصوصاً وأنهم يحملون سندات دفع، سبق لمكتب الشؤون القانونية الإفتاء بعدم قانونيتها.
وتقدر الأموال التي يتم جبايتها من هذه النقاط بنحو نصف مليون ريال سنوياً. وشهدت مديرية خنفر تطوراً لافتاً الأسبوع الماضي، حيث انضم6 من أعضاء المجلس المحلي في المديرية إلى قائمة المستقيلين من عضوية المجلس، ليبلغ عدد الأعضاء المستقيلين 16 عضواً.
وكانت «النداء» أشارت في تقرير سابق إلى استقالة 10 من عضوية المجلس المحلي. ويطالب المستقيلون وهم من أعضاء المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) بمحاسبة مدير عام المديرية وأمين عام المجلس، جراء تورطهم في قضايا فساد، أو تسترهم عليها.
وفي مديرية سباح، قرر المجلس المحلي (جميع أعضائه من المؤتمر الشعبي) بأغلبية ساحقة سحب الثقة من مدير عام المديرية. ووزع أعضاء المجلس المحلي أمس رسالة يلوحون فيها بالاستقالة في حال لم يُغير المدير .
واتهم أعضاء المجلس المحلي مدير عام المديرية بالامتناع عن وضع ختم المديرية الرسمي على أية معاملة للمواطنين إلا بعد دفعهم مبالغ مالية، وكذا تواطؤه مع مدير أمن المديرية في تعسف المواطنيين والقيام بحبس أعضاء المجلس المحلي ومواطنين، سواء في منزله أو مكتبه، دون ذنب أو مسوغ قانوني.
وطالب 15 عضواً من أصل وهم قوام المجلس المحلي بالمديرية في مذكرة إلى محافظ المحافظة محمد صالح شملان وهم بعقد اجتماع استثنائي للمجلس لسحب الثقة عن مدير عام المديرية وفقاً لأحكام المادة 119 من قانون السلطة المحلية. واتهموا مدير عام المديرية محسن العمقي بإثارة المشاكل والفتن بين المواطنين كما و تفويض مواطنين من خارج المجلس للقيام بأعمال مدير عام المديرية، ورفض الالتزام بتنفيذ قرارات المجلس التي تتخذ بالاجماع والعمل على تعطيل قرارات المجلس السابقة، بالاضافة إلى عدم تواجده الدائم في المديرية، ما أدى إلى تعطيل جميع الاعمال الخاصة والعامة في المديرية.
وطالب أعضاء المجلس محافظ بسرعة تحديد اجتماع غير عادي للنظر في الموضوع حتى لا تتفاقم الأمور وتؤدي إلى تداعيات أكبر.
 الطلب بسحب الثقة عن مدير عام المديرية يعد الطلب الثالث المقدم من أعضاء المجلس المحلي منذ تولي المدير العام مهامه قبل أكثر من عام، دون أن تعمل السلطة في المحافظة على حل الموضوع.
وتفاقمت أزمة المياه في مدينة زنجبار جراء تدهور معدات توصيل المياه من حوض مياه عدن شمالي مدينة جعار المجاورة. ويزود الحوض مدينة جعار وزنجبار وعدن بالمياه. وأصيبت الانابيب التي تزود زنجبار بالمياه بالتلف والتآكل، علماً بأن عمرها يمتد لعدة عقود. ويمكن للمتنقل بين مدينتي جعار وزنجبار أن يشاهد على امتداد الطريق الأعطال الجسيمة في شبكة الامداد، والمياه المتسربة من الأنابيب. وبحسب متخصص، فضل عدم ذكر اسمه، فإن نسبة الفاقد من المياه جراء تلف الانابيب، يبلغ نحو 70٪_. ويشكو مزارعون من أخطار تحيق بمحصولاتهم جراء تسرب المياه بكميات كبيرة إلى مزارعهم. ويعزو الأهالي الانهيارات الأرضية على امتداد الطريق إلى هذه المشكلة.
وطبق أهالي في زنجبار فإن المياه التي تصل إلى بيوتهم تأتي ملوثة بالأتربة ومواد أخرى. ويضطر بعض سكان المدينة إلى استخدام الحمير للتزود بالمياه من مناطق أخرى في المدينة بسبب انقطاع المياه عن منازلهم لمدد طويلة.
وعلى الجملة، فإن أبين تشرف الآن على مرحلة جديدة جراء عجز مؤسسات الدولة وهيئاتها في المحافظة عن أداء واجباتها. وبات مرجحاً أن تتقدم زعامات قبلية وسياسية لملء الفراغ، تماماً كما يحصل في المناطق التي تنهار فيها الدولة جراء الحروب أو الكوارث. ويتعزز هذا الاحتمال بفعل عوامل عديدة جغرافية واجتماعية وسياسية. فإلى وعورة تضاريس المحافظة، والنزوع القوي باتجاه الانتماء القبلي لتوفير الحماية، تشيع مظاهر الاستياء بين السكان بسبب الفقر والبطالة والشعور بالاقصاء.
ومن غير المستبعد أن ينشأ إطار اجتماعي يتأسس على التمثيل المناطقي يقوم على الحاجة إلى منع انفجار النزاعات القبلية وحماية مصالح التجمعات السكانية في حال استمرار التدهور أو حدوث انعطافة في مسار الاحتجاجات باتجاه العنف.