جلسة استماع لمصابي محرقة «خميس مشيط» السعودية.. الضحايا: «نشتي حقنا... »

جلسة استماع لمصابي محرقة «خميس مشيط» السعودية.. الضحايا: «نشتي حقنا...»

جمال جبران
"اخرجوا يا كلاب!". قالها رجال أمن سعوديون بعد أن قاموا بالتضييق على 18 يمنياً بداخل حفرة مغطاة بالقش. "اخرجوا يا كلاب!". قالوها والنار تأكل في القش الموجود على فوهة الحفرة. "اخرجوا يا كلاب!" فيما النيران تفعل نزهتها بداخل الحفرة وعلى أجساد "الصيد الثمين". "اخرجوا يا كلاب!" فيما الجنود يرقصون قبالة الحفرة مطلقين رصاصهم في الهواء، ليقع الضحايا محشورين بين نار الحفرة ورصاص الجنود. من يبقى يحترق ومن يخرج سيكون الرصاص في استقباله.
هذا بعض مما جاء في جلسة الاستماع ل13 مصابا يمنياً في "محرقة خميس مشيط" مفتتح شهر أبريل الفائت، وهي جلسة الاستماع التي نظمتها "الحملة المدنية لمناصرة ضحايا خميس مشيط في السعودية" صباح أمس الأول بصنعاء، والتي تحولت إلى محاكمة علنية للجناة وللمتواطئين معهم.
أجمع المصابون على شكرهم للرئيس لمبلغ الأربعة ملايين ريال التي قدمها من طرفه على سبيل المساعدة. "لكن هذا المبلغ لا يكفي قيمة علاج" قال علي بكاري (23 سنة) أحد المصابين في المحرقة. لكنهم أكدوا على حقهم في أن يعترف الجناة الحقيقيون بفعلتهم. "نشتي حقنا" قال درويش سلوم (30 سنة).
جاء في روايتهم للحادثة أنهم كانوا جالسين يشربون الشاي قرابة الرابعة عصرا، إلى أن جاء الجنود، مما اضطرهم للهروب إلى حفرة مغطاة بالقش، "فجلسوا (الجنود) يلفوا حول الحفرة ويقولوا: اخرجوا يا كلاب! وبعدها ما شمينا إلا رائحة الدخان، فخرجنا من الحفرة، فاستقبلونا بالرصاص" قال الضحايا، مضيفين: "خرجنا نبكي ونقول لهم: حرام عليكم، أنقذونا! لكنهم حشرونا في سيارة إسعاف ونحن محروقين نصيح".
"الخضر (20 عاما، حالة خطرة: احتراق شبه كامل) كان عريانا بلا ملابس" قال درويش سلوم مؤكدا أنه "لو كان في علاج صح كنا سنتحسن خلال أسبوع؛ لكنهم عاملونا زيما يتعاملوا مع كلابـ".
بعد ذلك أرغموهم على كتابة تنازلات. "وقعوا والا با نخليكم هنا إلين تتعفنوا" قال الجنود السعوديون. هددوهم بالسجن في مكان لا يرون فيه الشمس في حالة إذا قالوا إن الأمن السعودي هو من أحرقهم وهذا قبل أن يبدأوا بعلاجهم في مستشفى سعودي "لسه مفتوح جديد" وقالوا لهم: ما لكم أي شيء عندنا. وحطونا في غرفة مترين في مترين بلا تهوية ولا شربـ". هذا في حين كانت الجروح تسيل.
"أول مرة أخش محرقة" قال علي بكاري، مؤكدا أن أحد الجنود قال له: "روح يا يماني يا معفن"، راجيا بقوة دخول اليمن مجلس التعاون الخليجي، وهذا حتى "نتوقف عن أن نكون عبيدا" قال بكاري.
وفي الجلسة ذاتها استمع الحاضرون لمداخلات من قبل شخصيات منتمية لمنظمات المجتمع المدني، حيث وصفت أمل الباشا رئيسة منتدى الشقائق العربي، المحرقة التي تعرض لها ال18 شابا يمنيا بـ"محرقة الهولوكوست الإسلامي"، مؤكدة أن هذا الفعل "عمل إجرامي". وقالت إن "هذا العمل من أعمال المنكر التي ترتكبها الشقيقة السعودية التي تحاول أن تصدر لنا هيئات لمكافحة المنكر"، مضيفة أن "هناك منكر أكبر من الذي استمعنا إليه".
واختتمت الباشا مداخلتها قائلة: بـ"انتهاكات بلادنا نفسها بتضييق الخناق على الشباب وانعدام فرص العمل والأمل، ولذلك كان الهروب من محرقة اليمن إلى محرقة الشقيقة الكبرى. ولا بد من إدانة النظام في اليمن الذي فشل في إدارة البرامج التنموية وفشل في إيجاد فرص حياة للشباب وفشل في إيجاد الامن والامان وفشل في إيجاد حالة من السلام".
إلى ذلك طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في وقت سابق من هذا الشهر السلطات السعودية بفتح تحقيق مع ضباط شرطة خميس مشيط الذين (يقال إنهم) قاموا بإضرام حريق في موقع كان يختبئ فيه مهاجرون يمنيون وأدى إلى إصابة 8 منهم بحروق خطيرة. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "الادعاءات بأن الشرطة السعودية تعمدت إحراق الملجأ الذي كان يحتمي فيه المهاجرون اليمنيون هي ادعاءات مروعة وتكشف عن استخفاف كلي بحياة الانسان، ويبدو أن المسؤولين السعوديين مهتمين بحماية ضباط الشرطة أكثر من اهتمامهم باكتشاف حقيقة ما جرى والذي لا يتم إلا من خلال البدء بتحقيق يحظى بمصداقية".