مساعدو الرئيس - عبدالمحسن الرحبي

مساعدو الرئيس - عبدالمحسن الرحبي

في أغسطس 1993 ومن خلال صحيفة الوحدة دعوت أفراد الشعب اليمني قاطبة إلى الوقوف الجاد والمشرف إلى جانب فخامة رئيس الجمهورية في مواجهة اعضاء مجالس النواب والوزراء والاستشاري الذين يريدون إجبار فخامته بالعدول والتراجع عن قراره الشجاع بتخليه الطوعي عن الرئاسة مهما كانت الظروف ولاسباب شرحها فخامته في حينه، منها إرساء تقليد التبادل السلمي للسلطة وفي نفس الوقت إعلام الأجيال في الحاضر والمستقبل بأن عهد بيت حميد الدين قد ولي وأنه لا يمكن لايٍ كان الحذو حذوهم في المكوث اكثر من الفترة الدستورية المحددة في دستور الجمهورية التي ضحى من أجلها عشرات الألوف من أفراد الشعب في الشمال والجنوب على حد سواء.
إلا أن تلك الدعوة وقرار فخامته قد باء بالفشل الذريع تحت الإصرار العنيد لأعضاء المجالس أعلاه.
وفي انتخابات الرئاسة 1999 حاول افراد الشعب المقيدين في سجلات الناخبين تلبية دعوتي السابقة بالوقوف إلى جانب فخامته وتحقيق رغبته بالتخلي عن الرئاسة من خلال عدم تصويتهم لفخامته كمساعدة له خاصة وقد وصف كرسي الرئاسة بأنه قطعة من جهنم -حسب خطابه- في محافظة مأرب عام 1993م.
ولكن مساعدة الناخبين ورغبة فخامته بالتخلي عن الرئاسة قد باءتا، ايضاً هي الأخرى، بالفشل الذريع لوجود سببين جوهريين:
الأول دستوري لعدم وجود نص فيه يحدد النصاب القانوني لعدد الذين سيدلون بأصواتهم كمعيار لصحة الانتخابات واعتبار تدنيها بأقل من النصاب جواباً ومساعدة لأقوى المرشحين الذي أبدى عدم رغبته في الترشيح للرئاسة، ولكنه نزولاً عند رغبة المطالبين تم تراجعه قسراً.
الثاني، تدخل لجان الانتخابات في تملئة كروت الانتخابات لصالح المرشح الذي أبدا عدم رغبته في ترشيح نفسه بغرض إحراجه وخضوعه لإرادة الناخبين الذين هم في الحقيقة قد انحازوا بالكامل لصالح فخامة الرئيس وتحقيق حلمه بالتخلي عن الرئاسة والمعبر عنها في تدني نسبة المشاركين ولكن عدم وجود مندوبين لفخامته في أية لجنة انتخابية وكذا عدم وجود مندوبين للمرشحين الآخرين ضاعت الحقيقة.
وكان حري بالمشرع اليمني إيراد نص دستوري وقانوني يوجب المرشح للرئاسة إرفاق كشوفات باسماء مندوبيه في كل لجان الانتخابات يصدق عليها من المحاكم الشرعية وذلك لما للمندوبين من فاعلية رقابية في الذود عن مصالح موكليهم ومنع لجان الانتخابات من تزوير النتائج في تملئة كروت الانتخابات نيابة عن الغائبين دون أي مسوغ قانوني أو شرعي يجيز لهم ذلك.
وعوداً على بدء أجد أن الدعوة السابقة صالحة ايضاً في الانتخابات القادمة والمستحقة في سبتمبر 2006م خاصة وقد جدد فخامة رئيس الجمهورية عدم ترشيح نفسه مهما كانت الظروف والاحراجات وقد جاء هذا الاعلان قبل الاستحقاق بأربعة عشر شهراً فيما يعد تحذيراً واضحاً، ليس لاعضاء ورؤساء اللجان الانتخابية، وإنما لهؤلاء الذين يهددون الرئيس صباح مساء في نتفيذهم عدة اعتصامات واضرابات عن الطعام حتى الموت مالم يعلن عدوله وتراجعه عن إعلانه السابق وكأنهم لايعلمون أن فخامته لا تثنيه تلك الاعتصامات والإضرابات مهما بلغت حدتها؛ لشعوره القوي بأنه أضحى بأمس الحاجة إلى الراحة أكثر من أي وقت مضى، بالإضافة إلى أنه يريد ان يعش لحظات التداول السلمي للسلطة وقد تحقق عملياً على يده وبرعايته.
وليعلم هؤلاء الذين يلوحون بالإضرابات والإعتصامات أن فخامة رئيس الجمهورية، حفظه الله، لو أن لديه أدنى رغبة في ترشيح نفسه لما تردد لحظة واحدة في عمل ذلك فهو ليس بحاجة إلى الاضرابات والإعتصامات والمناشدات ولا إلى دورة إستثنائية للمؤتمر الشعبي العام، والتي ستخصص لإجبار فخامته بالعدول عن قراره السابق بعدم ترشيح نفسه
وإزاء كل ذلك امام الرئيس خياران ليس لهما ثالث في تفويت الفرصة على المضربين والمعتصمين والمناشدين واللجان الانتخابية.
الأول، تراجعه المبكر وعدوله عن إعلانه السابق قبل تنفيذ الإعتصامات والإضرابات والمناشدات المكتوبة بالدم وقبل عقد الدورة الاستثنائية للمؤتمر الشعبي العام حتى لا يمن أحد من اولئك على بقية افراد الشعب بان له الفضل في ثني فخامته وعدوله عن قراره بعدم ترشيح نفسه للرئاسة.
الثاني، في حالة عدم تحقيق الخيار الاول يحق لرئيس الجمهورية طلب اجراء تعديل دستوري ينص على أن فترة الرئاسة ولاية واحدة مدتها ثمان سنوات بحيث تبقى المدة المتبقية للرئيس الحالي سنة واحدة تبدأ من اكتوبر 2006 وكذا ايجاد نص آخر يمنع الاعتصامات والاضرابات والمناشدات التي يكون الغرض منها الضغط على أي رئيس للجمهورية أو أي مرشح آخر للرئاسة في الحاضر ا و في المستقبل بالعدول عن قراره بعدم ترشيح نفسه للرئاسة بعد إنقضاء ولايته وبهذا ستكلل مساعي الرئيس بعدم ترشيح نفسه للرئاسة في سبتمبر القادم بالنجاح التام ويكون بذلك قد حقق ا لحلم الذي راوده منذ عام 1983 وفي نفس الوقت يكون قد رد رداً قاسياً على أولئك الذين يراهنون على فخامته بانه غير مؤهل للتخلي الطوعي عن الرئاسة بهذه السهولة وبانه غير آبه بفكرة التداول السلمي، بل إنه على خلاف ذلك وأكثر من هذا فهو عازم في المستقبل على توريث الحكم لأحد ابنائه إقتداء بما تم في الجمهورية العربية السورية وكوريا الشمالية وجمهورية توقو الافريقية.