في ندوة لصحيفة «الخليج» الاماراتية: (2-2).. الانتخابات الرئاسية وحدت المعارضة لكنها عطلت كفاءة الإصلاح في المحليات

في ندوة لصحيفة «الخليج» الاماراتية: (2-2).. الانتخابات الرئاسية وحدت المعارضة لكنها عطلت كفاءة الإصلاح في المحليات

في الحلقة الماضية عرض المشاركون في الندوة للظروف والمحددات والمحفزات التي حكمت حركة الأحزاب السياسية قبل وأثناء الانتخابات والمحلية.
وفي هذه الحلقة تنشر «النداء» مقتطفات من الندوة تبحث خفوت ظاهرة العنف في الانتخابات الأخيرة وتركز على الحوار بين الحكم والمعارضة والتعديلات الدستورية.
 
- أدار الندوة: صادق ناشر -  أعدها للنشر: محمد الطويل

التعديلات الدستورية
> " الخليج ": أستاذ محمد أبو لحوم كان يوجد وعد من الرئيس بتقليص مدة الرئاسة من 7 إلى 5 سنوات، هل هذا الوعد ما زال قائما؟
< محمد أبو لحوم: هذا موجود في برنامج الرئيس والمؤتمر الشعبي العام، وهذا الوعد ما زال قائماً، وان شاء الله سيتم تحقيقه.
> " الخليج ": ماذا يعني ذلك؟
< محمد أبو لحوم: يعني تقليص الفترة إلى 5 سنوات.
> " الخليج ": ألا يعني ذلك التجديد للرئيس لعشر سنوات لاحقه؟
< محمد أبو لحوم: هذه الفترة الأخيرة تمتد إلى 2013، وعندما يأتي هذا العام علينا أن نقيم الجميع، لكن حسب مفهومنا هي تنتهي في عام 2013 ومن ثم يدخل التعديل ل 5 سنوات حيز التنفيذ.
> " الخليج ": هل قضية تعديل فترة الرئاسة من 7 إلى 5 سنوات يدخل ضمن الحوارات الجارية حالياً بين الأحزاب؟
< محمد الصبري: حسب الوثائق التي قدمها إخواننا في المؤتمر الشعبي العام في أول جلسة حوار، فإن مذكرة التعديلات أو الإصلاحات الدستورية تستهدف بدرجة رئيسية موضوع تطوير البرلمان أو نظام الغرفتين. لا أريد أن استبق الموقف حيال ما قدموه الأخوان في المؤتمر، لأننا لا نزال بحاجة لوضع المصفوفة الزمنية أو أن نسير وفق الضوابط التي تم الاتفاق عليها في الجلسة الثانية لمناقشة مثل هذا الموضوع.
الإصلاحات الدستورية أمر مهم جدا، بالنسبة للبلد وخصوصا بعد الانتخابات. الانتخابات كشفت للطرفين، لنا وللحزب الحاكم، عن كثير من المثالب ونقاط الضعف، والبنية العامة لمؤسسات الدولة تحتاج إلى مجموعة من الإصلاحات، الأخوان في المؤتمر قدروها بهذا الاتجاه، لكن لنا تقدير آخر، نتمنى أن يسير الحوار في هذه النقطة بروح مسؤولة ووطنية تستهدف المصلحة الوطنية بشكل كامل، هذا مبدأ نحن أقررناه كقاعدة للحوار.
المدة الزمنية للرئاسة مطروحة ضمن مشروعنا للإصلاح السياسي وكذا البرنامج الانتخابي للإخوان في المؤتمر. نحن نعتقد أن ما جرى من تعديل دستوري عام 2001 في هذا الاتجاه شكل إضراراً بالعملية الديمقراطية. شيء طيب أن يصل الحزب الحاكم وقيادته إلى إدراك هذا الخطأ الذي جرى في التعديلات الدستورية السابقة، وأن يطلبوا الحوار حول هذه القضية، أو أن يضعوه في برنامجهم الانتخابي.
نحن نقول إن أخواننا في المؤتمر الشعبي والسلطة والرئيس صالح لديهم روح القبول بالآخر والاهتمام بتطوير التجربة. هذا لا شك فيه، لكننا نختلف أحياناً معهم بشكل حاد حول النتيجة أو النقطة التي نريد أن نصل إليها وهي أنه لا يجب أن يفكر الحزب الحاكم، على أنه سيبقى دائما بالحكم، وأنا سمعت كلاماً طيباً من الأخ محمد ابو لحوم يقول انه يوجد اتجاه بالتفكير بان لا نبقى في الحكم باستمرار، نحن من واجبنا في المعارضة أن لا نتعامل مع ما يطرحه الحزب الحاكم، وكأننا في معارضة دائمة.
< سامي غالب: من الصعب فيما يتعلق بموضوع التعديلات الدستورية أن يدخل شخص في موضوع تقدير نوايا الرئيس صالح شخصيا. وهذا الأمر متعلق به وليس بما يقرره المؤتمر أو أية أطراف أخرى.
في اليمن من الواضح أن كلفة الاستحقاقات الانتخابية تتضاعف من استحقاق إلى آخر، إذا بدأنا من عام 1993 إلى 2006 وسرنا على مسطرة الزمن، فبالتأكيد سنلاحظ أن كلفة الانتخابات من الناحية المالية، ومن ناحية الدم والأعصاب، والصدامات في الميدان، تتزايد من استحقاق لآخر، وهذا أمر ضار بالعملية الانتخابية.
الدخول في استحقاق انتخابي من حيث هو موضع تباه ومفاخرة لدى الأطراف المختلفة، هو في الوقت نفسه مدعاة للقلق والتوجس لدى كل طرف، وهذا كان ظاهراً، على سبيل المثال، لدى الإصلاح في الانتخابات الرئاسية باعتباره الحزب الكبير داخل أحزاب المعارضة والحزب الذي لديه الجاهزية أكثر من حلفائه الآخرين داخل اللقاء المشترك، وكان لديه توجس كبير، واعتقد أن ذلك كان السبب الرئيسي في تلكؤ المعارضة في خوض الانتخابات (الرئاسية).
كان من الواضح أن الإصلاح قلق من هذه الانتخابات، تماما كما هو القلق عند الرئيس صالح أو المؤتمر الشعبي، في حين أن الأطراف الأخرى المؤيدة للرئيس صالح أو الأحزاب الأخرى داخل اللقاء المشترك، كانت أقل حساسية.
> " الخليج ": أثرت قضية مهمة تتعلق بكلفة الاستحقاقات الانتخابية، وجاء على ذكر قضية العنف في هذه الانتخابات، أنا اعتقد أن انتخابات 2006 خلت من أعمال العنف، مع أن كثيرين كانوا يتوقعون أن تكون أكثر دموية من الانتخابات الماضية، ألا تعتقد أن الناخبين والأحزاب السياسية وصلوا إلى درجة من الرشد في أهمية المنافسة السلمية والابتعاد عن العنف؟
< سامي غالب: هذه النقطة مهمة جدا، المعارضة وهي تدخل الانتخابات المحلية لم تكن في وارد التركيز عليها، أخذ منها الاستحقاق الرئاسي أكثر، هي تقول إن المحليات شكلية، أي ليس هناك حافز كبير لها أن تذهب لتسيطر على المحليات.
الكلفة كانت قائمة، سواء الكلفة المالية أو من حيث الأعصاب والجهد، وهناك أناس في المعتقل كما أشار الأستاذ الصبري، دخلوا المعتقل وحدثت صدامات، لكن ربما ضخامة الحدث وعدم مراهنة أحزاب المعارضة على الفوز، جعلها تتجنب المواجهة. أعتقد أن الكلفة بالعكس كانت قائمة ووَجدت إجراءات استباقية من المعارضة وإجراءات لاحقة منعت صدامات عنيفة وإلا كان ممكناً تحصل في أي مكان.
الإنتخابات المحلية
> " الخليج ": لماذا غاب العنف في الانتخابات برأيك إضافة إلى ما قاله الزميل سامي؟
< محمد أبو لحوم: العنف لا يوجد إلا عندما يكون هناك خلل، أو عندما يكون هناك تنافس غير شريف أو جاد، عندما تريد أن توجد أي مبررات تخلق لك أعذاراً كالعنف وغيره. لكن هذه المرة كانت هناك رقابة محلية ودولية. والأهم من هذا كله كانت هناك قناعة لدى المشترك والمؤتمر الشعبي والآخرين بأنه يجب علينا أن نُنجح هذه الانتخابات، فهي التي ستنقل اليمن النقلة التي نأملها جميعا.
> " الخليج ": أستاذ أبو لحوم عندما خاض المؤتمر الانتخابات الرئاسية كان في وارد حساباته ضم الإنتخابات المحلية، وهل خدمت الإنتخابات الرئاسية الإنتخابات المحلية؟
< محمد أبو لحوم: المؤتمر اشتغل في المحليات بشكل جاد وغير مسبوق لأننا كنا (نتوقع) أن يحصل المؤتمر فقط على 50 % أكثر أو أقل بقليل، ما دفع قيادات المؤتمر، ليس في صنعاء فقط بل في مختلف المحافظات، إلى تكثيف جهودهم والعمل، واعتقد أن العمل أثمر عن الفوز الذي حصل.
لا أحد ينكر أن الانتخابات الرئاسية خدمت الانتخابات المحلية، والشيء المساعد أيضا أن الكثير من الأخوان في المعارضة كانوا على ثقة بأنهم سيحصلون على نسبة معينة من المحليات، وفي تصوري أنهم لم يعملوا بما فيه الكفاية لتحقيق ذلك.
> " الخليج ": أستاذ الصبري، لماذا تراجعت المعارضة فعلا في حظوظها في الانتخابات المحلية رغم أنها تعتقد أنها المكسب الوحيد بعد الانتخابات الرئاسية؟
< محمد الصبري: المعارضة استطاعت في 26 نوفمبر 2005 أن تتفق على مشروعها للإصلاح السياسي والوطني. هذا المشروع خلق وعياً جديدا لدى أحزاب المعارضة في اللقاء المشترك بطريقة غير عادية وغير مسبوقة، لسبب بسيط، فهذه هي المرة الأولى التي استطاعت قيادات الأحزاب وقواعدها أن تدخل في الشغل الطبيعي للأحزاب، وهي هندسة الدولة ومعرفة الأنظمة والقوانين التي تديرها برامجنا الحزبية قبل هذا البرنامج اعتمدت على الطابع الأيديولوجي والعقائدي بدرجة رئيسية.
هذا المشروع أعطانا مؤشرات حقيقية أشار إليها الأخ سامي، وهي أن تقديرنا أن السلطة المحلية بقانونها الحالي الصلاحيات المحدودة الممنوحة لها، فضلاً عن التجربة السابقة لمن فاز فيها من المعارضة إن تحولت إلى عبء، ذلك كله أسهم في ألاَّ تكون للانتخابات (المحلية) تلك الأهمية المقدرة.
هذا الأمر الأول، أما الأمر الثاني فإن لحظة الإضطرار في اتخاذ القرار بالنسبة للمشاركة جاءت في وقت متأخر، وذلك أحدث إرباكاً في موضوع التنسيق بالنسبة للقاء المشترك. نحن أصدرنا اللائحة الفرعية المنظمة لأحزاب اللقاء المشترك في مايو 2006، أي قبل اتخاذ قرار المشاركة ب 20 يوماً. لم تتمكن أحزاب اللقاء المشترك من إنجاز تنسيق كامل، وهذا كان (مرصوداً) من الأخوان في الحزب الحاكم، وعندهم أدواتهم التي استخدموها في معرفة كل شيء. وكنت أحد شهود لحظة التنسيق في المحليات بخصوص المرشحين. تم التنسيق في 95% في قوائم اللقاء المشترك وحدث الاختلاف على 5% هذه ال 5% تدحرجت بعد ذلك، بسبب عدم وجود مؤسسات مكتملة على الصعيد الميداني، تدحرجت لتؤثر كثيرا على عملية التنسيق.
هناك أمر ثالث وهو الإرباك القانوني، الناس بطبيعتهم بحسب الثقافة العامة، عندهم فكرة تقييمية سلبية عن الأحزاب، الأحزاب تؤدي إلى الصراع وغيره، حين جاء اللقاء المشترك الناس استقبلونا بروح داعمة، اللقاء ظاهرة وطنية جيدة، تزيل الصراع بين الأحزاب، حين نزلنا الانتخابات بالقوائم المحلية، والقانون يمنع أن تُنزل مرشحك تحت شعار اللقاء المشترك، لابد أن تُنزله باسم الحزب الذي ينتمي إليه المرشح. حين اتفقنا في التنسيق على أن للقاء المشترك مرشح للمحليات من حزب الإصلاح في الدائرة المحلية، لا تذهب إلى لجنة الانتخابات لتسجله باسم اللقاء المشترك بل تسجله باسم الإصلاح وشعاره، حدث نتيجة الفترة الزمنية، المطبوعات الملصقات، أننا اختلفنا في الميدان فنزل مرشحونا بنفس التسمية دون شعار المشترك.
نسبة التصويت وحجم الأصوات التي حصل عليها مرشحو المشترك لمجالس المحافظات كانت 3 أضعاف نسبة الأصوات التي حصلنا عليها في المقاعد المحلية للمديريات لأن صورة اللقاء المشترك كانت لمرشحي المحافظات أكثر وضوحاً وتجسيداً وحركة.
< سامي غالب (متدخلاً): حول ما قاله الأخ محمد الصبري في موضوع كيف عمل المؤتمر الشعبي للانتخابات المحلية، اعتقد أني اتفق معه. المسألة معقدة لاسباب تتفاوت من مكان إلى آخر، لكن الشيء الظاهر أن المؤتمر الشعبي اشتغل بشكل أفضل بكثير من المعارضة على الانتخابات المحلية. أنا من تجربة شخصية في الحي الذي أسكنه لاحظت كفاءة في إدارة الإنتخابات من قبل المؤتمر الشعبي أكثر من المعارضة، الموضوع ليس فقط استخدام سلطة أو إمكانياتها، في بعض المناطق كانت هناك دافعية عالية جدا لدى أعضاء في المؤتمر الشعبي، وحتى لدى ناس ليسوا مع المعارضة، في الشغل لصالح مرشحي المؤتمر.
طبعا هناك أسباب تاريخية لهذا الموضوع وسبب رئيسي يتعلق بالإصلاح، كان الإصلاح في الماضي يخوض الانتخابات على مقاعد برلمانية أو محلية وهو ضمنا متحالف مع الرئيس صالح، هذه المرة خاض الانتخابات وحلفاؤه، وهو على موقع النقيض للرئيس صالح، وهذا خسره جزءاً من قاعدته الشعبية.
في موضوع المعارضة وكيف نسقت في المحليات، كان فيصل بن شملان عاملاً محورياً في الحملة الانتخابية الرئاسية ساعدهم أن يتوحدوا أكثر، وهناك سبب آخر أنهم متسامحون في موضوع من يكون مرشحهم للرئاسة، لأن الأصل أن الأحزاب تقدم زعمائها، وهذه النقطة اشتغل عليها المؤتمر الشعبي في حملته (الدعائية) ضدهم بطرق أو بأخرى.
جاء فيصل بن شملان للانتخابات باعتبار أن هناك حالة من الزهد لدى الأحزاب السياسية بالرئاسة، سببها أنه لا توجد إمكانية للفوز، لذلك حصل نوع من التوحد حول بن شملان.
في الانتخابات المحلية هناك أوزان للأحزاب وفرصة الفوز قائمة في مجالس المحافظات والمديريات، ولذلك كان هناك شغل على التكتيكات والمناورات الحزبية، والتطلعات المتعلقة بكل حزب كانت حاضرة بقوة، وهذا حصل في أكثر من محافظة.
كان من الواضح أن حزب الإصلاح هو الأكثر جاهزية وحصل لدى حلفائه نوع من التسليم بأمر واقع، وهذا حصل أيضا في موضوع المرأة، واعتقد هذه النقطة كانت مؤثرة للغاية على حملة المعارضة في المحليات صبَّت في لصالح المؤتمر الشعبي. هناك حزب إسلامي داخل اللقاء المشترك حلفاؤه تفهموا هواجسه، حتى لأسباب داخلية تتعلق بحملة الإصلاح الانتخابية، هناك أجنحة داخل الإصلاح ضد ترشيح المرأة، وهذا انعكس في تصويت المرأة لصالح المؤتمر الشعبي.
النقطة الجوهرية التي لا تقال دائما أن الانتخابات العامة في اليمن منذ 1993 ارتبطت بزيادة قدرة حصد الأصوات لدى المؤتمر. عندما أقرأ خارطة توزيع الأصوات من 1993 حتى 2003، ألاحظ وجود خط صاعد لأصوات المؤتمر، ليس فقط في مقاعد المؤتمر التي يحصل عليها في النيابية والمحليات ولكن أيضاً في عدد الأصوات، في 93 حصل على قرابة 28% من الأصوات، وواصل الصعود إلى 40% إلى 50% ثم إلى 60%، كما في أخر انتخابات نيابية. هذا الخط استمر في صعوده في الانتخابات المحلية الأخيرة.
< محمد أبو لحوم: عندي إضافة بسيطة، بالنسبة للمحليات المشكلة أن الأخوان في المعارضة لم يستوعبوا الفكرة بأن المؤتمر تغير، المؤتمر الشعبي من مؤتمره السابع لديه رؤى جديدة داخله، المؤتمر لأول مرة يركز على حسن اختيار (الأشخاص) الذين رشحهم للمحليات، كان هناك شغل جاد وصريح داخل المؤتمر وحصل الكثير من الخلاف لسبب الحرص على حسن اختيار بعض المرشحين لكثير من المناطق، وحاولنا أن نتجاوز هذا.
في انتخابات 2006 كان هناك عمل مؤسسي جاد داخل المؤتمر، في هذه الانتخابات لم يذهب إلى مقر المؤتمر الشعبي أي واحد لكي يراجع ليترشح، كانت هناك شروطاً وضوابطاً سرنا عليها.
واعتقد أن المصداقية لدى المؤتمر، سواء حسن الاختيار أو في ترشيح المرأة، انعكست في النتائج واتفق مع الأخ سامي بأن المؤتمر تحسن برغم عدم اعتراف الآخرين بهذا الجانب، ولكن كل ما يهم هي العلاقة المباشرة بين المؤتمر والمواطن، مع تأكيدي بأن ليس كل من صوَّت لصالح المؤتمر (عفواً) في المؤتمر، أغلبية المواطنين ليسوا في المؤتمر وليسوا في المشترك، وهنا يأتي التركيز في أية انتخابات على هذه النسبة العالية من المواطنين الذين ليسوا هنا أو هناك.
الحوار السياسي
> " الخليج ": من فرض الحوار الأخير برأيكم المعارضة أو الحزب الحاكم؟
< سامي غالب: لا أعرف بالضبط الدوافع التي أمْلَت البدء في الحوار في هذه اللحظة، لكن في البرنامج الانتخابي للرئيس صالح توجد جملة مطالب المعارضة بشكل أو بآخر معنية بها، سواء الحديث في موضوع الإصلاحات الدستورية، تقليص الفترة الدستورية للرئاسة والإصلاحات الأخرى.
اعتقد أن التوقيت لم يكن مناسباً ولا الأسلوب ولا البيئة. أولا هناك حرب قائمة في صعدة، وهناك حل لحزب سياسي من أحزاب اللقاء المشترك وأنا استغرب كيف أن هذه النقطة محيَّدة، ربما هناك تفاهم بين المؤتمر والمشترك على حل هذه القضية لاحقا، وهذا لا يعني تواطؤا. وهناك أيضا خطاب إعلامي حاد بين الجانبين له علاقة بحرب صعدة (أو من توابع) الانتخابات الرئاسية.
> " الخليج ": أستاذ محمد أبو لحوم هل الوقت مناسب للحوار وما هي فرص نجاحه؟
< محمد أبو لحوم: تعرف أن الشيء المحير هو أن المؤتمر عندما يقدم على الحوار تُثار علامات استفهام، وعندما يفوز المؤتمر تظهر علامات استفهام بشأن أجهزة الدولة، لكن نحن دائما نتقبل هذه الأشياء بصدر رحب.
الشيء الذي أتمناه من الأخوان في المعارضة، بدلا من أن تكون معارضة موسمية أو مؤقتة (هو) أن تكون معارضة جادة تحث المؤتمر على الحركة والعمل، معارضة عقلانية يكون لها صدى في الشارع أساسا.
نحن نقر بوجود اختلالات ونتفق بأنه لابد من الكثير من الإصلاحات ونتعاون عليها، وأنا واثق كل الثقة أن الأخوة في المشترك ستكون لديهم القناعة، كما المؤتمر، في إنجاح هذا الحوار.
> " الخليج ": كيف تفسر آلية الحوار القائم الآن، في الداخل أريحية بين المتحاورين وفي الخارج شحن زائد، وعلى مستوى الإعلام هناك حدية في الخطاب بين الطرفين؟
< محمد أبو لحوم: هناك بعض الإخوان في المؤتمر والمشترك من يعجبهم إثارة المواضيع والمواقف، واعتقد هؤلاء هم الأصوات المرتفعة، ولكن هذه الأصوات مع الوقت ستنخفض.
> " الخليج ": ما تعليق المعارضة على الموضوع؟
< محمد الصبري: حدة الخطاب أمر طبيعي جدا، لأننا سلمنا من البداية أن البلد تعيش حالة فرز لكتلتين سياسيتين، كل يبلور اهتماماته وقضاياه سواء بالانتخابات أو غير الانتخابات، وطبيعي ان تظهر في إطار هذا التوازن الجديد الذي خلق على الصعيد السياسي كثير من الاعتراضات والمطالب والهموم، لكن سيكون من الغريب جدا أن تركز على دعوة المؤتمر للحوار فقط ولا تعطي قيمة أيضا لاستجابة المعارضة للحوار، برائي هناك خطوتان إيجابيتان أنت إذا دعوت إلى الحوار قدمت خطوة إيجابية واستجابتي خطوة إيجابية أيضا.
توصلنا إلى 3 قضايا: الأولى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، سواء اتفاق المبادئ أو توصيات الاتحاد الأوروبي، لسبب بسيط نحن لا نستطيع أن نبني جسور ثقة فيما بيننا ما لم نطرق ما اتفقنا عليه ولماذا لم ينفذ. كيف استطيع أن اطمئن إلى طرف يمتلك كل الإمكانيات وعنده قدرة على لخبطة جداول الاهتمام العام وليس فقط الاهتمام الحزبي، وأنا لم أصل إلى درجة من الثقة تجاه ما تم الاستعداد للقبول بما تم الاتفاق عليه؛ الثانية هي الإصلاحات الدستورية، وهذه ليست هماً مؤتمري وإنما هم للمشترك موجود في مشروعه وبرنامجه؛ الثالثة وهي تطوير السلطة والانتخابات المحلية وهي هم مشترك للجميع، وهناك قضايا أخرى طرحناها على طاولة الحوار تتعلق بالوضع المعيشي للناس وحرية الصحافة والتعبير وغيرها من القضايا المهمة الموجودة في أجندة أحزاب اللقاء المشترك.
سامي غالب (متداخلاً): في الأساس هي مسألة إدراك، لأنه ممكن أن تدعو إلى حوار وترتب له (كل) هذه الأمور وتخرج بلا شيء، نحن الآن في لحظة مهمة للغاية، أخشى أن نكون قد وصلنا إلى مجرد استحقاقات انتخابية دورية لا تأتي بجديد، وهذا يترتب عليه شيء خطير جدا على العملية السياسية.
صحيح أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة عملت شيئاً من الزخم، لكن رأينا ما حصل في المحليات، والأمر الخطير أنه يوجد قرار حل لحزب سياسي، وهذا لا ينفي أن هذه الأحزاب عليها الكثير من المثالب بما فيها أحزاب كبيرة وليس حزب الحق فقط.
لهذا ينبغي أن يتركز الحوار حول البحث عن مخرج لضخ وقود للعربة الديمقراطية، لأن الخطر المترتب على عدم إدراك هذه المسائل العامة (يتمثل في استفحال) استقطابات ما قبل وطنية. الانتخابات الرئاسية وهي استحقاق ديمقراطي وعصري أنصبت أهميته في نوع من الاندماج الوطني وهذا شيء مهم، ولكن في المقابل عدم وجود ثمار حقيقية ملموسة لدى المواطن من الاستحقاقات الانتخابية، يكرس أو يغذي استقطابات ما قبل وطنية، وهذه حاصلة على سبيل المثال في صعدة. في صعدة وفقا للنتائج الرسمية، الرئيس صالح حاز على أكثر من 95% من الأصوات، والآن هناك حرب طاحنة، وربما تكون ممتدة ولا تحسم في ظرف أسابيع.
< محمد الصبري: نحن فوجئنا بقرار حل حزب الحق والآليات التي اتخذ على أساسها. سبق هذا القرار شتائم من لجنة الأحزاب ورئيسها لكن لم نكن نتوقع أن السقف سيصل إلى هذا الحل.
القرار اتخذ يوم السبت والدعوة إلى الحوار السياسي كانت يوم الأحد، اعتقد علينا مسؤولية في اللقاء المشترك، نحن مسؤولون مسؤولية لوائحية ونظامية وقانونية بان ندافع عن الأحزاب كفكرة وقانون ودستور، ونحن يومها اتخذنا قراراً بأن لا نذهب إلى الجلسة الأولى للحوار التي دعا إليها المؤتمر، ما لم نستوضح ما الذي جرى ولن نستوضح من الحزب الحاكم، بل عن طريق مؤسسات دستورية وقانونية، وقد ذهب أمناء عموم الأحزاب والتقوا برئيس الوزراء عبدالقادر باجمال، حينها، وطرحوا عليه هذا الموضوع، ما الذي تريدونه تحديدا، أنت تلبس قبعتين، قبعة رئيس الحكومة وقبعة أمين عام المؤتمر الشعبي، كيف لنا أن نتحدث عن حوار حزبي وأنتم تحلون الأحزاب؛ فقانون الأحزاب والتنظيمات السياسية المادة لا يوجد فيه نص يعطي لا للجنة ولا لأي طرف أن يحل الحزب، هناك طرفان معنيان بحل الأحزاب في القانون، الحزب، بمؤسساته ونظامه الداخلي، والقضاء.
باجمال أعطى كلاماً مسؤولاً حينها أمام أمناء عموم أحزاب اللقاء المشترك (فحواه) أن هذا القرار مخالف للقانون ونحن نرفضه ولن نتعامل معه وسننظر بهذا الموضوع، وعلى الأخوة في حزب الحق أن يتقدموا بالمذكرات والوثائق التي قدموها إلى لجنة الأحزاب وأنا سأستلمها كرئيس حكومة.
مستقبل الحياة السياسية
> " الخليج ": لدي سؤال أخير يتعلق بمستقبل الحياة السياسية في اليمن كيف ينظر كل واحد منكم إلى هذا المستقبل؟
< محمد الصبري: مستقبل الحياة السياسية تحدده إرادة الأحزاب وإرادة السياسة العامة في البلد، أنا متفائل طالما هناك خطاً صاعداً في الحياة الحزبية رغم كل هذه المناخات والظروف التي نشهدها، الانتخابات خط صاعد وكذلك الحوار السياسي، لكن عندنا مشكلة في منتهى الخطورة هي التي قد تهدد الحياة السياسية والديمقراطية بشكل كامل، ألا وهي العنف الذي يجري على أرض الواقع، باعتبار أن ما يجري اليوم في صعدة بطريقة أو بأخرى لا يمكن أن نسميه صراعاً دينياً، بالأساس طابعه سياسي، والأمر الثاني هو الوضع الاقتصادي المتدهور، والمستوى المعيشي للناس، هذه الأرضية تبنى عليها مستقبل أي عمل سياسي سلمي أو تعددي.
محمد أبو لحوم: اتفق مع الأستاذ الصبري حول التفاؤل بان اليمن إن شاء الله قادمة علي الخير، ولكن هذا لا يعني فقط أن نتفاءل، بل علينا أن نعمل بجد، والعبء الأكبر يقع على المؤتمر الحائز على الأغلبية، وعلينا أن نتعاون مع كافة القوى السياسية لتعزيز هذه التجربة، وهناك قضايا تمس حياة المواطن علينا أن نتعامل معها بجدية وبصراحة.
سامي غالب: أحزاب المعارضة مطالبة أساسا بإعادة تأهيل نفسها للديمقراطية، وينبغي على المعارضة والمؤتمر الشعبي أن يراعيا الأطراف الأخرى عند الحوار.
> " الخليج ": شكراً جزيلاً للجميع للمشاركة في هذه الندوة.