واقعة الإهانة لا تتحقق إلا إذا كان المقول بإهانته شخصاً طبيعياً.. المحمدي يدفع بانعدام الواقعة الجرمية في شكوى الأهدل ضد «النداء»

واقعة الإهانة لا تتحقق إلا إذا كان المقول بإهانته شخصاً طبيعياً.. المحمدي يدفع بانعدام الواقعة الجرمية في شكوى الأهدل ضد «النداء»

مثُل الزميل سامي غالب رئيس التحرير السبت الماضي أمام نيابة الصحافة والمطبوعات للاستماع لأقواله بشأن شكوى حسن مقبول الأهدل، وكيل قطاع الحج والعمرة في وزارة الأوقاف ضده.
الأهدل اعتبر ما نشرته «النداء» في 29نوفمبر الماضي إساءة صريحة للوزارة ولموظفي ومسؤولي قطاع الحج والعمرة، ويمثل إهانة علنية للوزارة التي تعد إحدى الهيئات الحكومية والمصالح العامة. مستنداً إلى نص المادة (197) من قانون العقوبات.
وطالب الأهدل في شكواه بإحالة المشكو به «المدعو سامي غالب إلى المحكمة المختصة والحكم عليه بالعقوبة المقررة شرعاً وقانوناً وبما يكفل التعويض عن كافة الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالوزارة والموظفين».
المحامي نبيل المحمدي المستشار القانوني لصحيفة «النداء» دفع أمام عضو النيابة الاستاذ نبيل الاديمي بانعدام الواقعة الجرمية، وطلب «التقرير بألاَّ وجه لإقامة الدعوى».
المحمدي شدَّد في دفعه بأن ما نشرته الصحيفة لم يتضمن تشهيراً أو تجريحاً شخصياً مقصوداً لذاته حتى تقوم الإهانة المقول بها كأساس للشكوى. وأكد على أن الصحيفة تناولت بالنقد والتعليق وقائع وإجراءات تتعلق بشأن وظيفي، بقصد كشف أخطاء.
وبشأن ما جاء في الشكوى من أن ما نشر في الصحيفة يمثل إهانة علنية للوزارة بموجب نص المادة (197)، نبه المحمدي إلى أن الإهانة بموجب نص الإسناد القائمة عليها الشكوى لا تنهض ولا تتحقق إلا إذا كان المقول بإهانته شخصاً طبيعياً. لافتاً إلى أن الهيئة النظامية التي جرى النص على تقرير حماية حقها في الشرف الاعتباري من الإهانة، تتمثل في مجموعة أشخاص «لا الشخص الاعتباري المنوط بهؤلاء الاشخاص صلاحية إدارته والتعبير عنه». (تفاصيل ص4).
وقرر عضو النيابة إمهال رئيس التحرير إلى الثلاثاء (أمس) لتقديم مستندات تعزز ما نشرته الصحيفة في 29 نوفمبر الماضي.
وبعد أن أتم دفاعه قرر المحمدي في محضر التحقيق بأنه يشهد «كمواطن لا كمحامي دفاع، على أن هناك اشتهار لانحرافات إجرائية تتعلق بالأداء الوظيفي المرتبط بشؤون الحج والعمرة».
 
 
 
نبيل المحمدي: الشخص الاعتباري ليس هيئة نظامية، والشرف حق لصيق بالشخص الطبيعي
 

أدفع بانعدام الواقعة الجرمية متعلق المساءلة، وطلب التقرير بألاَّ وجه لإقامة الدعوى، وذلك بالنظر إلى كون ما نشر في الصحيفة لم يتضمن تشهيراً أو تجريحاً شخصياً مقصوداً لذاته، حتى تقوم الإهانة المقول بها كأساس للشكوى، بل هو كان بمثابة تناول موضوعي بالنقد والتعليق لوقائع واجراءات تتعلق بشأن وظيفي، وهو تناول قصد منه كشف خطأ متداول الخبر بشأنه، وأستند إلى العديد من الأوراق والوثائق التي مثلت مرجعية للنشر، هذا فضلاً عن المصادر الأخرى التي توافرت عليها الصحيفة.
ثم إن الواقعة الجرمية الجاري تقريرها بنص المادة (197-عقوبات) وهو نص الإسناد القائمة عليه الشكوى، لا تنهض ولا تتحقق إلا إذا كان المقول بإهانته هو شخص طبيعي، ذلك أن المقصود بالهيئة النظامية التي جرى النص على تقرير حماية حقها في الشرف والاعتبار من الإهانة يتمثل في مجموعة أشخاص لا الشخص الاعتباري المنوط بهؤلاء الأشخاص صلاحية إدارته والتعبير عنه. بدليل أن النص يجري على نحو: «كل من أهان علناً رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء أو غيرها من الهيئات النيابية والنظامية أو الجيش أو المحاكم أو السلطات أو المصالح العامة». أي أن لفظة «المصالح العامة» هنا بما أنها قد جاءت معطوفة على ما قبلها فهي تؤدي المعنى ذاته الذي يتجلى من المعطوف عليه. فالمعطوف عليه: رئاسة الجمهورية أو مجلس الوزراء، وكل منهما يتمثل في مجموعة أشخاص لا بشخص اعتباري. بخاصة وأن النص في المادة (291 -عقوبات) يقرر بأن الإهانة هي كل ما يخدش الشرف أو الاعتبار دون إسناد واقعة معينة لمن وجهت إليه هذه الإهانة.
المعلوم أن الشرف أو الاعتبار هو حق أدبي لصيق بالشخص الطبيعي، باعتبار أن المفهوم القانوني والاجتماعي لهذا الحق يرتبط بالمركز الأسري والاجتماعي للشخص، وهو أمر لا يمكن بحال تصور توافره بالنسبة للشخص الاعتباري الذي لا يعدو مجرد فكرة أو صيغة أو افتراض قانوني اقتضته ضرورة التيسير في أداء المهام والالتزامات وكذا في تلقي الحقوق بالنسبة لهذا الشخص.
فضلاً عن ذلك نجد أن النص في المادة (293 - عقوبات) لا يجيز إقامة ورفع دعوى السب في أحوال سبعة، منها حالة أن يكون السب صادراً من شخص يملك سلطة الرقابة والتوجيه، وبقصد كشف خطأ من وجه إليه وتصحيح مساره. وكذا حالة ان يكون القصد منه هو إبداء رأي في مسلك موظف عام بشأن واقعة تتعلق بوظيفته. وثالثاً أن يكون السب قد وجه بحسن نية وبقصد حماية مصلحة معتبرة قانوناً.
والثابت أن قانون الصحافة النافذ يقرر للصحفي وللصحيفة سلطة توجيه ورقابة في نطاق أدائها لرسالتها في تكوين الرأي العام والتعبير عن توجهاته، وبخاصة في كل ما يتعلق بالشأن العام، ومنه الشأن الوظيفي. أي أن ما نشر في الصحيفة إنما هو بمثابة رأي كاشف لخطأ يتعلق بشأن من الشؤون التي تتوافر فيها سلطة الصحافة في الرقابة والتوجيه. ثم أن المبتغى من النشر لم يكن تجريحاً شخصياً بذاته أو التشهير بمجموعة أشخاص، وإنما كان بقصد تنزيه الوظيفة العامة مما قد يخلفه الخطأ الانحرافي في أداء مهامها من شوائب تتنافى وكرامة الوظيفة، بما يؤدي إلى حماية المصلحة العامة نفسها.
 
* ملخص الدفاع المقدم من قبل المستشار القانوني للصحيفة نبيل المحمدي بشأن الشكوى المقدمة من وكيل قطاع الحج والعمرة