الافتتاح بالشاعرة نبيلة الزبير.. مكافحة الفساد على الطريقة الفرنسية

الافتتاح بالشاعرة نبيلة الزبير ..مكافحة الفساد على الطريقة الفرنسية - جمال جبران

مدخل
تقدمت الشاعرة والروائية اليمنية الأبرز نبيلة الزبير للسفارة الفرنسية في صنعاء في بداية شهر مايو الفائت بطلب الحصول على تأشيرة دخول للأراضي الفرنسية. الهدف: حضورها، بحسب دعوة موجهة إليها، للمشاركة في مؤتمر للرواية العربية، شعاره «سلطة التخييل في الرواية العربية»، ولانها ليست المرة الأولى لنبيلة في أمر حصولها في السابق على تلك التأشيرة فهي تعرف جيداً ضرورة اكتمال اوراقها اللازمة لتحقق ذاك الحصول مرة أخرى، وقد فعلت ولم يكن ينقصها شيء، غير أمر انتظار تمكينها من تلك التأشيرة.
انتظرت نبيلة الزبير الفترة المعتادة في مثل هذه الاحوال عادت بعدها بغرض استرجاع جواز سفرها مضافاً عليه تأشيرة دخول. ولكن لا شيء. أخبروها على مرات متفرقة بمسائل عدة كان آخرها أن لديهم توجيهات بتدقيق اجراءات منح الصحافيين تأشيرات دخول وهو ما نفوه لاحقاً إلا أن موعد المؤتمر اقترب ولا تأشيرة دخول تلوح في أفق نبيلة. وما بين كل ذلك كانوا يبعثون لها برسائل تحت نبرات مفرداتهم مفادها انهم غير مستعدين لتحقيق أمر تمكينها من تلك التأشيرة. في حين أبقت نبيلة الزبير على أمر ترددها على الباب الشمالي لمبنى السفارة الفرنسية.
(1)
بعد مفاوضات مضنية جاءت التأشيرة، لكن المؤتمر كان قد أنهى فعالياته، فلا فائدة، إذن من تحقق أمر منتظر بعد فوات أوانه. السفير الفرنسي يعرف هذا جيداً وهذا أمر بديهي لكنه أحب أن يبعد عن نفسه شبهة المشاركة في حرمان الزبير من حضورها ذاك المؤتمر وبالتالي نفي أمر امتثاله لتوجيهات صديقة رأت ضرورة تنفيذ ذاك الحرمان. ما يشبه أمر معاقبة نبيلة على مجموعة مقالات كتبتها لـ«النداء».
(2)
أن تأتي تأشيرة دخول متأخرة أو لا تأتي أصلاً، أمران يذهبان لنتيجة واحدة: انتفاء مبرر الحصول عليها لفوات زمن السبب الذي أعطيت لأجله، وهو في حالة نبيلة الزبير حضور مؤتمر للرواية العربية. بالتالي لن تكون الزبير مبتهجة لتحقق أمر حصولها على التأشيرة إلا إذا كانت السفارة الفرنسية بصنعاء تجهل سبب طلبها الحصول على تلك التأشيرة معتقدة انها قد اشتاقت السير على جادة الشانزيليزيه وأخذ صور لها تحت برج إيفيل أومقبرة العظماء.
(3)
في رسالة الدعوة الموجهة للكاتبة والشاعرة نبيلة الزبير كُتب ما يشير إلى تاريخ انعقاد المؤتمر الروائي والذي يفترض على أساسه ان يتم منح تأشيرة الدخول.
وعلى افتراض أن جميع من في السفارة يجيدون القراءة بالفرنسية عليه يبقى أمر الحصول على تلك التأشيرة ملائماً لذلك التوقيت وفي حال فواته يصبح فعل منحها مخالفاً للشروط الواجب توافرها لتحقق أمر الحصول عليها. وبما ان نبيلة الزبير، كما أسلفنا لم تكن السياحة سبباً وراء طلبها الحصول على تلك التأشيرة وبالتالي بامكاننا الذهاب حيثما نشاء مفسرين السر الذي وقف وراء مماطلة السفارة للزبير في أمر تمكينها من تلك التأشيرة التي جاءت متأخرة جداً.

السفير الفرنسيي ومكافحة الفساد اليمني
(1)
ترك ألان مورو أو السفير الفرنسي كافة اشغاله وانشغالاته الكثيرة وبقي متفرغاً لأمر مكافحة الفساد اليمني. ولتحقيق هذا الهدف النبيل قام بخلع ربطة عنقه وظل مرابطاً بقسم منح تأشيرات الدخول لبلده مدققاً في هويات طالبيها. للرجل لائحة باسماء يعتقد بحسب من قدمها له انها السبب الرئيس في استشراء الفساد في هذا البلد وعلى رأسها الشاعرة والروائية نبيلة الزبير.
بالتالي لا يمكن لسعادته أن يبدو ساذجاً وهو يساهم في أمر تمكينها من الحصول على تأشيرة دخول للاراضي الفرنسية. عقله النابه قاده إلى أن مؤتمراً للرواية العربية في باريس لن يكون سوى حجة تتخفى الزبير وراءها بغرض تمكينها من أمر المشاركة في تنظيم يمني سري مقره باريس يسعى أعضاؤه إلى نشر الفساد المالي والاداري في ربوع السعيدة وبالتالي زعزعة أمن واستقرار وطن الثاني والعشرين من مايو 1990. ذاته ألان مورو أو السفير الفرنسي صرح في حوار لموقع «نيوز يمن» الاخباري، ان فرنسا سعدت كثيراً بذلك الوطن كما كانت من الدول القليلة التي ساندت صنعاء في حرب 1994.
(2)
لا غرابة إذن أن يبدو ألان مورو أكثر وحدوية ومؤتمرية من عبدالولي الشميري أوان نهب عدن أو حتى عبدالغني الشميري باكياً في لحظات الفتح الاولى الموافق ل(7/7).
أتخيل سعادة السفير وقتها وهو على ظهر دبابة حاملاً مايكرفونه ويطل علينا من على شاشة الفضائية اليمنية مهللاً ومبشراً بنصر عظيم تحقق على أيدي قوات الشرعية!!
في ذات الحوار الذي أجراه سعادته، أي ألان مورو، لـ«نيوز يمن» ونشر في 2/2/2006، لمزيد من الدقة وإمكانية الرجوع لمن رغب . أكد مورو لنبيل الصوفي ان الاولوية في التعاون الفرنسي اليمني تصب في الجانب المخابراتي والأمني. مسألة الدفع بمزيد من الحريات والحقوق هي ووفقاً لما قاله مسألة مؤجلة تأتي في إطار دعم الديمقراطية على المدى البعيد مؤكداً على أنه (يرى) ولديه (رأي) أن أغلبية اليمنيين لا يريدون أن يكون هناك فرض اصلاحات في اليمن من الخارج، كما أن الديمقراطية لا تأتي بقرار.
لنتجاوز هنا نقطة تطابق تامة بين ما يقوله مورو وبين ما تقوله آلة الاعلام الرسمية. لنمسك فقط بمسألة عمق ذاك التعاون ( المخابراتي) الذي استبسل سعادته في توضيح مدى أهميته في سلم أولويات التعاون بين بلاده واليمن.
(3)
بداية ولاعتبارات ومهام الديبلوماسية الموكلة لسعادة السفير مورو، لن نذهب، في مسألة تعاونه (المخابراتي) ذاك كيما نتخيله موظفاً تابعاً لمكتب محمد علي الآنسي في جهاز الأمن القومي المستحدث، أو بدرجة أقل لدى غالب القمش في جهاز الأمن السياسي أو حتى مخبراً لدى قسم 22 مايو الكائن قبالة مقر اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين بصنعاء.
احتراماً لتلك الاعتبارات لن نتخيل ما سبق مكتفين بالعودة للطرق والوسائل التي يعتقد سعادته أنها تصب في مسألة مكافحة الفساد اليمني وتطاوله واصلاً كل شيء.
يرى سعادة السفير بحسب ما قاله لـ«نيوز يمن» ان الاصلاحات شأن داخلي ولا تفرض من الخارج، فمن الطبيعي إذن أنه لم يعر آذانه ولو قليلاً لذلك الكلام الرسمي جداً والذي جاء على لسان علي الآنسي الذي كان يجلس إلى جواره على منصة احتفالية يوم 27/5/2006 مفتتحاً أعمال الندوة الوطنية للتعريف باتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد. مما جاء في كلام الآنسي رئيس جهاز الأمن القومي أن «مساحات الحديث عن الفساد اتسعت مع استجابة اليمن لدعوة الامم المتحدة للمشاركة في مفاوضات مناقشة مشروع الاتفاقية الاممية لمكافحة الفساد من جهة، ومن جهة أخرى عندما اطلق الرئيس دعوته الصادقة لمحاربة الفساد واصدار تعليماته بتشكيل لجنة عليا لحماية المال العام ومكافحة الفساد في مارس 2003».
لا يكترث سعادة السفير مورو بهذا الكلام الرسمي المعلن كما ولا يعنيه، فهو مؤمن جداً بأن امر الاصلاحات شأن داخلي ولا يفرض من خارجه، ما يشغله فقط هو مسألة تعميق أمر التعاون المخابراتي بين البلدين الصديقين. هذه نقطة لانقاش فيها بالنسبة له، هي خط أحمر، لمسؤولي البلد الحق في فعل ما يفعلونه من فساد، هذا أمر داخلي لا شأن له به. ما يهم فقط هو أولوية تعاونه المخابراتي الأمني معهم ما من شأنه تمكين وضع اليد على مثيري القلاقل ومزعزعي أمن البلد ومن عليه. ولذات الاسباب أيضاً لنا أن نفهم وندرك ان سعادته لم يكن منصتاً او كان كذلك. لكنه لم يعر ما أنصت إليه انتباهاً ذلك عندما تكلم السيد جيمس ولنفسون، رئيس البنك الدولي السابق في فبراير 2005 بمدينة عدن قائلاً لمسؤولين يمنيين: «لم يعد لديكم متسع من الوقت ولاتعتقدوا انه إذا وصل بلدكم إلى حالة الانهيار أن أحداً سيساعدكم، ستتركون وحدكم»، مؤكداً ومحذراً من خطورة بقاء الأمور على حالها ومكوثها في محل أخذ ورد ما بين الاجهزة المعنية والقطاعات المختلفة دون تنفيذ الخطط التي توضع ودون اهتمام بمحاربة الفساد، وعدم التقيد بالشفافية المطلوبة في كل اعمال الدولة عوضاً عن الانفاق الكبير على الجوانب العسكرية.
-  طبعاً لا يمكننا، وبحسب ما كان منه من تأكيدات، ان نعتقد اكتراثاً ولو بسيطاً بكل ما أورده ولفنسون لدى سعادة السفير ألان مورو. الرجل منشغل بتعميق تعاونه المخابراتي والذي حتماً لابد ان يبدأ من عند تعطيل الشاعرة والكاتبة نبيلة الزبير وعرقلة أمر مشاركتها في مؤتمر عربي للرواية رفيع المستوى.
يبدو الأمر -كما قلنا- معاقبة لها بسبب مقالاتها الأخيرة لـ«النداء». لا شيء آخر يجعلنا نعتقد بغير ذلك؛ فأوراقها المطلوبة مكتملة، وفوق هذا لن يكون أمرحصولها على تأشيرة الدخول كأنما يحدث لأول مرة، حدث هذا في مناسبات كثيرة.. وكبيرة.
(4)
أن تتعرض الشاعرة والمثقفة نبيلة الزبير للعقاب والأذية من قبل سلطات هذا البلد، هو أمر طبيعي ومعتاد ومتوقع، سوابقه في هذا المجال دالة عليه. فما تكتبه الزبير من نقد، وتفعله من تعرية لما هو حاصل، أمر لا يمكن له امتلاك أمر مروره هكذا بلا مساءلة. طبيعة النظام الانتقامية لم يحصل لها أن قد فوتت شيئاً مهماً، خصوصاً أن يأتي من «مكلف»، الانتقام هنا يكون مضاعفاً.
كل هذا طبيعي أن يحدث من نظام هو هكذا طوال 27 عاماً. الجديد في الأمر اكتسابه لخبرة تراكمية فعلتها الأيام والتجارب. الجديد تطوير وسائله العقابية لتصل حدود الشراكة الدولية، تحالفه مع أطراف خارجية لمواصلة هوايته الانتقامية ضد خصومه. قلنا هذا طبيعي ومتوقع من نظام كهذا.
المؤسف والمخجل في الأمر، فيما كان لنبيلة الزبير على وجه الخصوص، وهو ما نعلمه حتى الآن على الأقل. المخجل أن تتواطأ سفارة دولة عظمى شعارها واصل لحدود الارض ومكتوب على كراسات التلاميذ وبطاقات البريد. من المخجل والمؤسف أن تتحول السفارة الفرنسية إلى مكتب تابع لجهاز الأمن القومي، متناسية مهامها الاساسية. تفرغها لأمر معاقبة الادباء والكتاب، تقمصها هنا لمهام كان يفترض أن لا تقع في حدودها.
إضافة أخيرة:
ما يزال السيد مصطفى غيلان -الموظف السابق في السفارة الفرنسية- بعيداً عن أمر حصوله على حقوق ما يزيد على عشرة أعوام قضاها في خدمة المركز الثقافي الفرنسي إلى أن تعرض لاجراء فصل تعسفي من قبل ألان جولي الملحق الثقافي في السفارة. كنا في السابق عندما كتبنا هنا عن هذا الموضوع، كنا نعتقد أن سعادة السفير ألان مورو لم يكن يعلم بما يجري في أقسام سفارته وبالتالي لم يكن يعلم بما يحدث من ظلم للسيد مصطفى غيلان. اكتشفنا مؤخراً انه يدري.. ومن زمان.
---------
jimy