جولة في مقرات الأحزاب: موظفون لا يحسنون التذمر ومشائخ في اللجنة الدائمة وتكتم في الإصلاح

جولة في مقرات الأحزاب: موظفون لا يحسنون التذمر ومشائخ في اللجنة الدائمة وتكتم في الإصلاح

- «نيوز يمن» - أحمد القرشي
الدائرة المالية في المؤتمر الشعبي العام ودائرة التنظيم والتأهيل في التجمع اليمني للإصلاح والبوابة الرئيسية للجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني كانت هي أماكن الازدحام الأكبر في مقرات الأحزاب حسب مشاهدات "نيوزيمن" الذي زار مقرات الأحزاب سعيا لتحقيق مختصر عن أوضاع موظفي الأحزاب التي ستتنافس بعد شهرين على كرسي الرئاسة لإدارة الجمهورية اليمنية.
خلال زيارات متكررة للمقرات بدا الفارق كبيرا بين القيادات والموظفين، ففيما تتحدث القيادات حول كل سؤال وعن أي موضوع، فإن الموظف لايجيب إلا بعد تأكيد أن تصريحاته ستنشر تحت اسم مستعار، ما دامت نقدا للأوضاع، والعكس إذا ما كانت إشادة ومدحا، لأن الحديث عن انتقاد الحزب يدخل في حكم الخيانة التي تجر وراءها العديد من المشكلات على المموظف في عمله داخل الحزب وفي انتمائه وولائه التنظيمي.
رئيس دائرة الفكر والثقافة والإعلام في المؤتمر الشعبي العام، طارق الشامي، قال بأن العاملين في اللجنة الدائمة إما متطوعون أو بعضهم أشبه بعمال البقالات والبوفيات والمطاعم وما شابه ذلك. هؤلاء المتطوعون -حسب الشامي- الذين يعج بهم مقر اللجنة الدائمة للحزب التي بنيت أواخر سبعينات القرن الماضي كمقر لمؤسسة إيرادية حكومية، "ليس عليهم دوام ولذا فهم لايتمتعون بحقوق تقاعدية ولا ضمان صحي". غير أنه يؤكد أن "هناك مساعدات وهبات تعطى للبعض في حال تعرض لظرف سيئ، وهذه المساعدات غير ثابتة وهي خاضعة للحالة وللشخص الذي سيعطى المساعدة نفسه".
حسين (إسم مستعار) وهو موظف في اللجنة الدائمة يتقاضى (15000ريال) في الشهر قابل للخصميات، يشعر بـ"هضم شديد"، ليس لضآلة مرتبه ولكن بسبب "الامتيازات التي يتمتع بها البعض لمجرد أنهم مشائخ أو وجاهات". ويضيف: "لا يعطى العامل حقوقه مقابل ما يبذل من جهد، لكن شيخا واحدا قد يعطى في حوالة واحدة ما يمكن أن يأخذه الموظف خلال عشر سنوات".
الشامي وافق على ملاحظات "يوزيمن" بأن الدائرة المالية في حزبه هي الأوفر حظا بين الدوائر الأخرى من زيارة قيادات الحزب وقواعده. في حين كانت دائرة التنظيم والتأهيل الإصلاحية هي الأكثر حظاً من زيارات الإصلاحيين -حسب مدير عام مكتب الأمانة العامة محمد طاهر- والذي تحدث لـ"نيوزيمن" بصفته الشخصية وعلى صورة "دردشة".
موظفو الأمانة العامة لأكبر أحزاب المعارضة اليمنية، التجمع اليمني للإصلاح، لا يعلمون بأي ضمانات صحية أو معاشات تقاعد، لكنهم يعرفون بـ"مرتب نهاية خدمة"، وقد سجلت مراجعات "نيوزيمن" موظفين سابقين خاضوا جدلا قانونيا مع الأمانة العامة التي استجابت في نهاية المطاف لفتوى قانونية عن حقوقهم المادية.
بعض موظفي الأمانة العامة للإصلاح قالوا إنهم يعملون براتب يتجاوز العشرين ألف ريال لأقل موظف فيهم لكنهم غير متأكدين فيما يتعلق بالراتب التقاعدي والضمان الصحي فهم يعملون بعقود لا تتضمن ذلك ولكن توجد مساعدات ويوجد مرتب نهاية خدمة في حال فضل الموظف الانتقال للعمل في مكان آخر.
محمد طاهر أكد بأن بعض المتوفين من موظفي الأمانة العامة لاتزال أسرهم تتقاضى مرتباتهم ولم يتم إيقافها رغم وفاة أولهم قبل نحو سبع سنوات من الآن مع أن ذلك غير خاضع للائحة تلزم الحزب بذلك، وقال: "الحزب يهتم بموظفيه قدر ماتوفره له ظروفه المالية غير الجيدة".
وتسجل حالات مختلفة في اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، ثاني أكبر أحزاب المعارضة، الذي لايزال يحمل إرث "موظفي حزب الدولة".
المقر الذي لايزال جزء منه مصادرا من قبل معهد وزارة المالية، بعد حل ما كان تحت يد وزارة النقل منذ سيطرة آلة حرب 1994م عليه من قبل الوزارتين –علما بأنه بني في الأساس لهما قبل عهد التعددية- يزدحم بداخلين من البوابة الرئيسية لاتكاد تجدهم في مكاتبهم بعد ذلك.
غير أن وجوه الموظفين العابسة لأكبر أحزاب اليمن (سابقا)، تغنيك عن السؤال عن أحوالهم المادية، خاصة وهي ترقب "سيارات فارهة تتجمع في حوش المقر الصغير"، والوصف لاشتراكي عبر لي عن استيائه من السؤال ومن السائل ومن "السياسيين أجمعين".
محمد الشطفة "أبوعبدالله" وهو رئيس الدائرة العامة بالحزب الاشتراكي اعترف بقصور كبير في "وضع موظفي الحزبـ" لكنه قال: "الحزب كله يعاني من مشكلات وموظفوه هم في الأساس يؤدون مهمة طوعية ككادر حزبي"، مشيدا "بدورهم الرائع رغم الصعوبات".
وعن الترتيب الإداري للموظفين قال الشطفة: "الموظفون تم اعتمادهم بقرارات تعيين وليس بعقود ولوائح ونحن الآن نسعى لاسكتمال تجديد الترتيبات"، مشيرا إلى أن الترتيبات الجديدة "استكملت أولا أوضاع المكاتب وتسعى الآن لإنجاز مابدأته بشأن عقود عمل للموظفين بمرتبات تتفق والحد الأدنى للأجور العامة في البلاد وهي 20 ألف ريالـ".
غير أن موظفي اللجنة المركزية يتخوفون من "إضافة مهمة إصلاح أوضاعهم إلى الملفات المؤجلة التي طال أمدها".
ومع اعتيادية أن لايكون في مقر التنظيم الوحدوي الناصري سوى حارس لبوابة المقر الرئيس، فإن ذات الأمر بدى غريبا مع مقر اتحاد القوى الشعبية –المصادر- إذ رغم تجربته المرة مع حراس مقراته الذين كانوا ينقلبون على قياداته مع كل مشكلة له مع السلطة التنفيذية، فإنه حاليا أيضا ليس سوى حارس، عله بانتظار ترتيب جديد.
وتعترف قيادات حزبية في مختلف المقرات بعدم وجود أي لوائح تنظم العلاقة بين الموظف والحزب السياسي.
ويقول محمد المقالح، نائب رئيس الدائرة الإعلامية في الحزب الاشتراكي إن الأحزاب كانت في بداية ظهورها مطلع التسعينيات من القرن الماضي تعمل بنظام العمل الطوعي ولم تكن الأمور على ما هي عليه اليوم وكان العمل مجاناً في غالبه تقريباً لأن العاملين في الأحزاب كانوا "موظفين حكوميين".
ويضيف: "لم يتغير الوضع كثيراً عما كان عليه سابقاً سوى تغيرات بسيطة رغم تطور الأمور ورغم الحاجة إلى وجود موظفين متفرغين وهذه أصبحت تمثل الآن مشكلة نظراً لعدم وجود لوائح تنظم العلاقة الوظيفية بين الحزب، من جهة وبين الموظف العامل فيه من جهة ثانية".
وتتضح خطورة هذه القضية حين نعلم أنها لا تخص الأمانات العامة والدائمة واللجان المركزية للأحزاب، بل تتعداها إلى كافة المؤسسات والفروع التابعة للأحزاب السياسية.
ومع الحماس الذي يبديه موظفو مقرات الأحزاب –خاصة التجمع اليمني للإصلاح- في رسم شعارات وكتابة بيانات والتجهيز الفني لمطالب حزبهم من الحزب الحاكم كمواطنين، فإنهم يتساءلون عن اليوم الذي يمكنهم فعل ذات الشيء تجاه "حكام مقراتهم".
وسجلت الدائرة الإعلامية في الإصلاح سابقة إدارية تمثلت في انتخاب موظفيها الشهر الماضي مسؤولا إداريا، غير أن الحزب لم يرحب مطلقا بالإشارة –فضلا عن الحديث- إلى مثل هذه الخطوة، وهنا ننشرها على مسئوليتنا في الموقع كصحفيين ليس إلا. مع إمكانية الإشارة إلى أن مقر الإصلاح كان الأكثر رفضا للتجاوب مع محاولتنا المهنية، ولن نشير سوى لكثرة الأسئلة عن "المستفيد منها" وكأن الإصلاح يعرف للمرة الأولى أن مهنة الصحافة تعمل لحساب قرائها أولا وأخيرا.