نافذة.. ويقال اكاديميون وأدباء.. !

نافذة.. ويقال اكاديميون وأدباء..! - منصور هائل

لا عتب على الناشطة المؤتمرية التي ناشدت الرئيس العدول عن قراره في عدم الترشح، ودعته إلى أن يتقي الله في نفسه، ويواصل مشواره كزارع للحب في رؤوس الجبال وبطون الامهات... وهات..!
ولا عتب على المرأة التي طالبت الرئيس بمراجعة نفسه، وعبرت عن شعور «العامة» باليتم، ولم تنس تذكيره بواجب ارضاع الاطفال، ورعاية اليتامى، وانزال المطر، وتأمين اخضرار الزرع، وإدرار الضرع.
ولا عتب على الشاعر النحرير، الغزير، والكثير الذي تأكد كداهية وهو يقول ما معناه ان جبل «الظفير» لم ينهد على القرية إلا من قبيل الاحتجاج على الرئيس المطالب بسماع تأوهات وأوجاع الجبال والصخور الساخطة على اعتزامه الرحيل وتركها نهباً لليتم والغم.
ولا عتب على الاعلام الرسمي الذي لم يصرح بنفي الاكتشاف العلمي القائل بان الكرة الارضية تدور حول الشمس، ولكنه ذهب إلى ذلك بإلحاحه على القول بأن الارض اليمنية تدور حول الرئيس دونما وعي منه لارتكاب «انفصال» خطير عن كوكب الارض والعالم.
ولا عتب على الرئيس اذا كان قد تجسد كدليل على صدقية كارل ماركس عندما كتب ذات مرة في وصف النسخة المشوهة لبونابرت وأفاد بأن للتاريخ دورتين وأنه يتجلى في الاولى بصورة المأساة ويتكرر في الثانية بوجه الملهاة. ولكم ان تستحضروا «الزعيم» عبدالناصر عندما أقر بمسؤوليته عن هزيمة 5يونية 1967وخطب في «الجماهير» معلناً تنحيه كمسؤول اول عن «النكسة» بغير مخاتلة ولا تلاعب بمشاعر «الجماهير» التي خرجت هادرة لتردعه عن قراره واختياره بقطيعية فارقة ومدمرة.. لكم ان تستحضروا «ناصر» وهو يعلن الاستقالة في القاهرة، و«صالح» في ميدان السبعين عندما خاطب «الجماهير» لأول مرة، بمطلع مستعار من «ناصر»: ايها المواطنون..!
لا عتب على «الجماهير» هنا وهناك، وليس ثمة ما يدعونا إلى السؤال عن «الجماهير» التي خرجت قبل عام لتهتف بسقوط حكومة الحزب الحاكم وتمزق صورة الرئيس، وتحرق وتدمر وتنهب المرافق العامة والخاصة!
ليس ثمة ما يمنعنا من القول بأن «جماهير» العام الماضي استقالت أو غادرت اليمن، أو تراجعت عن قرارها الموقع بالدم لحساب تخصيب اللامعقول!
وليكن العتب إذا ما جاز اختزال ما حدث في مجرد العتب على«المثقفين» والاكاديميين ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات وقيادات الادباء والنقابات الذين وقعوا بالدم ليحرموا الرئيس من حقه، ويلونوا الملهاة باصباغ الملهاة.
ليكن العتب على اولئك الكبار من رجال العمى، ويقال الاعمال، الذين يبخلون بالفتات على ذوي القربى ولا يتبرعون بالفلسات لتوصيل طريق من بضعة امتار إلى القرية المجاورة ولا يسهمون بإنارة المنازل المجاورة لقصورهم، ولا بحفز عملية التنوير والتحديث والاعلام الحر، ولا يبرهنون على أدنى قدر من الشبه بـ«البورجوازية» التي طالما كانت رافعة للتمدن والحداثة والديمقراطية، وليست ضالعة بالمافيوية والفساد والافساد.
واخيراً اذا كان بمقدور بعض الاصدقاء احتمال «رنَّة» فلا بأس من الاشارة عليهم بأن القصيدة لا تخضر ولا تتفتح ولا ترفل بالفرح إلا عندما تحتفي بالاختلاف وتكتسي بالفرادة، وأن الرواية لا تكون إلا عندما تستوعب الحيوات المتعددة والوان الطيف الباهية والباهتة والغامضة، فكيف بالله تسمحون لانفسكم يا قيادة الادباء.. ياجامعيون ورجال اعمال بكل هذا الهباء؟
كيف بالله تسمحون لأنفسكم باحتساب الكارثة إنجازاً، والفضيحة إعجازاً؟!
mansoorhaelMail