غواية كربلائية

غواية كربلائية - منصور هائل

ماهو موقفك من الأحداث في صعدة؟
هل انت مع الحكومة أم مع الحوثيين؟
بداية يتوجب التزام الحيطة والاحتراس من الطاقة التدميرية لكمية العنف في «السؤال» وهي كمية كافية لنسف مفعوله وتظهيره بعراء حقيقته، وبما هو رأس حربه لاستجواب بوليس «مانوي» استفزازي يستخدم لكبح الارادة والعقل في نقطة الخيار بين موتين: إما معنا وإما ضدنا.
وكأن المسرح لا يتسع ولا يسمح بأكثر من ترقيص الاشباح وترويض الكوابيس تحت ظلال مشنقة، وذلك ما تدفع إليه فاشية هذا «السؤال» الذي يقسر المرء على الإدلاء بشهادة زور، واتخاذ موقف مزور من عراك دائر في الظلام وبين أشباح.
وإزاء هذا الإلماح الذي يستعجل قطاف المواقف والرؤوس معاً ينكمش القضاء إلى أضيق من خرم إبرة مسنود بتصميم يمنعك من تمني فرصة للنفاذ من حشر مضغوط بين شفرتي مقص مستنفر لجز أجنحة الخيال والرؤى والألسن والاختلاجات إن وشت بمغايرة.
وإذا ما تذكر المرء حقوقه في النسيان أو تذكر بأنه «إنسان» على الاقل، أو انسان محتمل ومن حقه المطالبة بوقت للتفكير ولو في شكل الموت الذي يريد! وإذا ما طالب هذا المرء بتقريب صورة الاشباح وتجسيدها وتجسيمها بالمقدار الذي يقنعه بقول الشهادة والانخراط في المعمعة.
وإذا ما تطلع بطمع من يركبه الطيش إلى صرف الانظار، وقال بأنه يعرف تضاريس ومنعرجات ومتاريس ومطبات الحالة اللبنانية، أكثر مما يعرف عن صعدة المتنائية عنه والغاربة في أقاصي الظلام والاظلام، وأنه في ضوء ذلك يستطيع أن يحدد موقفه -مثلاً- مع (حزب الله) في لبنان، فهل سيفهم من ذلك انه يقف مع «الشيعة» في اليمن؟!
وإذا ما اعتمد القياس ذاته وقال انه يقف مع «شيعة» لبنان، ويدين «شيعة» العراق، ولا يعلم بأمر وجود شيعة في اليمن إلا من خلال ما يتردد في الاعلام هذه الايام، بغير ما سند من كتب التاريخ المدرسية وغير المدرسية التي أجمعت على وجود زيدية هادوية وزيود في اليمن، وبموجبها استقر في ذهنه أن هذه الشيعة ليست أكثر من بدعة اعلامية، وان الوقت لن يطول حتى يتم تصحيح خطاب الاعلام من غلطة زجت بالبلاد في أتون حرب جهنمية أسفرت عن عشرات الضحايا ومئات الجرحى والمعتقلين.
ثم إن المرء يحتاج لأن يعلق الجرس أو أن يحرق سفنه ليقول إن اليمن في غنى عن استحضار الزمن الكربلائي لأنها أضعف من أن تحتمل التخبط في عقابيله، ولأنها ليست العراق ولا لبنان، ولأنها -مع الأسف- أقل حتى من اليمن، وليس ثمة ما يبرر الاندفاع إلى داهية اللعب بالأوراق الاقليمية، دونما تحسب احتراق أوراق اللعبة اليمنية التي غدت في امسّ الاحتياج لإعادة ترتيب لن ينتظم إلا في إطار دولة القانون وفي مجرى إعمال القانون، وتجسيد مبدأ المواطنة المتساوية تلافياً للتمزق بحروب «الطوائف» وقطعاً للارتماء في أحضان النيران والغواية الكربلائية.
mansoorhaelMail