تسعة أشهر وقضيتها ما تزال تحت نظر المحكمة.. سوسن.. عدالة قيد التأجيل

تسعة أشهر وقضيتها ما تزال تحت نظر المحكمة.. سوسن.. عدالة قيد التأجيل

- جمال جبران
لوحدها، الآن، مغتصبة ومجروحة، بخوف تيَّبس على جفونها، تنام في المهانة كما تصحو عليها، وفي النهار تعيش في كيس أسود.
سوسن (ص. م) طفلة عمران، التي لم تقفز بعد على عقدها الأول، التي ما تزال في سنواتها المعدودة على أصابع كفين اثنين فقط. ما تزال قضيتها منذ 23/2/2006، يوم اغتصابها وإلى اليوم تزحف، كدودة أرض بطيئة حد الموت في خطواتها السائرة في محكمة جبل عيال يزيد بعمران.
وخلال كل تلك الأيام الطويلة، تعيش سوسن بحياة مقطوعة ولم يبق في قلبها الصغير ولا مساحة سنتيمتر واحد لأمنية تود وقوعها في قادم أيامها.
أمس، كان يفترض قيام جلسة جديدة لكنها وقعت تحت لسان التأجيل، التأجيل المؤجل أصلاً من جلسة 25 الجاري. هذه التي تم فيها مجدداً الاستماع في جلسة غير علنية، لأقوال سوسن التي سردت مؤكدة ما جاء في أقوالها السابقة خلال رحلة التحقيق. الرحلة التي كان انطلاقها في 23/2 من العام الجاري قطعت فيه أسابيع وشهوراً شهدت في بدايتها امتناعاً عن إحالة المدعى عليه (ن. ن)، والذي يقيم في العقد السادس من عمره إلى النيابة رغم مرور اسبوع على فعلته، ماكثاً في استراحة ملحقة بإدارة أمن المحافظة. بعدها تعرضت أسرة الطفلة سوسن لضغوط قوية لاجبارها التنازل عن القضية ومنها سجن جد الطفلة 4 أيام في مباحث عمران قبل الافراج عنه.  تلى هذا قيام عبدالرحمن دبوان، عضو نيابة عيال يزيد استدعاء طبيبة روسية واجبارها على توقيع محضر يقول بأن هناك ترجمة خاطئة في تقريرها، وأن سوسن لم تتعرض للاغتصاب. ولاحقاً تعرضت الطفلة وجدها لحادثة اختطاف من قبل تابعين للنيابة نقلاً إثرها إلى صنعاء بغرض اخضاع سوسن لفحص طبي جديد في مستشفى السبعين والنية دحض التقرير الأول.
نجحت هذه الفعلة في حين فشلت لاحقة لها وعقب يومين من الأولى، إذ وصل طقم عسكري من ادارة أمن جيال عيال يزيد إلى منزل جد الطفلة طالبين منه الانتقال إلي إدارة الأمن مخبريه أن هناك جلسة محاكمة، لكن الجد رفض منتبهاً ومستفيداً من تجربته الأولى.
تراوح القضية الآن على أرضية التأجيل وتأجيل التأجيل، التطويل بحثاً عن لحظة مناسبة لسقوط القضية في النسيان. كل ما يحدث من 23/2 يقول بهذا ويشير إليه بأصابع ضخمة.
جلسة محاكمة تتلوها أخرى بزمن طويل ومتباعد، كما وتأجيل يتلوه تأجيل يلحقه تأجيل التأجيل. لعبة مبتكرة لاخفاء معالم قضية هناك من لا يود ختاماً لها. وفي كل هذا وخلاله تقيم سوسن بذاكرة كبرت سريعاً، تنظر للبعيد مترقبة إنصافها. خلف هذا تعيش فقط في إجراءها تمتمات متالية بينها وبينها، يقولها ويفصح عنها الخوف المتيَّبس على جفونها، يقول أنها ربما أخطأت اختيارها لمكان رعي اغنامها في ذلك اليوم.. أنها اخطأت اختيار مكان اقامتها كما عيشها.. أنها أخطأت في النزول، مولودة، على جغرافية بلاد لا تجيد حماية أجساد صغارها.