تجاهل الحرب في صعدة وتعدد الإعلام المرئي في برنامج الرئيس.. جدل ساخن ينتظر برنامج مجوَّر في البرلمان

تجاهل الحرب في صعدة وتعدد الإعلام المرئي في برنامج الرئيس.. جدل ساخن ينتظر برنامج مجوَّر في البرلمان

بثلاث سيارات نوع «لاند كروزر» وحراسة أقل مما كانت لسلف دلف الدكتور علي مجور إلى مجلس النواب، وأخذ يصافح من كانوا أمامه وهم في الغالب من الصحفيين لأن المجلس كان قد بدأ بمناقشة موضوع برنامج الحكومة قبل وصوله.
كان الوزراء قد اخذوا مقاعدهم في قلب قاعة المجلس منذ وقت مبكر، وكان الجزء الغربي من قاعة المجلس خالياً من اي نائب؛ إذ أن الجلسة كرست للإستماع إلى البيان الحكومي لا للتصويت عليه حيث سيتطلب الأخير حشد وإلزام نواب الأغلبية بالحضور لأداء هذه المهمة.
يحيى الراعي، نائب رئيس المجلس، كان وحيداً في المنصة إذ أن زميليه، د. عبدالوهاب محمود، وجعفر باصالح غائبان عند دخول رئيس الوزراء، الذي جوبه بنقاش حاد بين رئاسة الجلسة والنائبين الذماريين عبدالرزاق الهجري وعبدالعزيز جباري؛ بسبب عدم إرفاق إقرارات الذمة المالية للوزراء ببرنامج الحكومة.
كان الهجري وجباري مستميتين في ضرورة إلزام الحكومة بتطبيق نص المادة (153) من الدستور التي تنص على ضرورة أن يقدم البيان الحكومي مشفوعاً بإقرارات الذمة المالية للوزراء، لكن ذلك لم ينفع أمام محاولات الراعي (وهو بالمناسبة ذماري أيضاً).
ادعاء الذكاء والقول بأن النواب مطالبون بإقرارات الذمة المالية ولا يحق لهم ان يحاسبوا الغير، لكن الهجري الذي ظهر متربصاً بمحاولة رئيس الجلسة إلهاء النواب عن هذا المطلب رد بأن المجلس معني باستلام الإقرارات وتسلمها إلى هيئة مكافحة الفساد.
انتهى الجدل مع دعوة د/ مجود لإلقاء بيان حكومته الذي جاء خالياً من المفردات الرنانة التي كانت تكتب بها بيانات وخطب رئيس الحكومة السابق عبدالقادر باجمال لكنه حوصر بالبرنامج الانتخابي للرئيس علي عبدالله صالح.
وغابت عنه التزامات نواب الحزب الحاكم في البرنامج الانتخابي الذي قدموه لناخبيهم، وإذا كان عدد قليل جداً من الصحفيين قد تمكنوا من تجاوز الحواجز العسكرية التي لا تعرف لغة التفاهم ولا تقدر إلا من يصل وبرفقته عدد من المرافقين المدججين بالسلاح، إلا أن الدهشة سيدة الموقف عند الحصول على نسخة من البرنامج.
صعدة والحرب الطاحنة فيها ليست من اختصاص الحكومة ولا هي مسؤولة عنها، هذه هي الأولى. الثانية أن البرنامج كان توليفة من تصورات الوزارات ولم تكن انعكاس لدراسة معمقة حول الوعود والإمكانات المتاحة لتنفيذها إلا في الجانب السياسي؛ اذ أنه لا يحتاج إلى موازنات.
وعد برفع مستوى الإلتحاق بالتعليم إلى 86٪_ مع أن النسبة لا تتجاوز الآن 65٪_ ونسبة التسرب من التعليم تصل إلى نسبة 50٪_. في مجال الطاقة وعدت الحكومة برفع معدل انتاج الكهرباء إلى 900 ميجا، مع أنها تقر في ذات البرنامج أن المحطة الغازية في مأرب لا تزيد قدرتها عن 400 ميجا، وهكذا يواصل البرنامج الحديث عن رفع المستوى المعيشي، وعن الاهتمام بالإستثمار وبالمغتربين، لكنه لا يقدم إيضاحات عن كيفية تحقيق هذه القضايا.
البرنامج كان واقعياً في الشق السياسي اذ أعلن تبني الحكومة لإجراء تعديلات دستورية «محدودة» في ضوء ما وعد به البرنامج الإنتخابي للرئيس، وأكد دعم الحكومة للحوار السياسي القائم الآن بين الحزب الحاكم والمعارضة، وتعديل النظام الانتخابي، ودعم إستقلالية اللجنة العليا للإنتخابات، وأعاد التأكيد على فقرة كانت الحكومة السابقة قد ضمنتها في برنامجها وتخص دعم الحياة الحزبية وتماسك الأحزاب مع أن ذلك ليس من اختصاصها.
 في جانب الحريات العامة أعادت الحكومة التأكيد على أنها ستدعم الحريات وتعزز منها، غير أنها لم تشر إلى إجراءات عملية في هذا الجانب عدا القول إنها ستعمل على إصدار قانون جديد للصحافة يعزز من الحريات ويوسعها، في حين أن المشروع المقدم من وزير الإعلام السابق (الحالي) لا يشير إلى ذلك إطلاقاً، بل إنه اكثر تقييداً للحريات من القانون المعمول به حالياً.
الحكومة بشرت بتحويل القناة الثانية إلى قناة فضائية، وافتتاح قناة أخرى للشباب والتعليم، بشرت ايضاً بدراسة إنشاء اذاعة للقرآن الكريم و تعميم تجربة الاذاعات المحلية، ولكنها تجاهلت ما وعد به الرئيس أثناء الانتخابات الرئاسية من أنه سيسمح بامتلاك محطات تلفزونية غير سياسية، كما لم تشر إلى المطالب المحلية والدولية بالسماح للأفراد والجماعات بامتلاك محطات إذاعية وتلفزيونية.
رئيس الوزراء الذي ظهر واثقاً من أن النواب لن يقسوا عليه حدد عمر حكومته بعامين تبدأ من الآن وتنتهي في العام 2009م بعد الانتخابات النيابية، وتجنب التعليق أو الرد على أي حديث للنواب أثناء قراءة البيان الحكومي على عكس ماكان عليه رئيس الوزراء السابق.
وكان لافتاً غياب الأوراق التي عادة ما يحرص كثير من النواب على تقديمها لرئيس الحكومة، ووزير المالية، ووزير الخدمة المدنية. في مثل هذه الجلسات للظفر بتوجيه إيجابي منهم على مطالبهم، إلا أن الامر يحتاج للتريث؛ اذ أن جلسة التصويت التي يُنتظر أن تتم الخميس قد تعيد تذكيرنا بتلك المشاهد.
الكتلة النيابية، وكما هو متوقع، اعلنت مواقف مختلفة من البرنامج الذي تبدأ اليوم مناقشته، حيث أعلنت الكتلة البرلمانية لإصلاح تحفظها عليه، وقالت أنه انشائي وغير محدد بأزمنة. وقال رئيس الكتلة عبدالرحمن بافضل أنه يتحدى الحكومة أن تعيد الأسعار إلى ما كانت عليه قبل الانتخابات الرئاسية.
أما سلطان البركاني، رئيس كتلة الحزب الحاكم فقد رأى في سرعة انجاز الحكومة لبرنامجها مؤشراً لقدرتها على تنفيذه عملياً.