الرئيس وصفه بـ«الناصح الأمين» والحوثي بالمدافع عن الفكر الزيدي.. رحيل مجد الدين المؤيدي أبرز علماء اليمن والجزيرة

توفي أمس العلامة مجد الدين المؤيدي أحد أبرز علماء الزيدية في اليمن، عن عمر ناهز ال96عاماً.
عُرف المؤيدي بنبوغه المبكر، إذ بلغ مرتبة الاجتهاد في صباه، وذاع صيته في اليمن والجزيرة العربية، كما درَّس في الحرم المكي والطائف، وأوصى الملك السعودي الراحل فيصل بن عبدالعزيز باعتماد فتاواه في السعودية.
اشتهر باعتداله وانفتاحه على المذاهب الأخرى، واحتجاجه بكتب أئمة المذاهب في اجتهاداته. وعلى الرغم من موقفه المتحفظ مما تبثه الإذاعة في حقبة الإمام أحمد، والذي أورده في رسالة إلى الإمام تعرِّض بالتبديع، فإنه مال إلى الاعتدال والانفتاح لاحقاً، كما في موقفه من التصوير. ونقل أحد معارفه عن أسرته موقفاً معتدلاً للمؤيدي حيال تصوير الإمام علي بن أبي طالب.
وكان كتابه الأخير عن «الحج والعمرة» واجه تعقيدات في السعودية نهاية التسعينات حيث سحب من التداول، لكن المسؤولين في دار الإفتاء بالسعودية سمحوا لاحقاً بتداول الكتاب بعدما التقوا بصاحبه.
ويكتسي رحيل مجد الدين المؤيدي، بدلالات عديدة، إذ يأتي في ظل استمرار الغموض حول مآل اتفاق حل أزمة الحرب في صعدة، علماً بأنه التزم الاعتزال حيال مجريات الأزمة هناك منذ اندلاعها قبل 3 أعوام.
وحسب مصادر خاصة، فإن المؤيدي لم يكن مرحباً بقيام تنظيم الشباب المؤمن، ما دفع بعضهم الى التقليل من شأنه، والالتصاق أكثر بمجايله العلامة بدر الدين الحوثي الأنزع إلى الحركية الميدانية. على أن الرجلين ساهما في تأسيس حزب الحق مطلع التسعينات، وقد رأس المؤيدي الهيئة العليا للحزب.
على الرغم من مكانته المركزية عند أتباع المذهب الزيدي، فقد تمتع بثقة أتباع المذاهب الأخرى. فإلى مكانته العلمية في السعودية، حظي بتوقير أعلام الصوفية، ولم يتوانى الحركيون الإسلاميون في استفتائه، ومنهم الشيخ عبدالمجيد الزنداني في بداياته.
وطبق مصادر «النداء»، فإن المؤيدي ظل على الدوام محط احترام الرئيس علي عبدالله صالح الذي وصفه في برقية عزاء بعثها أمس لأسرته بالعالم الزاهد والمجتهد والبصير والناجح الأمين الذي «كان مثالاً للعالم المعتدل والمستنير الذي ينبذ التطرف والإرهاب والعنف والعصبية».
ونعى عبدالملك الحوثي الراحل الكبير، ووصفه في تصريح لـ«النداء» بالعالم الكبير «صاحب الاسهامات المهمة في نشر العلم والدفاع عن الفكر الزيدي». وقال: «للعلامة تركة هامة وإرث مهم يتمثل في كتبه القيمة وغيرها من المآثر الخالدة» وإذ أسف للاضطهاد الفكري الذي يعاني منه الزيدية، والتهميش لإسهامات أعلام الفكر الزيدي في وسائل الاعلام ومناهج التعليم في المدارس، أمل أن تنفتح المؤسسات التربوية والإعلامية لكل التيارات الفكرية، وتكف عن الانحياز لتيار دون آخر، أو توظيف التنوع المذهبي والفكري في صراعات غير مشرفة.
ومعلوم أن المؤيدي رفض في فبراير الماضي مغادرة مدينة ضحيان تلبية لطلب من الحكومة، ليتسنى للقوات الحكومية دهم أو قصف المدينة، حرصاً على حياته. وقد رهن مغادرته بمعاملة غيره من الأهالي بالمثل. وقد أمضى شهوره الأخيرة في مدينة صعدة حيث وافاه الأجل.
ونقلت مصادر «النداء» عن الرئيس صالح قوله أنه لا يجد غضاضة في مناداة المؤيدي بسيدي. ولفتت إلى لقاء جمع الرجلين عام 1997، بعدما أشيع أن العلامة الراحل يتلقى البيعة بإمامته من أتباع المذهب الزيدي. وفي اللقاء اعتذر المؤيدي عن عدم قبول عرض من الرئيس بمنحه درجة قضائية عليا، قائلاً: «لقد عصمني الله إلى اليوم من (العمل في القضاء).
وفي السنوات الأخيرة تردت صحة «أبو الحسنين»، وهذه كنيته إذ أسمى اثنين من أبنائه بالحسن والحسين. وأدت حالته إلى ابتعاده عن الحياة العامة. وذكرت المصادر أنه فقد القدرة على الكلام بسبب توعك حباله الصوتية.