حينما يكذب الأستاذ

حينما يكذب الأستاذ - فوزي الجرادي

الأسبوع الماضي صدمني خبران مزعجان, بلغا درجة عالية من الصفاقة والكذب ما يعجز المرء عن وصفه:
الأول –مع الأسف– جاء على لسان مدير عام مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز، في سياق نفيه صحة خبر "إغلاق خمس مدارس أساسية بمديرية القاهرة" والذي سيؤدي –في حال تطبيقه– إلى تشريد نحو 4700 طالب. وبعد أن كذب الخبر في تصريح نشره موقع "المؤتمر نت" السبت الماضي، واصفا إياه بالخبر المزعوم، أكد أن القرار يقضي بإعادة توزيع طلاب الخمس المدارس على المدارس المجاورة وليس إغلاقها!
 أي وقاحة وجرأة على التزييف أكثر من هذا!؟ فما هو الفرق الجوهري بين إغلاق المدارس وتسريح طلابها؟ إن هذا تلاعب واضح بالألفاظ والعبارات ينم عن تدنٍّ أخلاقي مريع واستهتار بعقول الناس وضحك على ذقونهم عيني عينك.
المخجل أن المدير المذكور عوضا عن تسخير كافة الإمكانيات لبناء مدارس جديدة تساعد على امتصاص الكثافة الطلابية الكبيرة في مدارسها والتي بلغت أرقاما قياسية وبمعدل 100 طالب في الفصل الواحد، نراه هنا ولأهداف غير تربوية، يقرر إغلاق خمس مدارس قائمة، مضيفا 4700 طالب إلى قوام فصول مكتظة أصلاً بطلابها, الأمر الذي يعوق العملية التعليمية البالغة التدني.
المحزن أيضاَ أن الأستاذ التربوي المنشغل بتنفيذ التوجيهات الحزبية كرس معظم الخبر للدفاع عن الحزب الحاكم ونفي علاقته بالقرار. مبديا خشيته على سمعة المؤتمر أكثر من خوفه على آلاف الطلاب الذين سيقذف بهم إلى قارعة الطريق دونما سابق إنذار.
وهذا يجرنا للحديث عن الخبر الثاني والذي نفت فيه مصلحة الجوازات خبر احتجاز 77 نازحا أفريقيا في سجونها, وقالت إنها تحتجز إدارياً 59 نازحا فقط.
هؤلاء البؤساء معظمهم أشقاء صوماليين قذفت بهم ظروف الحرب إلى شواطئنا, ولا شك أنهم لن يفهموا لغة السلطة ومصطلحاتها التي جعلت من البدرومات القذرة والغرف الضيقة وغير الصالحة للاستخدام الحيواني ناهيك عن الإنساني روضة من رياض الجنة، ومن السجن وتقييد الحريات مجرد احتجاز "إداري" فقط.
وهنا نتذكر قصة الاعتداء على النائب الشجاع احمد سيف حاشد، عضو لجنة الحريات وحقوق الإنسان بمجلس النواب، أثناء زيارته الشهيرة لسجن الجوازات, وكيف بررت السلطة الاعتداء بأنه تم على خلفية زيارته للسجن بصفته الصحفية وليس النيابية, وكأن الصحفي مهدور الحقوق, والاعتداء عليه أمر مشروع وواجب وطني.
إن هذه التصريحات المستفزة بما تحويه من تبريرات شديدة الوقاحة تكشف عن حالة الغرور التي بلغتها السلطة في استباحة الحقوق وانتهاك الحريات, وحجم تسخيرهم السلطة والمال العام لتحقيق مصالحهم الشخصية والحزبية, غير مبالين بما تجلبه ممارساتهم اللاقانونية من أخطار محدقة بوحدة الوطن التي تتعرض للتهديد جراء تلك السياسات الشيطانية.
[email protected]