وحيداً يواجه محنة التكفير

وحيداً يواجه محنة التكفير

منذ نحو خمسة وستين يوماً يواجه استاذ اللغة العربية بمدرسة خالد بن الوليد بمدينة إب محنة التكفير بعد أن فشلت محاولات إلباسه قناع الحوثية لمجرد اعتراضه على خطاب يحث على الطائفية والمذهبية.
عبدالسلام قاسم الشراعي، قيادي ناصري ومعلم ملتزم بقدسية رسالته، مثالي في عصر باتت فيه الفهلوة و التزلف والترويج للحزب الحاكم تعبيرا عن مهارة واحتراف في الحصول على الامتيازات وتسلق المناصب.
ذات صباح كان عليه ان يؤدي واجبه في انجاز ما عليه من دروس لطلابه، لم ترقه دعوة مدير المدرسة «نجيب المليكي» لجميع الطلاب لمشاهدة اسطوانة عن جرائم الشيعة والصراع المذهبي، اعتذر لانه ملزم بخطة دراسية مقرة من وزارة التربية توجب عليه إنجاز عدد من الدروس خلال مدة زمنية محددة؛ الاعتذار اعتبر مناصرة لتمرد الحوثيين في صعدة، وعلى الفور تم إبلاغ مدير مكتب التربية بالمحافظة بالأمر، الذي بدوره أدى واجبه الأمني وحرر مذكرة عاجلة تتهم الرجل بالكفر.
إلقاء القبض على أركان حرب التمرد في مدرسة خالد بن الوليد ذاك ما يمكن فهمه من حالة الجنون التي انتابت المليكي ومعه أحمد الصرمي، مدير مكتب التربية، عند إبلاغ جهاز الأمن السياسي بأن هناك معلماً رفض أن يشاهد فيلماً عن الصراع المذهبي، وتجرأ على القول بتفضيله إلقاء الدروس على أداء و اجب وطني مقدس في تعليم الصغار أصول التطرف والصراع المذهبي.
يحيى القديمي مسؤول جهاز الأمن السياسي في المحافظة وحامي حمى الوطن والوحدة والثورة وكل المنجزات لم يتأخر فقاد عملية بطولية انتهت بوضع الشراعي رهن الاحتجاز على ذمة الحوثية مدة اسبوعين الا أنه وبعد تدخل وجهاء في محافظة إب وفي غياب مخزي لفروع أحزاب اللقاء المشترك، ومداراة من قيادة التنظيم الناصري أرسل الرجل إلى نيابة شرق إب. وهناك كان جيل آخر ممن اطلق الحكم يده للتحكم بمختلف مفاصل الدولة ضمن متطلبات الحرب السياسية سواء مع أتباع الحوثي أو تلك التي سبقتها عند الانتخابات الرئاسية في مواجهة التجمع اليمني للاصلاح تحديداً، كان له بالمرصاد...
المحقق عبدالجليل الصبري كان في مهمة للتفتيش عن ضمير أستاذ اللغة العربية ومهمته هي اختبار إيمانه فيما يخص الأحاديث النبوية، ومدى قناعته بتفسيرات الجماعات السلفية لكل ما يتصل بالدين الإسلامي... عضو النيابة لم يقرر استجواب الأجهزة الأمنية لقيامها باعتقال مواطن لمجرد أنها تلقت وشاية هي أصلاً ليست جرماً فأنت صاحب رأي سياسي مكفول لك في الدستور.
بعد تلكؤ وافق المحقق المعني بشؤون العقيدة على سماع شاهدين فقط من زملاء الشراعي في المدرسة، واكتفى بشهادة «عرضحلجي» يشكك فيها بإيمانه، وقرر إبقاء الرجل مدة خمسة وأربعين يوماً في السجن الاحتياطي على ذمة تهمة الردة والإساءة للإسلام، وتم رفع ملف القضية إلى النائب العام قبل نحو أسبوع، لكن احداً لم يعرف ماذا قرر بشأنه؟!.
وحيداً في سجن كئيب في الضاحية الغربية لمدينة إب ما زال أستاذ اللغة العربية يواجه محنة التكفير. حزبه وأحزاب المعارضة بدت وكأنها غير معنية بالأمر، والمنظمات الحقوقية، عدا منظمة التغيير التي اصدرت بياناً حيال القضية، لم تتحرك ولم تستفزها محنته، فالانتماء الحزبي ما زال عاملاً مهماً في تحريك القضايا والانتصار للحقوق والحريات.
أيها الرئيس في نشوة التسامح التي انتابتك في مدينة إب: هل لك أن توقف هذه الانتهاكات وتطلق سراح الشراعي? إن أبناءه وأفراد أسرته ينتظرون عودته كل يوم معفَّراً بالطباشير فيما منتسبو الأجهزة الأمنية وفاسدوا المؤتمر الشعبي يتربصون بالمواطنين في كل حارة.